نورالدين مدني/سيدني
مازالت ردود الفعل تتوالى على كلام الناس السبت الذي كان بعنوان دروس تربوية من اليابان الأمر الذي يشير إلى تزايد الإهتمام بالهموم التربوية التي أصبحت هموماً عامة ومهمة تستحق المزيد من التناول.
الأسبوع الماضي وقفت عند مداخلة إخصائية المختبرات الطبية بمجمع الرحمة بالخرطوم سلوى - كريمة المغفور له بإذن الله صديقي الباحث الإجتماعي محمود محمد البشيرالتي أمضيت معه فترة عمل خصيبة بالفاشر عندما كنت باحثاً إجتماعياً بمصلحة السجون - حول ذات الموضوع، حيث قالت إن القيم والمثل والسلوك الاخلاقي الذي يبهركم في اليابان وفي غيرها من دول العالم هي ذات القيم والمثل والسلوكيات الموجودة في تعاليمنا الدينية لكننا للأسف هجرناها، وها نحن نسعى للحاق بها عندهم.
هذه المداخلة المهمة أعادت كرة التربية إلى ملعبنا في بلادنا أم في تلك البلاد التي إستقرت فيها الكثير من الأسر السودانية، التي أصبحت عملياً تعاني من صراع داخي بين الإندماج الإيجابي في نسيجها المجتمعي وبين حالة الذوبان التام في بحر ثقافاتها.
لاشك في أن فضاءات العولمة التي إجتاحت كل انحاء العالم إضافة للمشغوليات المعيشية التي جعلت الإهتمام التربوي يتراجع، والتداعيات السالبة لثورةالإتصلات وإنتشار وسائط التواصل الإجتماعي، كل هذه العوامل عمقت الهوة النفسية والقيمية بين مختلف أفراد الأسرة.
لذلك أصبح التحدي الأكبر أمام كل الأسر - هنا وهناك - هو كيفية إسترداد الوسط الأسري المعافى الذي تستطيع فيه الأسر تقديم الجرعات التربوية بالتي هي أحسن بعيداً عن الضغوط والإكراه، ليس من أجل تامين التماسك الأسري على أهميته إنما لتأمين مستقبل الأجيال الصاعدة من الأخطار المحدقة بهم.
هذا يعود بنا إلى السؤال الأهم وهو كيف نستطيع تحقيق التوازن المطلوب في حياة بناتنا وأولادنا بين موروثاتهم الدينية والمجتمعية التي تحميهم من شرور أنفسهم وسيئات أعمالهم، وبين الإندماج الإيجابي في المجتمع المحيط بهم ومواكبة التطورات العلمية والتقنية التي لا غنى عنها لتأمين مستقبلهم الأكاديمي والمهني والإجتماعي.
إن تنامي إنتشار المخدرات ومغيبات العقل وضعف النسيج الأسري بل تفككه في بعض الاحيان في ظل فضاءات الحريات المتاحة ووالإستغلال السيئ للحقوق المحمية بالقوانين والمواثيق الدولية، لا يبرر ترك حبل التربية على غارب الشباب وعدم الإهتمام بما يجري لبناتنا وأولادنا في علاقاتهم/ن بما حولهم/ن، وما يحدث لهم/ن من متغيرات سلوكية أو ذهنية أونفسية كي لا يقعوا فريسة الإنحراف الفكري أوالسلوكي وهم بين أيدينا.