نورالدين مدني/سيدني
مازال الغموض سيد الموقف في السودان عقب إعلان قوى الحرية والتغييرتأجيل الإجتماع الذي كان مقرراً عقده الجمعة الماضية للإتفاق على الوثيقة الدستورية في محاولة لتحقيق إتفاق وسط كل مكونات قوى الحرية والتغيير حولها.
رغم ذلك لايستطيع المرء الجلوس على مقاعد المتفرجين وسط تصاعد الغضب الجماهيري من إستمرار حالة التجاذب بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري، فقد شهدت الخرطوم مظاهرات حاشدة تجمعت في الساحة الخضراء وغيرت إسمها إلى ساحة الحرية مطالبة بتحقيق أهداف الثورة في السلام والحرية والعدالة ونقل السلطة إلى الحكومة المدنية بكامل إستحقاقاتها.
من ناحية اخرى شهدت العاصمة الأثيوبية أديس أببا إجتماعات مكثفة بين وفد من قوى الحرية والتغيير وبعض ممثلي الحركات المسلحة في الجبهة الثورية التي أبدت تحفظها على الإتفاق السياسي الذي تم التوقيع عليه بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.
في ذات الوقت وصل مبعوث الإتحاد الأفريقي رئيس لجنة الوساطة الأفراو أثيوبية محمد حسن لبات إلى أديس أببا للمساعدة في إقناع الحركات المسلحة للحاق بالإتفاق بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري.
مهما يكن من أمر الخلافات التي ظهرت وسط بعض مكونات قوى الحرية والتغيير فإنه ليس من مصلحة أي مكون الإنفراد بإعلان موقفه خارج قرار قوى الحرية والتغيير خاصة وأن هناك شبه إجماع حول الإعلان السياسي.
من ناحية أخرى ليس من مصلحة أي حركة من الحركات المسلحة التخندق خلف النهج القديم ورفض الإتفاق السياسي ومحاولة الضغط للحصول على مكاسب في السلطة والثروة كما كان يحدث في عهد النظام السابق دون جدوى، ولابد من إعلاء شان الإتفاق على مستحقات السلام الشامل العادل في كل ربوع السودان بعيداً عن المحاصصة والإستوزار.
أيضاً على المجلس العسكري بكل مكوناته التي إنحازت للإرادة الشعبية الإستمرار بصدق وإخلاص وتجرد من أجل حماية وتأمين مكتسبات الجماهير الثائرة، وأخذ الإعتبار من التجارب غير المجدية للنظام السابق التي فشلت بكل إجراءاتها الامنية والعسكرية في تحقيق السلام الشامل العادل في ربوع السودان أو قهر الإرادة الشعبية.
مرة أخرى لابد من التأكيد بأنه ليس من مصلحة أي طرف من الاطراف حتى الاطراف التي مازالت تسعى لعرقلة مسار الإتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير، لأن الأهم في هذه المرحلة إستكمال الإتفاق على الوثيقة الدستورية دون مزايدة غير مجدية، على أن تعكف الأحزاب السياسية والحركات المسلحة - بعد الدخول في العملية السياسية المدنية - والتنظيمات والإتحادات المهنية والنقابية على إعادة ترتيب أوضاعها التنظيمية للمشاركة الفاعلة في مرحلة مابعد إنتهاء الفترة الإنتقالية للحكم المدني الديمقراطي الذي يهئ الأجواء السياسية والقانونية للجميع للتنافس السلمي على السلطة عبر الإنتخابات الحرة النزيهة وليس عبر المحاصصات الفوقية.