د. غيـلان / سيدني
حين حصل التغيير وسقطت الدكتاتورية، استقر التغيير بسقوطها وذهبت آمال الحالمين بعراق جديد ادراج الرياح التي مصدرها الفوضى الأميركية الخلاقة حيث مُنحت أكبر فرصة في التاريخ للصوص ما كانوا يحلمون بثروات طائلة تمتد من أقصى العراق إلى أقصى العراق، وكنا قبلها في مؤتمر صلاح الدين للمعارضة العراقية ولم تُقدم أي وثيقة من المؤتمرين تعالج الوضع مابعد سقوط الدكتاتورية، كل الذي كان، ان المؤتمرين كانوا يصغون إلى ممثل الرئيس الأميركي "زلماي خليل زادة" بكل حواسهم وباللغتين الأنكليزية والفارسية.
كتبت في وقتها متسائلاً.. إذا كان لديك مائة معتقل وتريد إطلاق سراحهم فعليك ان تهيء برنامجاً يعينهم في ادارة حياتهم الحرة الجديدة، ونحن الآن نريد اطلاق سراح شعب مُعتقل فكيف نمضي إلى ذلك من غير برنامج؟..
وأخذت على عاتقي كتابة وثيقة تتعلق بمرحلة مابعد السقوط ضمنتها جماح روحي الغارقة بآلام عراقيتنا وقمت بتسليمها إلى السيد توفيق الياسري عضو اللجنة التحضيرية للمؤتمر والذي قام بدوره بتسليمها إلى اللجنة التحضيرية وما من مجيب! أذكر هذا للتدليل على ان امورنا كانت مرسومة قبل السقوط وإذا عدنا إلى ايامه الأولى سنعثر على خارطة النهب والسلب وضياع الأمن بأشراف برايمر والذي لم يكتف بأشرافه على التخريب والهدم وحل الجيش وسرقة معداته وتهريبها عبر الحدود وكذلك المعامل والمطابع فجاء بمجلس الحكم فوق هذا الركام من الخراب، فأستولى اعضاؤه على العقارات وشرعنوا السرقة محصنين بنظرية الفوضى الخلاقة التي فتحت كل أبواب السرقة وكذلك سبل شرعنتها.
ثم جاءت التركيبة الطائفية للحكم أو تجسدت فقلنا في وقتها انها اللبننة، ولبننة العراق واضحة حيث تتحول الدولة إلى شركات أسهم تتحكم بها الولايات المتحدة الأميركية وتستثمر فيها الدول الإقليمية ويستفيد منها امراء الطوائف وهي الحالة التي تفوقت على الحالة اللبنانية حيث انتشر الفساد بشكله الرهيب والذي جعل العراق يقف في مقدمة دول الفساد ويجعل من مواطنه فاقداً للبوصلة الوطنية ويبعد آلاف الكيلومترات عن دفاتر حسابات النواب والوزراء وقبلهم قادة الكتل.
بعدها فتحوا لنا بوابة جديدة وأسموها"داعش" التي بأمر دُبر في ليل أخذت محافظة الموصل بساعات وأمام مرأى الأميركيين وهكذا دخلت "داعش" إلى مختلف المحافظات، رافق ذلك تهبيط فاضح في اسعار النفط واعلان العجز في ميزانية تعود اللصوص على شفطها، وأصبح الهم الجديد يتمثل بالقصقصات من الغالبية أي الفقراء، ولولا الخطوط المرسومة بعناية لوصلت داعش إلى بغداد حيث سيغادرها الوزراء والنواب إلى الدول التي أودعوا فيها مسروقاتهم.
لا نريد ان "نُعلس" مراراً وتكراراً فهناك من يقول ان مرحلة جديدة ستبدأ ولكن هذه البداية تحتاج إلى توضيح العلاقة مع الولايات المتحدة ودور هذه العلاقة في نشر الاستقرار والكف عن الاستمرار في زج العراق في الفوضى غير الخلاقة بلصوصها وداعشها.. والآن الفلوجة وما أدراك ما الفلوجة؟