منع صيادون تونسيون سفينة تقل نشطاء أوروبيين يمينيين متشددين من الرسو في ميناء تونسي، مما مثل ضربة لمهمتهم الرامية لكبح تدفق قوارب المهاجرين من أفريقيا إلى أوروبا.
ولم تتمكن السفينة التي تدعى "سي ستار "، والتي استأجرتها مجموعة "جيل الهوية" (Génération identitaire) المعروفة اختصار بـ جي أي ومقرها فرنسا، من الرسو في ميناء جرجيس.
وتقول مجموعة جي أي إن منظمات غير حكومية، تعمل في مجال الإنقاذ في البحر المتوسط، تتواطأ مع مهربي البشر.
لكن الصيادين التونسيين في ميناء جرجيس هددوا بأنهم لن يسمحوا للسفينة الأوروبية بالتزود بالوقود، إذا ما رست في الميناء واصفين النشطاء الأوربيين المناهضين للهجرة بأنهم "عنصريون".
ولكن ما هي هذه المجموعة اليمينية التي تسعى لمنع وصول اللاجئين لأوروبا؟
في شهر مايو/أيار الماضي دشنت جماعة فرنسية تحمل اسم "جيل الهوية" موقعا إلكترونيا تحت اسم defend Europe (الدفاع عن أوروبا) لاستهداف قوارب إنقاذ اللاجئين.
وجاء في بيان الجماعة: "إن القوارب المحملة بالمهاجرين غير الشرعيين تغمر الحدود الأوروبية، مما يعرِض بلادنا للغزو. إن هذه الهجرة الهائلة تغير ملامح قارتنا. نفقد سلامتنا، وأسلوب معيشتنا تدريجيا، وهناك خطر محدق بنا ويجعلنا عرضة لأن نصبح، نحن الأوروبيين، أقلية في أوطاننا الأوروبية".
ودعا البيان إلى جمع التبرعات لتجهيز قوارب والإبحار الى البحر المتوسط لـ "مطاردة أعداء أوروبا"، كما طلبت الجماعة أيضا تمويلا لإجراء "أبحاث" عن المنصة الأفضل لنشر رسائل اليمين البديل، والمتمثلة في موقع 4chan الإلكتروني.
ودعت إحدى المناقشات التي نشرت مؤخرا على موقع 4chan المستخدمين إلى تعقب قوارب المنظمات غير الحكومية في البحر الأبيض المتوسط، ثم إبلاغ قوات البحرية والشرطة عن هذه القوارب للتحقيق في أمرها، ولا سيما "القوارب المتسكعة بالقرب من سواحل شمال إفريقيا".
ويتهم اليمين المتطرف بعض المنظمات غير الحكومية بالتعاون مع بعض جماعات الاتجار بالبشر، لجلب المهاجرين إلى أوروبا.
وذكرت صحيفة الغادريان البريطانية أنه من الصعب تحديد عدد الجماعات اليمينية، لكن جماعة Génération Identitaire نظمت مظاهرات في فرنسا جذبت حوالي 500 شخص، بينما تحظى صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بـ122 ألف إعجاب. وتحظى صفحة نظيرتها النمساوية، وهي جماعة Identitäre Bewegung Österreich، على الموقع نفسه بـ37 ألف إعجاب.
تبرعات
وجمع أعضاء الحركة تبرعات قيمتها 56489 جنيها إسترلينيا (حوالي 72 ألف دولار) في أقل من ثلاثة أسابيع لسداد نفقات السفن، وتكاليف السفر، ومعدات التصوير لتمكينهم من استهداف قوارب تديرها الجمعيات الخيرية للمساعدة في إنقاذ اللاجئين، وفقا لما نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.
وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى جماعات اليمين الفرنسية كانت قد استأجرت قاربا لإجراء عمليةٍ تجريبية في مايو/أيار 2017، مما أدى إلى تعطيل قارب بحث وإنقاذ تابع لمنظمة SOS Méditerranée غير الحكومية أثناء مغادرته ميناء كاتانيا الصقلي. وزعم أفراد هذه الجماعة أنهم تمكنوا من إبطاء القارب حتى تدخلت قوات خفر السواحل الإيطالية.
وقد قامت الجماعة اليمينية باستئجار سفينة طولها 40 مترا غادرت ميناء جيبوتي لتقوم بدوريات في البحر المتوسط قبالة سواحل ليبيا.
موقف محرج
وتعرضت الجماعة لموقف محرج بعد أن تخلى جزء من الطاقم السيرلانكي للسفينة عنها وقدموا طلبات لجوء.
وأكد حساب التويتر التابع لمجموعة "ديفند يوروب -دافع عن أوروبا" الذي يديره أعضاء تابعين لحركة "الهوية" المتواجدين في فرنسا وألمانيا والنمسا، خبر ترك جزء من طاقم السفينة الآسيوي لها، لكنها جادلت في أسباب حدوث ذلك.
ونقل موقع شبيغل أونلاين عن صحيفة قبرصية قولها إن كابتن سفينة "سي ستار" المستأجرة من قبل الحركة ونائبه اعتقلوا في ميناء فاماغوستا في شمال قبرص (الجزء التركي)، بتهمة تزوير وثائق، فيما نقلت صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" عنها قولها إن مالك السفينة اعتقل أيضا وتم اتهامه بالتهريب.
وذكرت الحركة في بيان على تويتر، أن العشرين شابا، وهم من التاميل بحسب تقارير صحيفة، كانوا قد دفعوا المال للسفر على السفينة، وذلك بغرض إكمال تدريبهم المهني، وكان من المفترض أن يغادروها في مصر.
وقدم بعض هؤلاء الشبان، وعددهم ٥ بحسب الحركة المتطرفة، اللجوء في الجانب التركي من قبرص، الأمر الذي أرجعته "الهوية" في بيانها إلى دفع المنظمات غير الحكومية التي تساعد عادة في إنقاذ اللاجئين، رشوة، كانت على شكل مال وغذاء ومأوى، لأعضاء من الطاقم للاقدام على ذلك في أحد المطارات، زاعمة أن ١٥ عنصراً من الطاقم رفضوا العرض، فيما قبل الخمسة وعمدوا إلى توجيه اتهامات زائفة لمالك السفينة.
وفي 25 يوليو/تموز الماضي عبرت السفينة قناة السويس حيث سعى النشطاء اليمينيون إلى البدء في نشاطهم قبالة سواحل شمال أفريقيا قبل أن يتصدى لهم الصيادون التوانسة.
أرقام
وتقول هيئة الهجرة التابعة للأمم المتحدة إن 100 ألف شخص وصلوا الى أوروبا بحرا هذا العام، والغالبية العظمى منهم من الأفارقة المغادرين من ليبيا.
وقالت الأمم المتحدة في مايو/أيار 2017، إن المهاجرين الذين لقوا حتفهم في البحر المتوسط هذا العام وصلوا إلى أكثر من 1700 شخص، حسب ما ذكرته وكالة رويترز.
في المقابل، كشفت إحصاءات صادرة عن وكالة الهجرة الدولية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، أنه تم خلال 2017 إنقاذ أكثر من 6453 مهاجرا قبالة السواحل الليبية، وانتشال 228 جثة من المياه. وذلك بحسب صحيفة الغارديان.