طباعة
المجموعة: الكاتبة وداد فرحان
الزيارات: 1020


هذا ينكر وذاك ينكر أيضا...
هذا يقسم بأغلظ الايمان، وذاك مثله أيضا...
ما الأمر ؟!.
نحن نسير في دربنا الذي نتطلع فيه الى مرآتنا، تلك المرآة التي تختلف جذريا عن مرآة الدجال والمشعوذ التي يستخدمها لخداعكم وخداع الناس بطرق دنيئة وصولا الى جيوبهم وسرقة دنانيرهم ودولارتهم.
نحن نضع المرآة أمامنا لنرى فيها حقيقة ما نفعل، وما نعمل، وما نسمع، وما نقرأ أيضا، ومن ذلك كله ننطلق لوضع الحقائق والاعتقادات بحروفنا الزاهية الألوان على صفحات جريدتنا. اعتقادنا هذا لا يرتبط بجهة حكومية كالسفارة العراقية في كانبرا، أو القنصلية العامة في سيدني، مثلما لا يرتبط باي جهة حزبية، أو تيار سياسي.. اعتقادنا يستند الى فهمنا للحقيقة كما هي، مجردة من أية شوائب، أو أجندات، أو مصالح شخصية أو حتى ذاتية. لهذا كله تخرج الحقيقة من بين سطورنا ناصعة البياض، غايتنا الصدق أمام أنفسنا أولا، ومن ثم أمام من يتابعنا من القراء الكرام.
الصحافة مرآة الشارع ولأنني أحب التكرار تشديدا في بعض الأحيان فأقول أن هذه المرآة لا تشبه مطلقا مرآة الدجال والمشعوذ، فمرآتنا تتوجب علينا نقل ما يدور هنا وهناك من قضايا تهم الناس على مختلف ألوانهم وأطيافهم، ولا فرق لدينا بين وزير، أو برلماني، أو سفير، أو قنصل، أو طبيب، أو عامل نظافة. الانسانية هي الفهم الأعمق والدرجة السامية الرفيعة التي من خلالها تمتد جسور العلاقة. نحن مرآة ناصعة تعكس الحقائق ولاتلوذ بزوايا انعاكسات وانكسارات الضوء، ولاتحتمي بالغير هروبا من المواجهة.
نوثق مفرداتنا التي نسطر حروفها على صفحات جريدتنا بأدواتنا الرصينة، وهذه الأدوات جزء من مرآتنا لكشف زيف ما ينكره البعض اعتقادا وايمانا منهم بدهائهم المكشوف غطاءه. هذا هو أول الدروس التي تعلمناها في عالم الصحافة لنحمي أنفسنا من زيف الآخر الذي يدعي بأنه لم يقل هذا أو ذاك أو ينكر مفردة أو معلومة ذكرناها في خبر أو لقاء.
إن كشفنا للحقائق هو جزء من دورنا الانساني أولا، والوطني ثانيا، ليس للتشهير، فالتشهير نشر ماليس لك أو فيك! وهذا ما يحتاج أن يثقف نفسه به الباحث في دهاليز القانون، اللاهث بعد زرقاء العيون، كان مستشاره عربيا أم من بني صهيون!
إن ثرثرتكم، وحتى همسكم مسموعان، وإن صمتم فان حيرتكم ودوامة تفكيركم وتعداد خطواتكم وقلقكم توصلنا حتى القرف، والقيء. اذا ذهب العقل غابت الحكمه، اسألوا أنفسكم: هل بقيت لديكم حكمة؟ واذا ذهب القلب غابت العاطفه، وأسألوا أنفسكم هل بقى لديكم ولو جزء منها، سوى عاطفة الجري وراء الملذات الشخصية؟ واذا ذهب الضمير فقد خسرت كل شيء، فهل بقى لكم منه شيء مما تتخيلون أنكم تملكون كل شيء.
ان تفاعل العقل مع المحيط الطبيعي والكوني وما يصل اليه من تطور، يكون فيها العقل مرهونا بما يمليه عليه صاحبه سلبا كان أم ايجابا، وان حدود العقل تكون ضمن الوجود المنظور لا الوجود التخيلي، فان ذهب الى التخيلي فانه يتقبل ما يملى عليه مسلوبا لارادة القرار وان كان اعتذار.
فهل بقيت لديكم إرادة لاتخاذ القرار؟