-
كانت حلولي البيتية تسكن النسوة القاطنات بين صفحات دفتري
-
النقاد انقسموا وكل حدد نقده لمجموعته التي هي قريبة منه
-
التجريب ضرورة في التشكيل العربي والبحث عن كل ما يسحبنا من التكرار وخلق تكنيك وعناصر لصيغ مختلفة
-
الفلسفة تشكل الجزء الكبير سواء بالفن او الادب وفي اكثر مجالاتنا الأخرى
حاورها / فهد الصكر- بغداد
لايتوقف الفنان عند تجربة واحدة ، ليظل يدور حول حلقاتها، اذ يسعى دائما الى البحث والتجريب، وصولا الى مشاهد بصرية لم يطرق ابوابها من قبل، وهذا ماتجده لدى الفنانة التشكيلية "لمياء حسين" ، ومن خلال متابعتي لمنجزها الابداعي، وجدتها تعمل في المنطقة الفنية التي لم يتناولها اي فنان أو فنانة من قبل، وهذا النزوع هو ما جعلها متجددة في المشهد التشكيلي العراقي.
وحول تجربتها التشكيلية ورؤاها الفنية ، وقريبا من عالمها، كان هذا الحوار المفتوح ..
- متى كانت ولادة أول لوحة في حياتك ؟
-لا ادري متى كانت ولادة لوحتي الأولى، هل كانت قبلي أم أنا قبلها.. وأنا تلميذة كنت أملا كراريسي بكتل نساء واشجار. .تسألني المعلمة عن حلولي البيتية اجيبها ان الحل لدى هؤلاء النسوة القاطنات بين صفحات دفتري. كنت أرسم لوحات وابكيها ولا تسألني لماذا فلا أعرف السبب... كنت أتوق للمشاركة في معارض الرواد، حين كنت لم أزل في دراستي المتوسطة ،تبهرني المعارض ومركز الفنون الذي طالما سرت بهدوء على اطراف اصابعي وأنا اتجول بين ممراته وقاعاته كي لاازعج همس اللوحات، صار هاجسي ان اشارك معهم كنت اتابط لوحتي وكلي شغف ان تعرض.. وهكذا مرات ومرات فحينها لم يكن يسمح لغير خريجي الفنون بالمشاركة فلم احبط.. واخيرا علقت لوحتي وشاركت معهم بعد اقتناع اللجنة بأعمالي فنصحوني ان ادخل معهد الفنون لأحصل على شهادة فنية فضحيت بسنتين دراسية لأعود واكون بين جدران معهد الفنون تحتويني واحتويها وهكذا..
- هل نحن الآن بحاجة إلى حركة تجريب في التشكيل العربي لكدم التكرار إن وجد؟
- اكيد وبلا شك نحن بحاجة لهكذا حركة، فالتكرار والتقليد واستلاب الفكرة كلها صارت من الامور التي يستخدمها الكثير فلم نعد نرى على الساحة التشكيلية وفي مختلف بلدان العالم ما يلفتنا من اساليب وتكنيك ذا استكشاف جديد ولو انه تقريبا الموضوع واحد والذي نتناوله بطرق واساليب وتكنيك مختلف، اي لكل منا هويته وبصمته. فالتجريب ضروري جدا في التشكيل العربي والبحث عن كل ما يسحبنا من التكرار الخلق تكنيك وعناصر لصيغ مختلفة.
- هل تجدين أن المشهد الفني " التشكيل" يجب ان ينحى على هذا النحو، كأن يستخدم المعالجة الانطولوجية؟
- يحتاج المشهد التشكيلي للانطولوجية اكيد لكن صارت هناك الكثير من المبالغة في تكراره واستخداماته الدائمة...نعرف جميعا ان الفلسفة تشكل الجزء الكبير سواء بالفن او الادب او في اكثر مجالاتنا.. وبما ان الانطولوجية هي احد فروع الميتافيزيقية والتي تبحث في علم الوجود الكينوني وفلسفتها الاولى تتناول اعلى انواع جوهرها الذي هو الله ( عز وجل ) كما توصل لها ارسطو والتي تدرس المفارقة في المادة.. وهناك الكثير من اختلاف الآراء والرؤيا ضمن هذا المنحى.. فلا ضير من ان ينحى المشهد التشكيلي هكذا منحى لكن بلا مبالغة ولا الغاء لباقي الاساليب الاخرى كان تمتلئ الساحة الفنية بالانطولوجية التي توصلنا لطريق ذي باب واحدة ضمن دائرة مغلقة لا منفذ لها ولا تجديد
- لديك مشاركات في مهرجانات شهدها المتغير الثقافي في وطننا العربي ،كيف وجدت التعاطي مع الفضاء التشكيلي العربي ؟
- بكل تأكيد ان التعاطي مع الفضاء التشكيلي العربي جدا مهم وضروري لأي فنان ومبدع لما ما سيخوضه من تجربة رائعة توصله لخلق جديد، من خلال توحده وانغماسه بثقافات اخرى جديدة مغايرة لثقافته، او لثقافة بلده، فمن خلال تعرفه لفضاء جديد يتيح له الاكتساب الاكبر لكل ما يتوق ان يخزنه لإثراء تجربته، فأضاف لي هذا الفضاء التعرف على فنانين واساليبهم الفنية والثقافية، فلابد للفن ان يتجاوز كل المساحات والفضاءات ويحلق لفضاء اوسع يحطم من خلاله قضبان العزلة ،سواء كانت عزلة الذات ام عزلة لظروف بلده ،فالمهم هنا خزن واكتساب كل ماهو بحاجة لان يكمل ماينقصه من معرفة.
