د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
لنعترف اولا ان الاصلاح لدولة فاسدة بمستوياتها كافة مثل العراق مهمة صعبة للغاية، ولكن لا خيار او مبرر للتهرب من هذه المهمة والتي يجب ان تتزامن مع حربنا ضد الارهاب لان الفساد هو وجهه الاخر وسر ادامته واستفحاله ولابد من مكافحته سوية خطوة بخطوة. ولم يعد الصمت ممكنا بعد كارثة الكرادة التي لايمكن مطلقا وصف بشاعتها ويصل جرم التقصير والفساد لمستوى جريمة الارهابيين. لابد من اصلاح الدستور والقوانين المنظمة للانتخابات لاصلاح العملية السياسية بالكامل وضمان اختيار كفاءات وطنية تعمل بالحد الادنى من الامتيازات تمثل الشعب وليس حصص الاحزاب والقوى المهيمنة على العملية السياسية والاجهزة الادارية والرئاسات الثلاث، ويجب ان توكل هذه المهمة لخبراء اختصاص يدرسون تجارب العالم وينجزون اعمالهم بسقف زمني محدد ويعرضون النتائج الموضوعية بدون خوف او ضغوط ومجاملات لمناقشتها على الراي العام، ولابد ان توصي ورقة الاصلاح لاعادة النظر بالنظام البرلماني لما سببه من صراعات دامية وتهميش للكفاءات وهدر للمال العام وتعطيل لحركة الدول وتمتد لاصلاح الترهل الاداري للحكومة ولعموم الدولة وانهاء الازدواج المؤسساتي غير المبرر والذي يكلف الموازنة العامة مليارات الدولارات ويوفر فرص عمل لبطالة مقنعة اوجدتها المحاصصة والحاجة لايجاد مناصب رفيعة لابناء الاحزاب والمتنفذين باسم الوطن والديمقراطية والدين، ويمكن ان نشير بعجالة لبعض مظاهر الفساد الاداري اولها نظام الوكالات وثانيها ابتداع نظام الهيئات والتي يجب ان تنهي اعمالها خلال مدة قصيرة لتتولى مهامها بعد ذلك الوزارات المختصة، ولاندري ما جدوي هيئة النزاهة ومكاتب المفتشيين العاميين ويشكلون حكومة داخل الحكومة بوجود جهاز رقابة عريق هو ديوان الرقابة المالية يمكن تعديل قانونة ليتولى المهام الاضافية المنصوص عليها في قانون هيئة النزاهة، ولعله من العجيب ان تشكل مفوضية دائمة للانتخابات بالاف الموظفين وميزانية مليارية للاشراف على انتخابات تجري كل اربع سنوات بامكان لجنة مؤقتة القيام بهذه المهام بتكليف مؤقت مثلما كان يجري عند اجراء الاحصاء العام للسكان، ولانعرف او نلمس اية جدوى وفائدة من مجالس المحافظات والمفترض ان هذا المجلس الاداري يمثل المدراء التنفيذين في المحافظة حسب الاقضية والنواحي وهو الان يمثل الاحزاب ويمنح امتيازات لاشخاص بدون كفاءات او دليل على النزاهة والغريب ان الحكومة والبرلمان وبحجة الاصلاح كرست امتيازات هذه الهيئات الحالية واعادة صياغتها شكليا للمحافظة على فلسفة تشكيلها ورموزها الفاشلة وعاد الامر كما كان واصبح الثلثين من الاعضاء يمثل المحاصصة وثلث تختاره لجان البرلمان بالمخادعة وعلى اساس المحاصصة ايضا والمجاملة.
ولم تصل حركة الاصلاح لمنظمات المجتمع المدني والجمعيات والنقابات كونها كانت الواجهات لتلك المرحلة السابقة ولم تستطع ان تواجه التيار باصلاحات ثورية تنقذ البلاد وتعيد للمهن العريقة دورها الرقابي والتنويري.
ما يحدث ضحك على الذقون والتفاف مفضوح على المطاليب الاصلاحية للشعب الذي لم يجد جهات مستقلة فعلا تتننى مطاليبه ولاتخضع لمساومات السياسة وليس بينهم اعضاء في البرلمان ورؤس كبيرة في الحكومة تحوم حولهم شبهات الارهاب والفساد ففاقد الشىء لايعطيه، ومن يتصدى الان قوى مازالت ضعيفة غير قادرة لاستمالة الشعب لمشروع اصلاح مدني وثورة اصلاحية كبرى فالشعب مازال مسلوب الارادة وتختطفه الشعارات العاطفية بعد ان فشل الخطاب العقلي من مغادرة النخب المثقفة ليصل الى ملايين الفقراء المغيبة عقولهم بسبب الفقر والتطبع على الولاءات المذهبية والعشائرية الموروثة و التي نجح الساسة باستثمارها وخداع الجميع وهم الان يعودون باستثمارها مجددا تحت شعارات الاصلاح والتغيير ومحاربة الفساد والارهاب سقطوا وعادوا لنا باقنعة جديدة والدليل ان الوجوه نفسها مازالت تحكم وترتكبا خطر التجاوزات في وطن يعترف الجميع بغياب القانون وسيطرةعصابات الجريمة المنظمة على الشارع العراقي وامتلاكها كل وسائل الترويع والافلات من قبضة القانون ان وجد. والدليل الالاف من المحكوميين بالاعدام وتسبب كل منهم بقتل الالاف وبالجرم المشهود والاعتراف بينهم متورط بجرائم طائفية وجريمة منظمة محسوبين على كل الجهات يعيشون بفنادق راقية وليس سجون لانهم يدفعون دولارات لسجانيهم وللساسة المنحطين والشعب ينتظر القصاص.. الاصلاح صحوة كلما غابت غاب الاصلاح وانتحر القانون وتبخر حلم الدولة المدنية.