نورالدين مدني/سيدني
يذكر الذين يتابعون"كلام الناس" أنني سبق وعبرت عن إعجابي بالتعددية والثقافية والإثنية التي شكلت النسيج المجتمعي الأسترالي وقلت أنها نموذج حي للتعايش السلمي بين كل ألوان الطيف المجتمعي.
كتبت مراراً وتكراراً مؤكداً أن الإرهاب لا دين له ولا وطن ولا جنس وأنه ظاهرة قديمة قدم البشرية، وأن ما يشهده العالم في زماننا هذا من جرائم إرهابية صناعة خبيثة لتبرير الحرب التي فشلت في مكافحة الإرهاب، لكنها أفلحت في نشر ثقافة الكراهية والعصبيات العنصرية التي طفحت على سطح الكثير من دول العالم.
كتبت أيضاً عن الفرق بين تعزيز الإحترام المتبادل بين مختلف مكونات الأمم والشعوب وبين الذوبان السلبي في المحيط المجتمعيعلى حساب المعتقدات والقيم الخاصة التي تغذي الحياة الإنسانية وتحافظ على تماسك الأسر والأمم.
في مقال سابق ب"كلام الناس" إنتقدت سوء إستغلال بعض الإعلانات في القنوات الفضائية الأسترالية لتبرير العلاقات غير الطبيعية خارج مؤسسة الأسرة، وقتها لم يكن هناك إستفتاء على مشروع تقنين زواج المثليين وكان الكلام حول "جبروت الخلل الذي يهدد البناء الأسري".
أكتب كلام اليوم بمناسبة دعوة رئيس الوزراء الفدرالي لأستراليا مالكولم تيرنبول إلى تجاهل ما وصفه بالحملات المتطرفة وغير السارة المناهضة لمشروع تقنين زواج المثليين، وقوله إن ما يهدد الزواج التقليدي لا يأتي من المثليين وإنما من الهروب والقسوة والتخلي واللامبلاة.
هكذا إتخذ رئيس وزراء أستراليا موقفاً مدافعاً عن التشريع المطروح للإستفتاء وهو يهاجم حملات الرافضين ويصفها ب"المتطرفة وغير السارة" بدلاً من تركهم يعبروا عن رأيهم بكامل حريتهم كما هو متاح بالطبع للاخرين المؤيدين للمشروع.
حتى إذا إتفقنا مع رئيس الوزراء في أن الهروب والقسوة والإهمال والتخلي واللامبالاة تهدد مؤسسة الزواج فإن ذلك لايبرر الدفاع عن زواج المثليين الذي يهدم البناء الأسري بل وبناء المجتمع بأسره.