طباعة
المجموعة: الكاتب جمال علي الحلاق
الزيارات: 1143

الكتابة امرأة تعلّق رغبتها على النافذة.
الكتابة تجعل القارئ متطفّلاً وحالماً أنانيّاً جداً.

***

أصل الدين - كما أعتقد - نابع من قدرة الإنسان على أسطرة الحدث التأريخي .

***

أذكر مرّة ، في مدينة الثورة في بغداد، وكنتُ حدّاداً يومها ، أنّ أحد أصدقائي كان يجلس في ورشة الحدادة ، ودار بيننا حوار فلسفي، صادف لحظتها أنّ أحدهم أراد تصليح شيء في سيّارته ، فكنتُ أعمل في تصليح الشيء وأواصل حواري في نفس الوقت ، هنا بادرني سائق السيارة بسؤال عرضي : ممكن أسأل سؤال؟

قلت: تفضّل. قال بما معناه: بأيّ لغة تتحدّث؟ قلت: العربية. قال: فلماذا لا أفهم شيئاً مّما تقول؟!

***

هذه القصّة تكشف أنّ لكلّ فرد لغته الخاصّة داخل محيط اللغة الأم ، قد تشترك مع لغات الآخرين في المفردات، لكنّها تختلف حتماً بالدلالات.

من هنا تبدأ غربتنا عن بعضنا البعض ، فنحاول دائماً أن نعثر على آخرين يقتربون منّا ،أو نقترب منهم، فيفهموننا عندما نتحدّث، ونفهم عليهم عندما يتحدّثون .

***

البحث يتطلّب أن أقرأ كثيرا، وأن أتحاور كثيرا، وأن أُصغي أكثر .

البحث يتطلّب أن أسهر الى أوقات متأخّرة فلا أشبع نوما ، الأمر الذي يجعلني في حالة نعاس دائم ، ولأنّني أقوم بالبحث برغبة ذاتية وليست طلباً من أحد ، أو من جهة ما، البحث الذي أقوم به يخصّني بشكل ذاتي جدّاً، هكذا، أحاول أن أجيب على أسئلتي التي تتكاثر بشكل بكتيري، ولأنّه بحث بدافع ذاتي جدّا ، ولأن الاسئلة لا تتوقّف عن الانجرار وراء غواية التكاثر ، فأنا بحاجة الى سنوات أخرى من أجل أن أخطو خطواتٍ أخرى على طريق الوصول الى ما يشبه الحقيقة المغيّبة ، أو المسكوت عنها.

***

الزمن الذي مضى ، إضافة الى الزمن الذي سيمضي أيضا، زمني الخاص في هذه الحياة ، هذا ما أسمّيه السرقة، فأنا أعيش لمرّة واحدة، ولي وقت محدود على هذا الكوكب في هذا العالم، وانشغالي عنه يعني أنّني أخسر وقتي الخاص، لكن ، ما أقوم به يمثلّني شخصيّاً.،

وهنا يكمن الفخ ، فما أراه يمثلّني يسرقني من وقتي الخاص.

هذا التأرجح ما بين ( أنا ) و ( أنا )، ما بين ( أنا ) الذي يريد أن يستمر في البحث، وأن يتابع ملاحقة الغواية الى المنتهى، وما بين ( أنا ) الذي يريد أن يستمتع بفرصة إنوجاده على الارض لمرّةٍ واحدة .

***

هكذا أنا بين غوايتين ، غواية البحث الذي يجعلني ألتصق أكثر بأسلئلتي التي تتكاثر ، ويمنحني فرصة أن أقيم طويلاً على الارض ، لكن داخل الذاكرة، وغواية أن أعيش حياتي المحدودة والإنشغال بها وحدها ، حتى وإن كانت قصيرة جدّاً ، لأنّها فرصة لن تتكرّر .