حذرت الأمم المتحدة من أن منطقة الغوطة الشرقية القريبة من العاصمة السورية دمشق قد تتحول إلى حلب ثانية، مع تواصل القصف الحكومي على الجيب الذي تسيطر عليه المعارضة المسلحة فيها لليوم الثالث على التوالي.
وأفادت تقارير بمقتل أكثر من ستين مدنيا في هجمات جديدة للقوات الحكومية الثلاثاء.
ويقول مراقبون إن أكثر من مئة شخص قد قتلوا في هجمات جديدة للقوات الحكومية السورية لليوم الثاني على التوالي.
وقال متطوعو الدفاع المدني السوري إن القصف الجوي والمدفعي على بلدة المرج خلف 24 قتيلا.
وقالت جماعة مراقبة إن 127 مدنيا قد قتلوا يوم الاثنين الذي بات الأكثر دموية خلال الثلاث سنوات الأخيرة في هذ الجيب للمعارضة الذي يحاصر فيه نحو 393 ألف نسمة.
وحذرت الأمم المتحدة من أن الوضع بدأ يتحول إلى "خارج السيطرة بشكل مطرد".
وحضت على الوقف الفوري للقصف العشوائي على الغوطة الشرقية وعلى وقف إطلاق النار للسماح بإدخال مساعدات الإغاثة الإنسانية وإسعاف وإخلاء مئات الجرحى والمرضى.
وأشارت الى أن ستة مستشفيات قد استهدفت في القصف، بينما قال سكان من المنطقة إن القصف طال المدارس والبيوت، وتحدثوا عن أن الطائرات الروسية والسورية ظلت تحلق بشكل مستمر في سماء المنطقة.
ما الذي يحدث على الأرض؟
قال ناشطون إن 10 بلدات وقرى، على الأقل، في عموم منطقة الغوطة الشرقية تعرضت لقصف القوات الحكومية وحلفائها الثلاثاء.
ويقول متطوعو الدفاع المدني، الذين يعرفون باسم القبعات البيض، إن خمسة أشخاص من النساء والأطفال بين القتلى الـ 24 في بلدة المرج. كما قتل 10 مدنيين في الضربات الجوية التي تعرضت لها بلدتي عربين ومصرابا.
وأفادت لجان التنسيق المحلية، وهي شبكة من الناشطين المعارضين، بمقتل 77 مدنيا، بينما يقول المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقره بريطانيا، إن حصيلة القتلى كانت 50 شخصا بينهم 13 طفلا.
وأجمل المرصد عدد القتلى 194 والجرحى بـ 850 شخصا منذ تكثيف القصف الحكومي ليل الأحد.
وفي غضون ذلك، أفاد التلفزيون السوري الحكومي بمقتل ستة أشخاص وجرح 13 آخرين في قصف بقذائف الهاون انطلق من منطقة الغوطة الشرقية على مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية.
ولم يعلق الجيش السوري على تقارير ما يجري في الغوطة الشرقية، لكنه قال إنه شن "ضربات دقيقة" على المناطق التي انطلقت منها القذائف.
إلى أي درجة تدهورت الأوضاع في الغوطة الشرقية؟
وقال طبيب محلي لإتحاد منظمات الإغاثة والعناية الطبية، التي تدعم المنشآت الطبية في الغوطة الشرقية، إن الوضع هناك "كارثي".
وأضاف أن "الناس ليس لديهم أي مكان يلجأون إليه. إنهم يحاولون البقاء على قيد الحياة، لكن الجوع الذي تعرضوا له بسبب الحصار قد أضعفهم بشكل كبير".
وقال منسق الأمم المتحدة الإقليمي لشؤون الإغاثة في الأزمة السورية، بانوس مومتزيس، الاثنين إن العديد من السكان ليس أمامهم سوى "خيارات محدودة في اللجوء إلى الأقبية والملاجئ تحت الأرض مع الأطفال".
وأضاف أن ثمة شح كبير في الأغذية، لأن الحكومة لم تسمح إلا لقافلة واحدة بالدخول إلى الغوطة الشرقية منذ أواخر نوفمبر/تشرين الثاني.
وتكلف حزمة الخبز في الغوطة الشرقية ما يقارب 22 مرة ضعف المعدل الوطني، كما أن نسبة 11.9 في المئة من الأطفال تحت سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، وهو أعلى معدل في سوريا منذ بدء الحرب الأهلية في 2011.
وحض مومتزيس كل الأطراف على الالتزام التام بما يفرضه القانون الدولي عليهم وعلى تسهيل كل الإجراءات والسبل لحماية المدنيين.
وأضاف "من الملح الآن إنهاء تلك المعاناة الإنسانية التي لا معنى لها، ويجب أن تُوقف فورا عمليات استهداف المدنيين والبنى التحتية".
لماذا كثفت الحكومة القصف؟
تمثل الغوطة الشرقية آخر معقل المعارضة القوية بالقرب من دمشق. ويهيمن عليها فصيل إسلامي معارض يدعى جيش الإسلام، كما تعمل هناك أيضا هيئة تحرير الشام، وهو تحالف لمسلحين جهاديين يقوده موالون سابقون لتنظيم القاعدة في سوريا.
وكانت هذه المنطقة صنفت ضمن مناطق "خفض التوتر" في الإتفاق الذي رعته روسيا وإيران، الحليفتان الرئيسيتان للحكومة فضلا عن تركيا التي تدعم المعارضة.
بيد أن الأعمال العدائية تكثفت في المنطقة منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، عندما صعد الجيش السوري قصفه المدفعي والجوي على هذا الجيب المعارض ردا على هجوم قامت به المعارضة المسلحة.
ويعتقد البعض أن التصعيد الأخير يشير إلى اقتراب قيام القوات الحكومية بهجوم أرضي كبير في محاولة لاستعادة المنطقة.
وقالت صحيفة الوطن الموالية للحكومة إن "عملية واسعة" قد تبدأ "في أي لحظة"، وقال تلفزيون المنار التابع لحزب الله، الحليف للحكومة السورية، إن الجيش السوري أرسل تعزيزات إلى المنطقة.