د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
تمتزج في ذهن المراقب للمشهد السياسي العراقي الوقائع مع العالم الافتراضي الذي يعرض على المسرح لغرابة مايجري وهو ينتمي في الاحوال كلها الى مسرح العبث الاكثر غرابة وانعكاسا لماساة الانسان الفاقد للامل بسبب كوارث الحروب.
والسياسة الفاشلة التي تدمر الشعوب...! لسنا في مجال مقارنة مابين زمنين في تاريخ العراقيين كليهما سالت فيه الدماء ووجد فيه المواطن نفسه رغم انفه بطلا في مسرحيات لايعرف مؤلفها او مخرجها، الاولى تنتمي لمسرح البعث ونتركها لذمة التاريخ يحاكمها، ونعيش الان مسرحية طويلة تنتمي بامتياز لمسرح العبث مازال الجمهور الساذج لايعرف مخرجها ومؤلفها لكنه يؤدي فيها ادوار البطولة بحماسة معتقدا انها الديمقراطية.!
وينطلق مسرح العبث من فكرة (ان الانسان يقطن في هذا الكون بدون ان تكون المفاتيح بحوزته، وان وجوده هذا بلاهدف، وفي الوقت نفسه هو وجود مهدد بالمخاطر والزوال وعليه ان يلعب دوره في مسرحية تمتد لوقت غير معلوم..) ولكن الغريب الذي لايحتمل بان الانسان بامكانه ان يهرب من خشبة المسرح ويتخلص من وطاة المخاوف والمشاهد المؤلمة، لكن المواطن العراقي لايجد بين يديه المفاتيح لكي يهرب مما يجري حوله ويتمرد على اداء دوره شاهدا او شهيدا، قاتلا او مقتولا في صراعات وحروب ومسرحيات لسلب الارواح وتبادل الادوار مع اشباح تحمل الجماجم التي تقطر دما وهذا المشهد ليس غريبا تفعله داعش كل يوم في الاماكن العامة ويختلط مع مشاهد للجهل والتخلف والابتزاز تقتل الانسان معنويا بطرق لاتقل وحشية عن داعش في وطن تحول لمسرح كبير للدم والخوف لايتوقف عند حدود ولايسمح للممثل التقاط انفاسه او التعبير عن خلجاته فاما ان تكون معي او تكون معهم فاصبح الاخر في ثقافتنا خرافة لا اصل لها ولافصل في زمن يبشر بولادة جيل من المجانين..
لا نبالغ فالذي يجري منذ اكثر من عقد من الزمان سرقت فيه الف مليار من الدولارات وقتل وشرد الملايين واصبحت الذيول قيادات والنخب والمثقفين يلعبون دور الخدامات الذليلات فهذا لم يحدث برب الكعبة حتى في حكايات الف ليلة وليلة الاسطورية ولم يعرض له شبيها في مسرح العبث او البعث لكنه يحدث الان في العراق ومازال الناس والمحاصرين منهم بوعيهم وحسهم الانساني يبحثون عن المفتاح المفقود ليهربون بعيدا حتى لو كانت الحيتان بانتظار اجسادهم في اعالي البحار في رحلة البحث عن الحرية بعيدا عن البعث والعبث، فلا فرق في المسرحيتين الا بتقديم العين على الباء وفي كليهما ضياع ودماء..!