عبد الاله الصائغ - مشيغن
قال صاحبي ليس للزمان يوم محدد تحتفل به الناس ولا للحياة يوم محدد ولا للانسان ومنذ ان كانت المرأة كان الرجل فكانت الحياة ليس ثمة يوم لعيد الحياة ولا يوم لعيد الهواء!
كيف يكون الاحتفال مبهجا بغياب المرأة او الرجل؟ اكره حد الاغماء والقيء التعابير المخجلة نحو مجلس رجالي او مجلس نسائي جناح في مطعم للرجال وآخر للنساء هما لايفترقان أرأيت الى الشهيق والزفير أرأيت الى الماء قوامه الاوكسجين والهايدروجين!
ثم قالت مقالتي ان أشكالية حقوق المرأة قديمة وملتبسة فمنذ 3000 الى 2000 قبل الميلاد اعتورت الاساطير والملاحم امراض التدوين والتفكير البدائيين لكن اغلبية المعتقدات الدينية البدائية رغَّبت الناس لعبادة المرأة بوصفها منتجة الحياة، فلا عجب ان تكون معظم اسماء الآلهة مؤنثة! وحين نصل العهد البابلي الذي ورث الكثير من المعتقدات السومرية وحورها وبلورها نجد في ملحمة الخليقة او حينما في العلى ان آلهة ثلاثة تعاونوا على تصريف الأمور المبهمة!! وهم الاب آبسو والأم تياما والثالث ممو! ثم تآمر الإثنان الذكران ففتكا بتياما غدراً ومع ذلك تشكَّل الكونُ والخليقة بعامة من جسد تياما الممزق!
ملحمة جلجامش مثال آخر فقد رسمت صورا للمرأة تدعو للتساؤل ابتداء من الآلهة المحبوبة عشتار التي تحرشت جنسيا بجلجامش فأوجعها بشتائمه مرورا بالبغي شمخة ومهمتها مدفوعة الثمن كي تروض انكيدو الانسان المتوحش وسادوري التي لم تعطها الملحمة سوى وظيفة صاحبة حان وقليل من الحكمة !
ولا ننسى شريعة حمورابي التي خوزقت احكامُها المرأة التي تغضب زوجها او المملوكة التي تعصي مالكها! او المصلية التي تزعج الكاهن! لكن الرجل حمل معها الخوزقة والمسوغات متقاربة، وكان اضطهاد المرأة عُرفاً كما بلغنا عن العصر العربي الذي سبق ظهور الاسلام فالمرأة تقتل حية وتسبى وتغتصب وتستعبد مع وجود اديان سماوية كانت تعارض السلوك الجاهلي مع المرأة مثل الابراهيمية واليهودية والمسيحية فضلا عن الحمس والطلس! والديانات السماوية التي تنتصر للمرأة لم تكن مبرأة من الجنوح ضد المرأة بالمطلق لكنها تلصق ما يضير المرأة بالمجتمع ومفهومه للخير والشر!
وظهر الاسلام بارقة أمل ولكن.. انشغل المسلمون بمن يمثل النبي محمد صلعم حيا أوميتا حتى قيل ان البحث عن خليفته شغلهم عن حضور سويعات موته ومراسمها وغبها انشغلوا بالمغازي والفتوحات التي اوجعت الاسلام كما اوجعت البلدان المفتوحة ولم يتفق المؤرخون المسلمون في ايهما اجدى او ايهما الاولى بالاهتمام:
تربية الأعراب والعرب ونشر ثقافة التسامح والتعايش والتخفف من الولاء للقبيلة بينهم ام زجهم بحروب ومغاز لم تنته حتى اليوم!
وفي ذلك وجهات نظر ونحن ننظر اليها باحترام بوصفها رأياً آخر..
لكن بات مؤكدا ان الثقافة العربسلامية والافغاسلامية ونظيريهما اوجعت المرأة بمنظور غريب عن طبائع القوانين السماوية والأرضية وظهرت التيارات التي تزعم ان حرية المرأة بتكليفها في مهمات تقتضيها التخصر بحزام ناسف لتقتل كل من تصل اليه شظايا الحزام الناسف! فعن أي اتكيت حضاري يمارسه الصنوان المرأة والرجل يتحدثون! يمكنك ان تنقد رئيس اي دولة نووية عظمى ولكن احذر من نقد حديث نبوي موضوع او شعيرة عشائرية مبيدة وقائمة المحظورات كثيرة تتسع كل مناحي الحياة.. لننس التاريخ فهو ملغوم امس واليوم!
لكن تاريخ الاحتفاء بيوم المرأة او عيدها متوفر على وثائق غير قابلة للعنعنة اي قال فلان عن فلان عن عن!