- هل أنصفك النقد، ومن هم النقاد الذين تناولوا تجربتك التشكيلية؟
- طبعا لم ينصفني النقد ولم انال حصتي من النقاد، لان كل منهم له حصته التي تخصه من الفنانين، يعني حتى النقاد انقسموا وكل حدد نقده لمجموعته.. ومن انتشر في الساحة الفنية ضمن المحسوبيات لم افرض نفسي يوما لأي ناقد ولم اتسلق لغرض ان ابرز او حتى ان يكتب عني الناقد الفلاني، اعمل واشارك لاري رسالتي، طبعا هناك العديد من تناول اعمالي ونقد تجربتي والعديد من الصحف ايضا لكن ليس كما اصبح النقد الان يتناول نقد نفس الفنانين وبصورة مبالغ بها اما لمحسوبيات الصداقة او خذ واعطي، فبئس هكذا نقد الذي صار يتداول كالعملة فشكرا للنقاد الذين يرون امامهم فقط ولا يبحثوا عن المهمشين الذين يستحقون التفاتة لمنجزهم.
- ما رأيك بدقة وصف الأحداث في المتن الحكائي للوحة التشكيلية؟
- الوصف الحكائي للوحة التشكيلية من الاساليب التي ينهجها الكثير من الفنانين ،وبدا هذا الوصف تقريبا منذ وجد الرسم حتى انه مصور على جدران الكهوف كيف كان الانسان الاول يصف احداث يومه وصيده واعماله التي يمارسها وكأنه يدوّن ملاحظاته في مفكرته اليومية ،فمن هنا بدا وصف الحدث الحكائي للوحة التشكيلية واتبعتها باقي الفترات حتى استعانوا بهذا الاسلوب كبديل للتصوير الفوتوغرافي وغيره، في وقتنا نحى المتن الحكائي منحى اخر، كأن يدون الفنان كل تفاصيل الحكايا، فمثلا يستعين بنص شعري او مقطع من قصة ليحكيها على اللوحة بتفاصيل مباشرة جدا وكأننا امام
قصة نشاهدها فوق لوحة، وصارت احيانا بكل تفاصيلها وعدم استخدام الرمز او الاختزال تميل الى التكرار الممل او سذاجة المشهد او ركاكة الوصف، لأشير من الاسلوب الحكائي لكن بتلاعب فني يقودنا لاكتسشاف طرق جديدة توازن بين الحكائي والوصف اللا مباشر او الاختزال، فاين خلق المبدع هنا واين بحثه لأسلوب جديد يحمل هويته وبصمته اذا كان يصور حكاية دون اللجوء للبحث عن كل ما يميز عمله ،فليكن الوصف مؤثر بطريقة مختزلة وبأجواء مختصرة لوصف المشهد التصويري، فلنسميه تصويري لانه يصور المشهد بدقة لكل التفاصيل.
- كيف تنظرين إلى أفق التجديد في ظلّ المشهد التشكيلي والمدونات الثقافية الأخرى في سنوات ما بعد الربيع العربي؟
- ما بعد الربيع العربي اكتظ الافق التشكيلي بكل التأثيرات التي شهدتها الساحة او المنطقة العربية، فصارت اللوحة التشكيلية تدوّن ما يحدث بالساحة من دمار وفوضى، واختلط الجمال بالقبح وعدم التمييز بينهما ،فتحول المشهد التشكيلي انعكاسا لكل الاحداث التي مر ويمر بها العربي واخذ الفنان يصوغ تكرار نفس القضية بعدة منطلقات ورؤى تعكس المشهد نفسه، ولكن كل وطابعه الفني فترجمه البعض بتشويه الانسان والانسانية والبعض بآلام ومعاناة الانسان والدمار الذي مر بالمنطقة جراء كل التغييرات فهل هذا ربيع عربي ام عواصف تجر معها خيباتنا وعدم انقاذنا لأنفسنا او انتشال ما تبقى من خلال ما هو افضل لما انجزناه من تغيرات على الساحة، وهنا لابد من التجديد الذي نتوق اليه كتوقنا لكل التغيرات وحين نجدد ما بذاتنا سنجد باننا جددنا واقعنا واحداثنا المأساوية لرؤيا اعمق وانقى واكثر تنظيما.
- أتمنى أن ترسمي لي آفق مستقبل الثقافة العربية بلوحة تدونين فيها وجعك كرسامة؟
- مستقبل الثقافة العربية بالتأكيد حاليا غير واضحة الملامح بعد،تمر في حاﻻت مخاض لولادة عسيرة في ظل الظروف الغير صحية، وهنا لابد من ان نؤكد ان لامستقبل مشرق وحقيقي لثقافتنا العربية مالم نغربلها من الشوائب التي طرأت عليها لتعود معافاة بردائها الناصع، فبالتأكيد توعكها سيصيبنا مما يشل اطراف ثقافتنا وسنعاني جميعا من هذه الترسبات، أكيد كرسامة أتأثر وتأثرت بما يجري من اوجاع لمفاصل الثقافة وطبعا يسري هذا الوجع للفنان والاديب والمثقف بل لكل الشرائح كل حسب استيعابه للحدث ،فهنا يظل وجعي لان مجتمعي العربي وبلدي موجوع وأظل أعاني طالما بلدي يعاني واكيد سيترجم هذا الألم فوق قماش لوحتي.
ببلوغرافيا لمياء حسين:
- حاصلة على دبلوم رسم من معهد الفنون الجميلة في بغداد عام 1998.
- أقيم لها خمسة معارض شخصية، وشاركت في العشرات من المعارض المشتركة في العراق وخارجه.
- تصمم المعلقات (البوسترات) وغلف الكتب والمجلات.
- حاصلة على جوائز وشهادات تقدير من مؤسسات عديدة.