عنوان مثير هذا الذي سيحمله غلاف كتاب السيد جونيور نجل الرئيس ترامب والذي أعلن مؤخراً عن قرب إطلاقه (حراك: كيف ينتعش اليسار بالكراهية ويريد إسكاتنا).
إنه عنوان صارخ، لا يخفي الطبيعة الصحفية لصياغته ودلالته.
وهو عنوان أقرب أيضاً إلى طبيعة تصريحات الأب الرئيس المثيرة.
الظهور المثير لترامب الأب في ميديا التواصل بات منتظراً من قبل الصحافة، ومن جمهور متابعيه طبعاً. هذه إثارة تنسجم مع (صحافة التواصل) بظرافتها وبقدرتها على الاستحواذ على الأضواء.
لا يعبأ الرئيس ترامب بأي بمعنى للضوء وعلى أي طبيعة يمكن أن يكون. ترامب، الرئيس، رجل ظريف، حتى بات مُنتجاً يومياً للظرافة، للنمط الترامبي الخاص من الظرافة التي من النادر أن تتكرّر في الحياة المتجهمة الكئيبة للسياسة.
السيد جونيور، الابن الأكبر للرئيس ترامب والسيدة إيفانا، هو أيضاً على سر أبيه في الإثارة. يعد جونيور بأنه، بهذا الكتاب" سيكشف عن كل الحيل التي يستخدمها اليسار لتشويه المحافظين".
الوعد كبير طبعاً، لكن، وحسب المتنبي، تصغر في عين العظيم العظائم. عظمة جونيور هي في كونه سليل ترامب، الرجل غير المتردد في قول ما يريد قوله، وهو (جونيور) الوصي على مؤسسة ترامب المالية بملياراتها، وهو أيضا من صنّاع وصول الوالد إلى البيت الأبيض.
مع قراءتي تقريراً عن كتاب جونيور ترامب المأمول تذكرت كتاب (من يدفع للزمار).
لست متأكداً من مدى الوقت والجهد الفكري الذي استغرقته باحثة جادة مثل السيدة ف.س.سوندرز لتنجز كتابها (مَن دفع للزمار)، وهو كتاب لا أقول عنه يقابل كتاب جونيور ترامب، إنما عملت مؤلفته بطريقة دؤوبة من أجل عشرات المقابلات والكثير من الوثائق المفرج عنها للوصول إلى موضوع عنوانها؛ ما فعلته الولايات المتحدة، بالتعاون مع عشرات من كبار كتاب وفناني العالم، في فترة الحرب الباردة في مجال الدعاية المناوئة لليسار، الشيوعي بشكل أخص.
لكن ما تسرّب للإعلام من جونيور ترامب نفسه عن طبيعة كتابه أنه يتحدث فيه عن حياته، حياة المؤلف، من" صيف الطفولة في تشيكوسلوفاكيا الشيوعية حينما بدأت التفتح على التفكير السياسي"، وصولاً إلى" الإنجازات الرئيسة لإدارة الرئيس ترامب".
هذه مفارقة لا توحي بجدية التأليف في عنوان كالذي وضعه المؤلف لكتابه.
عموماً سيُطلق الكتاب في الخامس من تشرين الأول المقبل عن دار نشر أمريكية، سنتر ستريت، وهي دار غير معنية بالخيال ولا بالروايات، تعنى بالسياسة المحافظة وبالعسكرية.
تصف الصحافة جونيور ترامب بالصياد الماهر.
هناك أكثر من صورة نشرت له، وكان هو من التقطها لحيوانات نافقة كان قد اصطادها في رحلات صيد أفريقية عام 2010.
حين نشرت الصور بعد سنتين فإنها أثارت حساسية بعض المنتقدين وغضبهم إزاء صور وجدوها تسخر من حيوانات قتيلة. طبعاً كان الصيد قانونياً، لكن هؤلاء المنزعجين ربما وجدوا في الصور ونشرها ما هو غير قانوني، أو ربما غير أخلاقي.
أحياناً تتعارض الأخلاق مع القانون، ما الحيلة.. القانون أولاً ويتقدم حتى على الأخلاق.
كان جونيور ترامب سعيداً بذلك الصيد وبصوره، سعادة شاب ملياردير، وها هو بسعادة أخرى، سعادة نجل رئيس، بكتابه الأول، الكتب مثل الصيد.
طموح جونيور هو ما حفزه من بعد ما أعلن عن الكتاب لأن يغرد عبر تيوتر:" هذا هو الكتاب الذي لا تريدكم النخب اليسارية أن تقرؤوه!"