طباعة
المجموعة: الكاتب علي علي
الزيارات: 5253

"بعد عطلة العيد.. البرلمان مقبِل على جدول أعمال ساخن"

بالعبارة أعلاه صرح المصرحون، وتقول المتقولون، وتقيأ المتقيئون، آخر ايام العيد، ولست أدري -وفي الحقيقة أدري- أهو تبشير وتطمين؟ أم هو إنذار وتحذير ووعيد! أم ياترى هو كما يقول شاعرنا الشعبي الذي سيجبرنا على الامتثال لبيته القائل:

إن شرّكوا للجهنم وان غرّبوا للجير

وان عاشروا غيرنا جير اليلايم جير

إذ أن كل التصريحات التي يهلوس بها مسؤولونا المتزيون بزي السياسة، والبيانات التي يصدرها أولو الأمر والنهي والبت والحكم، والإدلاءات التي يهذي بها ماسكو زمام البلد إدارة وقيادة، رأسا وأركانا ومفاصل، هي مسبقا جعجعة و (رن استكاين) لاغير، أما الطحين والشاي، فالأول مأكول منذ حين، والثاني مشروب على أرواح الأحياء من العراقيين قبل الأموات منهم، والآكلون قطعا والشاربون في جنات ونعيم ووادٍ غير ذي صلة بالمواطن المضيم.

وكما يقول مثلنا: (الناس ماكلتنا وشاربتنا) على ما يحويه بلدنا من خيرات وثروات كفيلة بجعل حياتنا مرفهة حد الترف والبذخ، إذ من المفترض بعد ان عمت الديمقراطية والفدرالية عراقنا ان يرفل سكانه بالخير والرفاهية، مادامت تجري من تحتهم أنهار النفط.

لكن، في حقيقة الأمر، أن أغلب من اعتلى كراسي المسؤولية في هذا البلد، لم تأتِ به وطنيته، ولم يرتقِ سلم الوظيفة عن اقتدار ومهنية، ولم يكُ للتكنوقراط حرف في أبجدية مؤهلاته للمنصب، كذلك لم تدفعه للترشيح خصلة من الخصال الحميدة المعهودة بالمواطن البسيط فضلا عن المسؤول والقائد والرئيس. من تلك الخصال؛ الحرص على مصلحة البلد، التفاني في خدمته، تقديم الأفضل من الأعمال، والأنجع من الحلول، والأجود من المعطيات، والأجدى من البرامج.

كل هذي الخصال كانت بعيدة عن المرشحين في الدورات السابقة بعد زحل عن ساحة الأندلس.

أما الخصال التي لازمت سلوكهم حد التطبع، والتي تميزوا بها عن جدارة وكفاءة منقطعة النظير، فأظنها تلك التي ذكرها بول برايمر بُعيد سقوط نظام صدام، إذ نعتهم الرجل بحيادية تامة، وأنصفهم حقهم في التشبيه والوصف، بعبارات صريحة تجسد فيها مثلنا القائل: (ينطي كلمن طينته بخده) وذلك في وصاياه ونصائحه التي أسداها إلى (جون نيغرو بونتي) قبيل التحاق الأخير سفيرا لأمريكا في بغداد. وسأمسك جانب الاختزال فيما قاله برايمر فيهم، وأسردها باقتضاب ليس تجنبا للإطالة فحسب، بل لأن ذكر القليل عنهم يعطي كامل الشرح والتوضيح، فهم أشهر من نار على علم، أو بالأحرى (أشهر من علم على بيت دعارة).

يقول العم برايمر لنيغرو بونتي ناصحا:

هذا ما قاله برايمر بحق من صادفهم من حكام العراق عام 2003، وهم أنفسهم المتواجدون اليوم في الساحة العراقية، كذلك هم أنفسهم الذين ستلدهم أرحام صناديق الافتراء المقبلة، وستلفظهم حتما في الآتيات من عمليات الانتخاب، مادامت صناديق الاقتراع تشبه الى حد كبير (كاروك...).