لا يختلف عراقيان ان الفساد ضرب اطنابه وتضاعف آلاف المرات في كل مفاصل الحياة منذ الاحتلال الامريكي للعراق عام 2003 ليومنا هذا واخذ يتطور ويتكيف مع مرور الزمن بطرق غرائبية وشيطانية غير مسبوقة.
لا رادع او مضاد لهذا الفساد العراقي المميت سوى القضاء العادل. ولم يتحقق هذا على ايدي العراقيين وحدهم بل بحاجة الى مساعدة دولية عاجلة وجادة لان الفاسدين وجدوا ملاذات خارجية ودول تحميهم وتحمي ثرواتهم التي نهبوها.
ان دوامة وعواصف ملفات الفساد التي تثار من قبل الحكومة والبرلمان والاعلام باتت كلام فارغ من دون ان تقدم للقضاء وهي من باب الدعاية الانتخابية او التبرىء منه ودفع الشبهات عن احزابهم وكتلهم المتورطة بالفساد من الراس الى الذيل. والامر المحزن والذي يبعث على الياس حقا ان الجميع ينام على ملفات فساد كبيرة كلفت الخزينة العراقية مئات المليارات ولم تخرج للنور والعلن الا اذا مست مصالحهم الشخصية ومناصبهم.. مثال ما حدث مؤخرا في استجواب وزير المالية “هوشار زيباري” الذي هدد بامتلاكه ملفات عن اشخاص في العملية السياسية وبنوك وهذا الكلام سبق وان سمعناه من احمد الجلبي ونوري المالكي ورئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي.. الخ.
وكل برلماني وسياسي في العراق يحدثنا عن ملفات فساد مرعبة لم تحدث منذ سقوط بابل ليومنا هذا.
الان العراق وصل الى درجة حرجة جدا في غياب الخدمات من مستشفيات ومؤسسات تعليم وطرق وكهرباء وانتشار الجريمة المنظمة والرشوة كل هذا بسبب الفساد المالي والاداري، والكل يحدثنا عن ملفات الفساد دون ان نعلم من هو الفاسد واين ذهبت الاموال المنهوبة.
اليوم الرقابة البنكية تستطيع تتبع اية دولار يخرج ويدخل الى اي بنك او جهة على كوكب الارض ان ما صرحت به النائب ماجدة التميمي في احدى القنوات الفضائية المملوكة لاكبر راس متهم في الفساد قائلة:
ان اللجنة البرلمانية كانت في حالة صمت اعلامي لاتمام تلك الملفات منذ زمن الدكتور احمد الجلبي. لايخرج قولها عن التهويل الاعلامي سمعناه منذ عقد من الزمن ولو تكلمت عن صاحب القناة التي تتحدث عبرها وملفات الاتهام على مالكها ولو عرضيا اوكمثال والامثال تضرب ولاتقاس وان المتهم برىء حتى تثبت ادانته لكنا صدقنا ما تقول.
والسيدة التميمي معروفة بمهنيتها وعلميتها ودقتها في البحث في تلك الملفات منذ 6 اعوام لكن لم نر اي قضية قضائية او محاكمة لأي فاسد اوسارق للمال العام اومن وضع يده على الممتلكات العامة. وبقيت تلك الملفات طي الادراج والنائب التميمي والجميع ينتحب لضياع ثروة البلاد والعباد في جيوب الفاسدين او تهريبها خارج العراق الى دول الجوار. ان من نافلة التذكير للسيدة النائب ماجدة التميمي ان رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي تراس لجنة الاقتصاد والاستثمار النيابية في البرلمان عام 2005 واللجنة المالية في البرلمان عام 2010 الم يعرف ويطلع على هذه الملفات؟
ام انه يخبئها لخصومه في اليوم الاسود حينما يتعرض لهجوم من الفرقاء ومن اتوا به لمنصبه الحالي ولماذ الجميع يعرف بالقرائن والادلة الفاسد ولم يقدمها للقضاء او الاشارة له بالاسم الصريح.
حرب ملفات الفساد هي للتدويخ وحرف الانظار عن الفاسدين والحيتان الكبيرة وما الفائدة من كل هذه الملفات اذا لم تذهب الى القضاء وهذه اموال عامة لايمكن التنازل عنها، ستبقى هذه الملفات معلقة على حبل النسيان بعد انتهاء الدورة البرلمانية وللتذكير ايضا اين الملفات التي فتحت في الدورة السابقة من قبل النائب صباح الساعدي والنائب حسين الاسدي واخرين؟!
ان هذه الاستعراضات الممجوجة بالحديث عن ملفات الفساد دون عقاب او حساب هي من باب التحايل والرياء والهاء الجمهور بعيدا عن الحقيقة لاننا لم نعرف بالضبط الجهة الفاسدة او الفاسد ومن يقف خلفه وما هي الاجراءات التي تضمن لنا استرداد تلك الاموال لطالما ان الكتل المتحاصصة تدافع عن فاسديها باستمامة وشراسة وهم موجودين بكل الكتل والاحزاب السياسية بلا استثناء وعملية جرد للملفات والوثائق الدامغة تبين ذلك بشكل قاطع. ما الفائدة المرجوة من استخدام هذه الملفات بين اطراف العملية السياسية لاغراض تسقيطية ودعائية دون ان يتوقف نزيف النهب والاستيلاء على مقدرات وثروات البلاد ودون محاسبة المفسدين انها تبقى مجرد كلام فضائيات او هواء في شبك عليه من العار ان نشترك بالنحيب مع من يدعي الشرف الوطنية دون ان يتخذ اي خطوة لاسترداد الحقوق المسلوبة وتحقيق العدالة.
ولا ننتشي بصخب الفضائح التي يعرضها البرلمان منذ 2005 والسلسلة طويلة بلا نهاية دون خطوة اولى جادة وفعالة في محاسبة السراق والفاسدين لم يتغير شيء بل يزداد عدد السراق يوما بعد يوم حتى يصبحوا شعوبا وقبائلا.