طباعة
المجموعة: حوارات
الزيارات: 1871

hashim hassanعميد كلية الاعلام في جامعة بغداد

 

الدكتور هاشم حسن: كي لا اتلوث بعار تدمير العراق!

بانوراما / خاص

اجرى الحوار رعد اليوسف/ الدنماركraad yousif

لم اشعر بمرارة أشد ووجع اكبر، من ذلك الذي اعتصر قلبي.. وأنا استمع الى الزميل هاشم حسن، واشاهد بركانه كيف يتشظى، قهرا.. وحزنا على وطن يضيع.. وشعب تتآكل قيمه.. وتتحطم آماله، وتضعف ثقته بالمستقبل!

هاشم حسن الصحفي الجرىء، والصديق الصادق لاكثر من ربع قرن.. قضاها علما ًفي الصحافة، والعمل النقابي، وعنواناً متميزاً في الابداع وتسجيل المواقف الانسانية.. والدفاع عن الوطن ومحاربة الفاسدين.

يعاني الان.. بل تسكنه المعاناة.. واية معاناة تلك التي يضيق بها صدر دكتور يحمل هموم طلبة يتوقون لتلقي علوم الصحافة في كلية هو عميدها الان.. كلية الاعلام في جامعة بغداد.

وان تعب الدكتور هاشم حسن ومعاناته، كما يشير، تنبع من المحاصصة اللعينة.. وتخلف المسؤولين في التعليم العالي.. وتدخلات اصحاب الشهادات المزورة والضمائر الميتة.. في سياسة وعمل الكلية.. ومحاولات التجهيل والتجاسر على العلم.

انه يُدعى الى السكوت، كونه في رأي البعض من ذهب، فيرفض وينحاز الى فضة الكلام.. مطلقا صرخة مدوية، بوجه التخلف ورموزه.

حديث ذو شجون.. برؤية صحفي واكاديمي..

رؤية ثاقبة.. فتفجرت مفرداته صواعق على رؤوس الذين تسللوا ليلا من خلف الحدود، لينالوا من العراق الابي.

                       ليس هروبا

بدأ حديثه وهو يفتح ملف معاناة قلبه واحزان روحه العراق الذي طالما حلم بنهضته، مشيرا الى تمسكه بخيار ترتيب مركبه ليس هروبا، بل تجنبا للتلوث بعار تدمير العراق والبقاء في دائرة النقاء والنبل والشرف، كما ذكر.

بين نيران الدكتور هاشم حسن واشتعالها في القلوب سألته عن نظرته الى مستوى الصحافة العراقية الان:

فأجاب:

اية صحافة، هذه خرافة بالمنظور والرؤى المهنية الحقيقية، عندنا نشرات حكومية وحزبية، ونشرات اعلانية.

الاصوات الحرة قليلة وهي تبحث عن مكان آمن تغرد فيه خارج سرب الفساد وحتى الشعب للاسف مدجن بالجهل.. ومستمتع بالفوضى، ودولة اللاقانون.

لدينا اعراب ولكن في المدن.. ولدينا حكم العمامة المزيفة والعقال المصطنع لشيوخ الاوهام والجهل!

                             نحتاج الى ثورة!

غير مقتنع بالمستوى اذ لا توجد للعمداء سلطة، وليس هناك كفاءات حقيقية بين حملة الشهادات العليا الا ما ندر، كيف يحارب القائد بدون رئاسة اركان.

اضافة لذلك لا توجد استقلالية للجامعات! والكل تحت رحمة الضغوط، ولوبي المصالح الذي يمنح الفرص للفاشلين.

تصوروا ان بعض الاساتذة يحرضون الطلبة على التظاهر ضدي لا لسبب، الّا لاني قمت بوضع جدول جديد فيه تدريب ومناهج متطورة!.

وان الوزير الشهرستاني يقرر خارج السياقات، دور ثالث ومنح 10درجات للفاشلين، واكثر من ذلك يقرر قبول من فشل مرتين في الامتحان التنافسي للدراسات العليا!! ويقبل من حصل على درجة صفر بحجة الفصل السياسي، واسر الشهداء، كل شىء انهار واولها القيم.

وبسبب اعتراضاتي اصبحت مهددا، وانتظر التقاعد!

نحتاج الى ثورة في التربية والتعليم والمجالات كافة لان للقيادات الحالية بنية تحتية من الفساد لا تسمح بالتجديد وهي العوبة بيد الخارج.

