نورالدين مدني/سيدني
موجة كراهية الاخر التي يغذيها البعض بحجة محاربة الإرهاب الذي نتفق جميعاً على محاربته، لكن ليس بردود الفعل المعادية التي أصبحت هي ذاتها مؤججة للفتن المجتمعية والسلام المحلي والإقليمي والعالمي. لذلك فإننا نساند كل خطوة جادة لنشر السلام والمحبة والتعايش مع الاخرين تحت مظلة دولة المواطنة والديمقراطية وسيادة حكم القانون الذي يكفل للجمبع حرية العقيدة وممارسة الطقوس الدينية على الهدي الرباني"لكم دينكم ولي دين". لقد نشأنا في بيئة مجتمعية تسودها قيم التسامح الديني والتعايش مع الاخرين في سلام ومحبة قبل أن تطفوا على سطح المجتمعات البشرية تيارات الغلو والتطرف وكراهية الاخر التي سممت الأجواء الإنسانية في العالم أجمع. لا أنسى ما حييت إجابة الدكتور زكريا إبراهيم الذي درسنا الفلسفة في جامعة القاهرة فرع الخرطوم"النيلين" حالياًعندما سألناه بعفوية عن دينه، فأجابنا بسؤال حيرنا وهو يقول: ولماذا تريدون معرفة ديني؟ وعنما قلنا له كي نهنئك بالعيد قال لنا: ليتكم تهنئوني في كل الأعياد الدينية. لاأدعي أنني قد إستوعبت وقتها هذه الإجابة التي تؤكد فهمه المستنير للتدين الحقيقي الذي يجسد كل قيم ومقاصد الأديان السماوية منذ إبراهيم الخليل وحتى خاتم الانبياء والرسل التي ربطت رسالته الخاتمة الإيمان بالله بالإيمان بملائكته وكتبه ورسله. تذكرت كل هذا وانا أتابع ردود الفعل الإيجابية التي جاءت من داخل بريطانيا داعمة للمسلمين البريطانيين بعد أن تسلم بعضهم رسائل معادية تهددهم وتحرض البريطانيين على العنف ضدهم تحت شعار "يوم معاقبة مسلم". لم تقصر الشرطة البريطانية في التحقيق حول هذه الحملة المشبوهة لكن رد الفعل المجتمعي جاء داعماً للمسلميين البريطانيين وحثهم على عدم تغيير سلوكهم إنصياعاً لحملة التخويف والتهديد، وإنتشرت أنشطة مضادة لحملة كراهية المسلمين تحت شعار "يوم إظهار الحب لمسلم" و"نقف معاً". إننا في أمس الحاجة خاصة في البلاد المتعددة الثقافات والأعراق لنشر قيم وثقافة وممارسات التسامح الديني والتعايش السلمي مع الاخرين والإحترام المتبادل للمعتقدات الدينية تحت مظلة سيادة القانون الذي يحمي الجميع من التعدي على حرياتهم الدينية والسياسية والفكرية في دولة المواطنة والديمقراطية وإحترام كرامة المواطنين وكفالة جميع حقوقهم المشروعة.