نورالدين مدني/ سيدني
شاهدت فيديو قبل يومين يحكي عبر مشاهد مؤثرة قصة وفاء إبن لأمه حملتها لها ساعية البريد عبر رسالة مسجلة في"ايباد" ظلت الأم تستمع إليها بتأثر وشجن.
كانت تستمع لعبارات الثناء والتقدير والعرفان من إبنها' كيف أنها حملته وهنا على وهن وسهرت على تربيته حتى قوي عوده وكبر وتزوج واستقر' وقال لها أنه عرف قيمة الأم أكثر عندما خبرها عملياً عبرمعاناة أم أولاده معهم/ن.
فجأة ظهر إبنها أثناء متابعتها للتسجيل الصوتي' فتحول المشهد إلى لقاء حي بين الأم وإبنها .. تعانقا بحميمية امتزجت فيها مشاعر الفرحة بالشجن النفسي الذي أبكى الأم وهي تحتضن إبنها الكبير.
عرفت فيما بعد أن هذا الفيديو بمناسبة عيد الأم الذي تحتفل في الأسر الاسترالية يوم الأحد الثاني من شهر مايو كل عام' وبالفعل حضرت إحتفالاً عائلياً بعيد الأم محشود بالمحبة والوفاء.
ما أحوجنا لمثل هذه الإحتفالات الرمزية التي تقوي أواصر المحبة بين أفراد الأسرة وسط طغيان اللهاث المادي خلف إحتياجات المعيشة المزدادة' لإحياء مشاعر الوفاء للأمهات اللاتي يمثلن الحاضنات الامنة للصغار منذ لحظات التشكل في الرحم وحتى مرحلة ما قبل التعليم الأساسي. لسنا في حاجة لتأكيد مكانة الأم في حياتنا التي جعل الله سبحانه وتعالى الجنة تحت أقدامها وحببها في نفوسنا أكثر من كل الاقارب الاخرين.
تزداد اهمية دور الأم في تنشئة وتربية الأبناء والبنات خاصة في البلاد المتعددة العقائد والثقافات والإثنيات التي تتطلب منهن رعاية أكثر تحقق فيها درجة من التوازن الأهم بين ضرورة الحفاظ على التراث العقدي والمجتمعي الخاص وبين التعايش الإيجابي وسط المكونات المجتمعية الأخرى. ليس هذا فحسب فهناك مسؤولية أهم تستوجب الإهتمام أكثر بالأطفال والشباب لحمايتهم من جماعات الغلو والعنف وكراهية الاخر من خلال المتابعة الواعية الحميمة لسلوكهم وعلاقاتهم وتعاملهم مع وسائط التواصل الإجتماعي.
أصبح معروفاً أن الوعظ والإرشاد النظري وحده لايكفي وإنما لابد من تعزيزه بالقدوة الحسنة والمعاملة الكريمة' وفتح نوافذ التفاهم والتفهم والحب والتقدير .. بعيداً عن أساليب العنف والضغط والقهر والتخذيل. قصدنا هنا الإستفادة من مثل هذ المناسبات العائلية لتقوية العلاقات الأسرية خاصة تجاه الصغار والشباب' بدلا من الإحتفاء بها بصورة شكلانية تعنى أكثر بتقديم الهدايا' نريدها فرصة لتعزيز العلاقات الحميمة القائمة على المودة والرحمة والإحترام والتقدير لتمتين التماسك الأسري والإجتماعي.