                     سقوط القيم التربوية!

ما نزرعه اليوم من سياسات فاشلة واختيار البعثات وتعدد قنوات الدراسات العليا واختيار قيادات التعليم العالي، سنحصدها بعد سنوات في التخصصات كافة، حينها سنكتشف حجم الكارثة، مثلما اكتشفنا الان اكذوبة شبكات الصرف الصحي وغرقنا بالقاذورات.

وستكون الفضيحة مجلجلة. وسيأتى يوم يخجل فيه العالم من لقب الدكتور لهزالة الدفعات الجديدة.. الا ماندر!!

لا توجد خطة واضحة وسياسة عليا للنهضة العلمية.. تخبط مطلق.. وسقوط للقيم التربوية في سلوك الاستاذ والطالب.. كلها تريد ان (تحوسم !) الشهادة!!

يكمن في فقدان الارادة الوطنية والخبرة بسبب المحاصصة وغياب القدرة والادارة والحكم الرشيد وعومل اخرى.. المشكلة في فساد الهرم السياسي بالكامل.. وتسلل اللصوص والمزورين والارهابيين لمراكز صنع القرار .

     مظاهرخادعة

سيكولوجية المجتمع العراقي، بدوية دينية انتهازية نفعية..

وما زالت تحليلات الوردي عن الشخصية العراقية صحيحة.. وكأننا منذ نصف قرن لم ندخل مدارس او جامعات.. ولم نطلع على ثقافات.. ولم نشهد نهضة حقيقية للاندماج مع بعض ومع روح العصر.

التقدم كان مجرد مظاهر خادعة..

طبيعتنا المخادعة تحت الرماد، تظهر على حقيقتها ايام الازمات، فتكون السلطة للعمامة والعقال وللبندقية.. وينحسر دور القلم بل يتحول الى بوق؟!

                             ننتظر الخلاص؟!

لا يوجد مثقف حقيقي واحد في البرلمان، ولا ادرى بناجح بين الوزراء.. تصوروا ان الحزب الشيوعي بكل تاريخه النضالي وعمقه الثقافي لم يحصل على صوت واحد.. هذا مؤشر خطر..

نحن ننتظر الخلاص من المرجعيات الدينية وليس العلمية..

تصور ان المعالجة بالخرافات تنتشر الان وباسعار اغلى.. عدنا لعصور داحس والغبراء.

                     اعلام الواجهات

ليس بالمطلوب بل بالمقلوب.. لا توجد صحافة استقصائية.. او مستقلة.. ان عدد نسخ الصحف التي توزع يوميا لا يزيد عن خمسين الف.. تصور الكارثة وحجمها، حين نقسم ذلك على عدد السكان.. ولا نريد ان نتحدث عن اثر او تأثير.. كلها واجهات.

اية منظمات.. ثلاثة ارباعها فاسدة، وهمية.. والربع الاخر مشكوك فيه.. ولا توجد هيئات مستقلة.. ومفصله على الاخوة الاعداء.. ودون مراعاة للتخصص.

                       تايتانيك.. والفرق كبير!

الى الهاوية، بل نحن الان في ذروتها للاسف والارجح ان العراق اليوم اشبه بتايتانك والفرق ان هناك ربان محترف، حاول بإخلاص انقاذ الناس، ونحن بدون ربان.

وفي ظل وتحت رحمة الالاف من القراصنة.. وامامك داعش وخلفك وفوقك لصوص ومحتالين، وبسبب ذلك يسود الان شعوربالخلاص الفردي والبحث عن زورق انقاذ.. وهذا ما يفسر اتساع اعداد المهاجرين.

انتهى حديث تشييع الامل، والحقه الدكتور هاشم بخاتمة قاسية، اذ قال: نحن في طوفان عظيم.. وللاسف لم يظهر نوح بعد ولا المهدي المنتظر.. لكل منا قدره في ان يكون النبي المخلص لنفسه وما اصعبها من مهمة!

نحن ليس في الوقت الضائع، بل في الركلة الاخيرة لضربات الجزاء..!

ليست تنبؤات.. ولا قراءة في النجوم.

كانت قراءة تنضح بالالم والمرارة، لواقع كرسته سياسات حكام الصدفة في عراقنا الجريح.. وففق رؤية الدكتور هاشم حسن.