العامل الوطني كان المحرك الأساس للثورة،
عكس ما نشهده الان من تغليب للمصلحة الشخصية والفئوية والحزبية
علاء الماجد/ بغداد
مرت علينا قبل أيام الذكرى الثامنة والخمسون لثورة 14 تموز التي احدثت انعطافا كبيرا في سياسة العراق. الثورة التي حققت كتابة الدستور المؤقت لأول جمهورية عراقية يحكمها اول رئيس عراقي لتحقق مصالح جميع أطياف الشعب العراقي والتي قامت بإلغاء جميع القواعد العسكرية الاجنبية في العراق، وجميع الاتفاقيات الاقتصادية التي كان العراق الخاسر الوحيد فيها. الخروج من حلف بغداد (السنتو) واصدار قانون رقم 80 لعام 61 الذي قرر تأميم جميع الاراضي التي تحت سيطرة شركات النفط الاجنبية الغير مستثمرة والتي تشكل 95% من اراضي العراق ، وتشريع قانون الاصلاح الزراعي الذي انهى سيطرة الاقطاع، وقانون الاحوال المدنية الذي انصف المرأة العراقية، وجعلها تتسنم منصبا وزاريا في اول حكومة في العهد الجمهوري. ثورة 14 تموز التي استمرت اربعة سنوات ونصف قامت بإنجازات كبيرة لم يحققها النظام الملكي ولا الأنظمة التي جاءت بعد الثورة، فعلى صعيد التعليم تم انشاء 2334 مدرسة و 776 مدرسة لمحو الامية وعشرات المدارس الاهلية وفي مجال الطب قامت الثورة ببناء مدينة الطب والمستشفى الجمهوري ومستشفى الشماعية وعشرات المستشفيات الاخرى، وفي مجال النقل والتجارة تم بناء ميناء ام قصر في البصرة وفي مجال استغلال الموارد المائية تم بناء سد دربنديخان والكثير من السدود في عموم العراق، وتم تطوير الجيش العراقي وتسليحه بأحدث الاسلحة والاهتمام بتدريبه. هذه الثورة التي رسمت مستقبلا لبلد عانى من الاحتلالات، ولكنها تعرضت للتآمر من قوى الامبريالية وقوى واجهضت مبكرا وحاول أعداء العراق النيل منها ومن زعيمها.
اجهضت هذه الثورة بانقلاب دموي يوم 8 شباط لتأتي بعد ذلك حقبا من حكم سلطات غاشمة، أدخلت العراق في نزاعات وحروب وازمات لم يجن منها غير الويلات والخسائر حتى انهارت البنية التحتية بالكامل بعد الاحتلال الأمريكي للعراق.
"بانوراما" استطلعت آراء عددا من المختصين والمثقفين في هذه الذكرى:
- النائب جوزيف صليوا سبي رئيس كتلة الوركاء النيابية:
ابارك الى ابناء شعبنا العراقي بمختلف مكوناته بحلول ذكراها الـ 58 والتي كانت ثورة الشعب العراقي ضد الرجعية وتحققت بها منجزات كبيرة رغم عمرها القصير. وكانت نقطة تحول نحو التآخي بين ابناء المكونات العراقية وانصفت فقراء العراق وكادحيه. تحل علينا هذه الذكرى والعراق يعيش حالة تردي سياسي واقتصادي وامني بسبب نظام المحاصصة الذي اوغل بمقدرات العراقيين وارواحهم ولم يحقق رغم مرور 13 عام ولو جزء بسيط من منجزات هذه الثورة الخالدة. وبهذه المناسبة العظيمة اتمنى لأبناء شعبنا بالاستمرار في محاربة الفساد من خلال الحركة الاحتجاجية التي رفعت شعارات الاصلاح ولا زالت مستمرة، فلا بديل غيرها لتخليص العراق من هذه المحنة. كل عام والشعب العراقي بالف خير. والمجد للذكرى الـ 58 لثورة تموز المجيدة.