اول احتفاء اممي رسمي بات ميقاته الثامن من مارس في كل عام عنوانا لثمرة النضال الطويل من اجل حق المرأة المساوي للرجل في الجوانب الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية وبادرت بعض الدول الى منح المرأة اجازة يوم او يومين كي تنعم بعيدها!
وسيان في ذلك المنظمات المدنية والأحزاب التقدمية الناشطة من اجل المرأة وكانت روسيا والصين السباقتين وعقد في باريس مؤتمر يدعو لحق المرأة واصدر بيانا مهما حول توصلاته وبالتزامن مع ذلك شهدت الولايات المتحدة مظاهرات ومؤتمرات لدعم المرأة في نضالها من اجل حقوقها الطبيعية فتعين 8 مارس ميقاتا للفرح بعيد المرأة !
وثمة من يخلطه بعيد الحب وعيد الأم!
لكن السؤال الأهم في زعمي هل تسمية يوم من السنة عيدا للاحتفال بالمرأة هو ماناضلت المرأة ورفيقها الرجل من أجله؟ّ
والجواب المقترح هو ان حق المرأة ليس مناسبة سنوية للاحتفاء في الهواء الطلق او الهواء المسقف بل هو مواسم تستغرق السنة كلها ولو كانت السنة بطول سنتين لما اكتفى المتنورون والدعاة بعدد الفصول والايام إحتفاء بالمرأة!
وعند المزايدين وما اشقانا بهم عندهم يستحيل شعيرة للصراخ والشبق بحيث تصدر دعوات من الرجال تحرض المرأة على قتل الرجل او ضربه بالمطرقة او فردة الحذاء !
حقوق المرأة مهدورة ياانتم يا انتن ياهم ياهن ويا نحن بسبب ثقافتنا العربسلامية التي تتنتصر للرجل وتستنقص المرأة وفي الحق ان الاثنين يعيشان بيننا بلا حقوق وان الاثنين محتاجان للنضال معا من اجل الديموقراطية التي تُعلي مسلة الإنسان (الانسان هو المرأة والرجل معا) ولا تسمح لكل المسوغات المتجلببة بالدين او العرف او او بالتدخل!
حقوق المرأة كما ينبغي ان تدعو الى الإلغاء التام والمطلق فكرة ان النساء يشكلن فريقا واحدا - لعبة كرة القدم مثلا - وان الرجال هم الفريق المعاكس وان البطولة ان يسجل فريق الرجال اهدافا ضد فريق النساء او ان يسجل فريق النساء اهدافا ضد فريق الرجال!
إذن: حتى نبني مجتمعا عقلانيا متحضرا فالدعوة ماثلة لتكون النساء مع الرجال فريقا واحد ضد فريق الجهالة والتخلف من الجنسين!
ضد السلطات الغاشمة!
اذن ان تحتفل بعض المنظمات المدنية بعيد المرأة وتقتصر الدعوة على النساء فهذا تصرف حسن ولكن الأحسن منه ان يحتفل الرفيقان بالمناسبة فلا تدري هل الرجل يحتفل بالمرأة ام ان المرأة تحتفل بالرجل ! تعالوا انظروا الى غرب الكرة الارضية وشمالها تجدوا ان العنف ضد المرأة حالة نفسية او خلل نفسي يحتاج الى عيادة طبيب نفسي وليس الى كلبشات شرطي!
لكن الغرب بعامة تجاوز خرافة (الكوتا) في الانتخابات والمناصب والسوانح فشهدنا نساء يقدن دولا عملاقة عظمى دون ان يتساءل الانسان الواعي هل انجيلا ميركل سيدة ام سيد ؟؟
هل انديرا غاندي رجل ام امرأة؟
لا لا بل في افريقيا ظهر نلسن مانديلا فهل فكر السود او البيض ان الذكورة او الانوثية مسوغ عظمته او انسانيته!
مقالتي تدعو لأن يخرج النساء والرجال في تظاهرة واحدة من اجل حقوق الانسان، ان يعتصم النساء والرجال ضد الحكام الفاسدين ورجال الدين الفاسدين ورجال الاقتصاد الفاسدين الذين اوقعوا البشرية في حضيض ما بعده حظيظ! هي دعوة للتفكير العلمي العملي بعيدا عن ثقافة الكراهية التي لقفها الرجال من بنيوية المجتمع والتاريخ بعيدا عن ثقافة الكراهية التي لقفتها النساء من بنيوية المجتمع والتاريخ!
