نورالدين مدني/سيدني
تحتفل أوروبا في اليوم التاسع من شهر مايو من كل عام بذكرى يوم الاتحاد وهم ينشدون "لانريد أية حروب أخرى.. السلام هو كل أمنياتنا" الأغنية التي يرددها الأبناء والبنات وهم يعبرون عن رؤاهم وأحلامهم في عالم يسود فيه السلام ويتعذر التعايش والتعاون بينهم. في مثل هذا العام من عام1950م تم إعلان شومان، وزير الخارجية الفرنسي الذي ابتدر تنظيم وإدارة مادتين أوليتين هما الفحم والصلب اللذان كانا آنذاك عصب الصناعة ضمن اتحاد إقليمي باسم المجموعة الأوربية للفحم والصلب فوضع بذلك الاساس للاتحاد الأوروبى الذي أصبح اليوم ملء سمع وبصر العالم. كانت أوروبا تعانى من ويلات الحروب والتمزق والتشرذم فانتقلت بهذه الخطوة الاقتصادية العملية إلى رحاب التعاون والسلام، لهذا تحرص الدول الأوروبية على الاحتفال بهذا اليوم بطرح مشروعات تعزز الوحدة والتعاون، مثل الذي ابتدرته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عبر مشروعين أحدهما "نحو بيئة خضراء" الذي يهدف لإنتاج المواد الغذائية.
بهذه المناسبة تم قبل سنوات في الاحتفال الذي نظمه سفير الاتحاد الاوروبي في السودان توماس يوليشني بمقر الاتحاد بالخرطوم تدشين جمعية الصداقة السودانية الأوروبية برئاسة جمال الوالي و تضم الجمعية تحت مظلتها خمس عشرة جمعية من جمعيات الصداقة الثنائية مع الدول الأوروبية، وتهدف لتشجيع الحوار والتعاون بين السودان ودول الاتحاد الأوروبي في مختلف المجالات.
ما أحوجنا ونحن مازلنا نعانى من ويلات النزاعات والتشرذم والانكفاء الجهوي والقبلي للاسترشاد بمثل هذه التجارب الإنسانية التي أكدت إمكانية الوحدة في ظل التنوع والتعدد وانتقلت عملياً بشعوبها من ويلات النزاعات إلى رحاب التعايش والتعاون لصالح الإنسان الأوروبي والإنسانية جمعاء.
إننا في حاجة ماسة، إضافة لاستعجال الحل السياسي السلمي القومي الديمقراطي، إلى تبني مشروعات اقتصادية بناءة لمحاصرة تداعيات الأزمة الاقتصادية الخانقة التي طالت الحاجات الإنسانية والضرورية اللصيقة الصلة بحياة الناس اليومية، وإلى حل جذري يعالج الاختلالات الظاهرة في الأداءالسياسيي والاقتصادي والمالي. كما تزداد حاجتنا أيضاً إلى تعزيز التعاون الإيجابي مع دول الجوار المحيطة بنا في المجالات الاقتصادية خاصة مع جارتنا الوليدة التي خرجت من رحم السودان القديم دولة جنوب السودان، وتجاوز كل أسباب اللتوترات المفتعله ومحاصرة نيران الفتن التي يؤججها أعداء السلام والوئام والتعاون في البلدين.
ليتنا نستلهم مثل هذه الدروس الإنسانية الإيجابية من تجارب العالم المحيط بنا و نعمل بجدية لإعمار علاقاتنا مع كل دول الجوار وعلى الأخص مع دولة جنوب السودان، إن لم يكن من أجل إسترداد وحدة السودان التليد يكون هدفنا الآني تعزيز السلام والتعايش والتعاون بين شعب السودان في بلدينا.