- الإعلامية شيماء المياحي:
خلقت ثورة 14 تموز اختلافا واسعا حول ماهيتها واسبابها فبين من يجدها انقلاب عسكري لتغيير النظام وبين من يقرأها كانتفاضة شعبية ساهمت بها الاحزاب الوطنية وحتى هناك من يجدها حركة فوضوية رافقها السلب والنهب وبذلك هي ليست ثورة شعبية .. بداية على من يبحث عن حقيقة اي حدث لابد اولا ان ينظر بدقة وتحليل للبيئة التي انجبته وان لا يلامس فقط سطح الامور.. فهل كان العهد الملكي خصوصا في اواخر عمره عهدا مزدهرا مستقرا؟
الاجابة لا، فالفقر كان متفشيا والتعليم متأخر رغم وجود الثروات الدستور غير مطبق سيطرة للشيوخ والملاكين.. لهذه الاسباب وغيرها امتد التذمر ليشمل صفوف الجيش والطلبة والنقابات ،نعم كانت هناك خشية من بريطانيا وامريكا على مصالحهم بعد انتشار الشيوعية لكن الدافع الاساس كان الوضع الداخلي المزري الذي يعيشه الشعب..
ويروي التاريخ ان السفير البريطاني هنري ترفليان كان على اتصال بالوصي وطلب منه مرار تغيير النهج بالاعتماد على الملاكين والشيوخ وابعادهم عن السلطة.. وقبل 3 اشهر من الثورة حضر السفير لرؤية الوصي والملك ولم يجدهم فقال (سلاما على الملكية والعشائر) وخرج ساخطا..
نستنتج من كل ذلك اسباب قيام الثورة لعوامل داخلية متمثلة بالأوضاع المتردية. ولا يمكن ان تنعت الثورة بغير الوطنية وهذا ما يستخلص من منجزاتها حيث الغت الملكية وعززت الاستقلال السياسي للعراق من جميع المعاهدات واكدت بدستورها على اهمية الوحدة الوطنية بين جميع الطوائف وقضت على سياسة الانحياز للغرب التي سار عليها النظام الملكي وانتهجت الحياد..
اما القضاء على الفقر فكان هدفا اساسيا لابرز قادتها عبد الكريم قاسم.. كما احترمت الثورة دور المعارضين للحكم الملكي وطالبتهم بتقديم مرشحين للمناصب مع مراعاة اشراك القوميات والاديان المختلفة..
لا ننفي وجود بعض الهنات وهذا طبيعي ويرافق اي ثورة ولكن بنسب مختلفة لكون التوافق صعب بين العسكر والمدنيين..
المهم في الامر ان العامل الوطني كان المحرك الاساس بعكس ما نشهد حاليا من تغليب للمصلحة الشخصية والفئوية والحزبية على المصلحة الوطنية.. والسعي الحثيث نحو المناصب والاثراء بطرق غير مشروعه يتصدرها الفساد.. بينما غادر الزعيم عبد الكريم قاسم الحياة ولا يملك دارا له.. الفرق شاسع وشتان بين الثرى والثريا.
الكاتب والصحفي علي علي مدير تحرير وكالة العهد نيوز:
قبل ثمانية وخمسين عاما، عرف العراقيون إنسانا لم يألفوا مثله من قبل، بعد أن عاشوا قرونا تحت نير احتلالات وحروب وحصارات و (سقوط) أكثر من مرة. كان هذا الإنسان هو عبد الكريم قاسم، حيث اعتلى المركز الأول والأعلى في قيادة العراق وحكمه. ورغم مرور عقود على غيابه مازال العراقيون يكنون له الحب في سرهم وعلنهم بشكل منقطع النظير.
ورب سائل يسأل عن السر الذي يجعل عشق العراقيين مازال قائما لشخصية رحلت الى بارئها منذ أكثر من نصف قرن. ورب سائل آخر يثير بسؤاله عن تلك الشخصية أسئلة أخرى تحتاج الإجابة عنها الى صراحة وجرأة وواقعية.
والإجابة عن الأسئلة جميعها يتطلب معرفة تلك الشخصية ودورها في الحياة.
لم يكن هذا الإنسان مختلفا عن باقي البشر من معيته في حياته العامة والخاصة والمهنية، فإن أردت القول بنزاهته قد يستوقفني أحدهم ويقول أن هناك من هو نزيه مثله آنذاك - واليوم كذلك- وإن أردت الإشادة بوطنيته، يستوقفني آخر بالإشارة الى نخبة من الوطنيين يزخر بهم تاريخ العراق الحديث والمعاصر والقديم.