ولست مع العظيم ابي العلاء المعري حين اطلق الرصاص على نفوس الرجال والنساء فقرر:
والظلم من شيم النفوس فإن تجد ذا عفةٍ فلِعلَّةٍ لايظلم ايها الاصدقاء والغرماء من رجال ونساء ثقوا وانتم تعرفون اكثر مني ان العالم تغير جدا جدا وان الدنيا اليوم ليست الدنيا قبل عشر سنين ولم تعد عقلية الخمسينات او الستينات ناجعة في مفاتشة الواقع ومغازلة المثال، كلنا بشر مهما اوتينا من الذكاء والعبقرية نخطيء ونصيب وخيرنا من غفر وارتقى فوق مزابل التشفي والحسد والكراهية والثأر دون ان تلامس نعلاه المزابل قال الشاعر دعبل الخزاعي ت 220 هـ في شكواه:
ما أكثر الناسَ لا بل ما أقلهموا الله يشهدُ أني لم أقلْ فندا إني لأفتح عيني حين افتحُها على كثيرٍ ولكن لم اجدْ احدا لم يقل نساء او رجالا بل وحد بين الاثنين في شكواه!!
وقال المتنبي ت 353: وما التأتيث لاسم الشمس عيبٌ ولا التذكيرُ فخرٌ للهلال وبعد الف ونيف من القرون ترتب علينا القبول بواقع مؤلم حين فجعنا ونحن في زمن التواصل الاجتماعي بحماسة النائبات المغفلات في البرلمان العراقي غب 2003 حين تعصبن لقانون الاحوال الشخصية الجعفري وفيه ما فيه من احتقار المرأة والتشجيع على زواج القاصرات والتصرف الكارثي مع الأنثى وفق غطاء ديني مزعوم! وفي رواية طفل الرمال للطاهر بن جلون يبتكر البطل وهو رجل مئناث كثير البنات ان يربي ابنته لتمثل دور الرجل وتساعده زوجته فتعلم ابنتها الصبي المزيف كيف يتحكم بأخواته!
ويعاقب الاكبر منه او منها سناً!!
وعلى ذكره والشيء بالشيء يذكر!
ومرة كنت في صالون دكتورة دجلة السماوي الثقافي وككنت الى جنبها فقالت لي سوف انادي على دكتورة طبعت كتابا جديدا ربما في المرأة وفق ما أتذكر ! فشطح خيالي بعيدا حيث الدكتورات الامريكيات والمخترعات والمكتشفات وحيث المؤلفات الفرنسيات سيمون دث دي بوفوار مثلا بل حتى في مصر عندنا الدكتورة الراقية نوال سعداوي..
ثم جلستْ المحاضرة الكريمة بين دكتورة دجلة وبيني! والقت الدكتورة المحاضرة ديباجتها وختمتها بصاعقة وقعت على رؤوس المتنورين والمتنورات حين اكدت المحاضرة ايمانها العميق بأن (النساء ناقصات عقل ودين ) كيف نفسر قسوت امرأة على المرأة ؟!
وعلى ذكره ايضا مرة شاهدت فيلما تمثل فيه جنفر لوبيز وفي الفلم ان زوجها او حبيبها كان يستعمل العنف معها ولم تشا لوبيز ان تتصل بـ 911 او ان ترسله الى العلاج النفسي او ان تهتكه في الصحف بل اجتهدت الاستعانة بمدرب يعلمها رياضة القتال غير المميت لكمات بقبضة اليد او ظهر القدم او النطح او العكسيات وصبرت كثيرا كي تتعلم رغم ان رقتها تناقض هذه الرياضة العنيفة والمهم ان لوبيز لم تخبر زوجها او عشيقها!
واصبحت لوبيز جاهزة للقاء صاحبها بما يستحق وبما هو جدير، وما إن مد يده نحوها ليضربها كعادته حتى امطرته لوبيز با اللكم واللطم فاستسلم لها لكنها لم تتركه حتى استغاث بها ولو كان شيعيا لقال (دخيل العباس)!
الفلم فيه ظرافة، وانا لن ادعو الى وصفة جنفر لوبيز ولكنني ادعو الى محاكاة الغرب في نظرته الى المرأة مع التوكيد على انني لست منبهرا بالغرب كلية فلدي وجهات نظري النقدية حوله ولكن نظرة الغربي او الغربية الى بعضهما تروقني فهما يتصادقان في العلن وليس في الامكنة البعيدة عن الانظار كما نحن!
والمجتمع يقبل صداقتهما بما فيه العائلتان، والزوجان الغربيان إذا لم ينسجما مع بعضهما يتفارقان بعد ان يتفاهما على موقفهما من الاطفال والتبعات المشتركة والقوانين الغربية وفق معايشتي للحياة في الغرب قرابة عقدين من السنين منحازة عن حق وجدارة للمرأة والطفل والهَرِم والمعوق والمتقطعة به السبل، الامثلة كثيرة وعتيدة ولكن الحديث ذو شجون وليعش الانسان بشقيه المرأة والرجل بوئام تام وليدم السلام والمحبة بينهما ولينحن غصن الزيتون نحوهما ولتهدل حمامة السلام لانسجامهما! ولننشد معا لهما من اجل حياة متسامحة متصالحة متصافحة متوائمة متسالمة لا مكان فيها للغل والحسد والكراهية لا مكان فيها للثأر .