أما لو تحدثت عن سلوكياته وطبائعه وشمائله وخصاله، فسأستوقف نفسي بنفسي، ذلك أن مجتمعنا العراقي شهد له التاريخ ويشهد عن كم الشخصيات التي تتحلى بالصفات الحميدة،. إذ بادئ أي متحدث عن الشخصيات المميزة التي وطئت أقدامها العراق سيكون حتما الإمام علي (ع).
والحديث عنه لا تحتويه مقالات ولا كتب ولا مجلدات. والى يومنا هذا مازالت أمهات العراق ولادات لعراقيين باتوا مضرب الأمثال في الخصال السامية والحميدة في كل البلدان. كذلك تندرج في صفحة الشخصيات المميزة صور مشرقة جميلة أخرى، لرجالات اعتلوا كرسي السلطة، وتسنموا مهام أعمالهم، ووضعوا أمام حدقات عيونهم مصلحة البلاد والعباد، وعدّوها رسالة مقدسة أوجبوا على أنفسهم تأديتها بكل أمانة وإخلاص. لكن الحديث عن الـ (زعيم) يأخذ شكلا آخر، فمن حيث التوقيت، أصبح هذا الرجل هو الرجل الأول في الدولة العراقية، في منتصف قرن شهد نصفه الأول حربين عالميتين طال شررها العراق.
كما انه صعد منصة حكم صنعها بنفسه، ولم تأتِه بها حكومة بريطانية او أمريكية.
كما جاء في وقت لم يمضِ على العراقيين سوى أربعين عاما من تحررهم من احتلال العثمانيين، وانضوائهم تحت العلم البريطاني بمسمى الملكية، على الرغم من سعي شخصيات وطنية للانسلاخ من سطوة بريطانيا على العراق آنذاك. أما من حيث السيرة؛ فالزعيم كان معروفا من القاصي والداني، بما لا يقبل الشك عن ولائه التام والمطلق للعراق والعراقيين، ولم تدخل بحساباته يوما عائدية المواطن العراقي الدينية والطائفية والقومية والعرقية والعشائرية، كما لم يستل سيفه ضد من انتمى لفئة او حزب مادام في خدمة العراق. ولم يحمل قلبه ضغائن وأحقادا حتى لمن حاربوه وحاولوا قتله، بل على العكس فقد رفع شعار: عفا الله عما سلف.
أما المهنية؛ فحسبنا في تحليه بها ما أنشئ في مدة حكمه -القصيرة جدا- من عمران وبناء وإسكان وتخطيط سليم، مازالت معالمه شاخصة امامنا، ومازال العراقيون يتفيأون بظلال إنجازاته على الأصعدة النفطية والزراعية والصناعية والاجتماعية والتربوية والصحية. أفبعد هذا كله يبقى عشق العراقيين للزعيم سرا؟! وهل يحذو حذوه ساسة حاضرنا وينتهجون نهجه، كي يعشقهم العراقيون مثل ما عشقوه؟
ليتهم يكونون مثله..!
- الكاتبة شذى فرج:
ثورة ١٤ تموز كانت ومازالت في ذاكرة كل عراقي كان يحلم بدولة مدنية عصرية نتمناها لحد هذه اللحظة. أبتدأ بها العراق بكل الاصلاحات التي أخذت مسارا صحيحا لعراق يتمنى الجميع العيش فيه برغد، أبتدأ بقرارات النفط رقم ٨٠ الذي حدد الاستكشافات المستقبلية لاستثمارات شركة النفط العراقية - البريطانية وهو بهذا يعتبر المؤمم الحقيقي للنفط. وكذلك بناء لقاعدة صناعية وأقامه منشأت صناعية مثل منشأة الاسكندرية ومصانع الالبان في أبو غريب والحرص على عدم حاجة العراق للاستيراد من الدول التي كان يستورد منها انذاك كما وكانت بداية لقاعدة زراعية تحكي زمنا انتعش فيه العراق وقتذاك. وانتعاش التجارة داخليا وخارجيا.. ولكي لا ننسى دور عبد الكريم قاسم ومنجزاته المعروفة مثل (الخروج من حلف بغداد الاستعماري وتحرير العملة الوطنية من ارتباطها بالكتلة الاسترلينية وقيامه ببناء المساكن للطبقات الفلاحية وتبنيه مشروع زراعي اصلاحي وتأميم الاراضي الزراعية وتوزيعها للمزارعين).
وكذلك بناء المشاريع الاروائية مثل مشروع دربندخان ودوكان والثرثار.
ولا ننسى دور الثقافة والعلم في زمنه ودوره الفاعل في مستوى الصحة وبناء مستشفيات ومنها (الجمهوري) ومدينة الطب على أنها أكبر مجمع طبي حرص على ان يكون في العراق هكذا مستوى صحي يشار اليه.
وايضا ودعا الى تحرير المرأة وضمان حقوقها. بهذا كله لسنا بوجه مقارنة لما حصل ويحصل للعراق من اعتداءات دولية وحروب وخراب للبلاد وتدمير كل ما سلف ذكره من منجزات والغرض من هذا كله عودة العراق الى ما قبل هذه الثورة العظيمة وارضاخ العراق الى الدول الكبرى وحاجته لها حتى يكون بمقدورهم استغلاله متى يريدون..
الف تحية لذكرى ١٤ تموز المجيدة.
الدكتور مزاحم حسين / اكاديمي:
تكالبت قوى الشر والظلام وأغتالت أمل الشعب العراقي بثورته العظيمة وهنا ترجل زعيم الفقراء عن صهوة جوداه وانتهت الطقوس الجنائزية ، مضى يحث الخطى نحو المدينة الأولية وعروقه مترعة بالحنين. عائدا إلى مأواه الأزلي الأول على الساحل اللامادي حيث تزبد الأمواه الأولى متهاوية تلعق قدميه وتغسله نحو السكينة والاطمئنان، ويسود النور داره الموحشة وعميقا مع أسلافه العظام يرقد زعيم الفقراء عبد الكريم قاسم متسربلا بأصدقائه الطوال بدءاً من الشهداء والثوار وانتهاءاً بالمصلحين بحبات لاتدركها الشيخوخة. كان موته المأساوي وشهادته التي أرجفت وأخافت الظالمين وعمر حكومته الثورية الإصلاحية القصيرة الأجل سببا لمظاهرة ألم فريدة لم تُعرف مثلها في تاريخ العراق الحديث.
إن موت زعيم الفقراء ومحبوبهم وحامل لوائهم وراعي بيتهم أحدث جرحا نفسيا وسبّب للكثير من العراقيين إغراقا مخيفا في الهذر والعرافة. فلقد تغلغل حبه في الجمهور وجعل الكثير منهم ينصهرون ذهنا واحدا. فلقد كان قريبا منهم يتوجع لمواجعهم وآلامهم فهو واحد منهم يعيش كما يعيشون. هذا الذي كان مشرقا في حياته الملائكية. كان يخفف من عبثية حال الإنسان العقلاني في ظل ظروف لاعقلانية عاشها الكثير من أبناء العراق آنذاك.
إنه المشاهد الرحيم الذي يبكي لحالة الإنسان العراقي فهو المهندس، الصانع، كبش الضحية، حامل الأحزان، وهو الجالس على قمة التل يبكي وكلما رأى خارج الكينونة التي تدعى بلده أحد عوالمه يسقط ميتا، وكلما بكى انهمر النور ودموعه معا، وإذ يبكي تظلم بلاد السماء فجأة وتنطفئ الشموع ومواطنو السماء يقرفصون جميعا معا تحت شجيرات الطرق يتساءلون: أيُّ دار من دورهم السابحة قد انقضى إلى الأبد وهنا تقتل الأرض نفسه فهي ذاوية مشظّاة والجنون قد عنفها وفجرها وبصوته الذي لا يُحتوى وهو أشبه بريحٍ تتصاعد جاءت نبرات نشيده وئيدةً ثم تصاعدت قوةً كما الريح، راحت في أنةٍ طويلة عنيفة فوق الرؤوس إلى الأماكن التي لا تدرك، الصوت الإنساني الذي دخلها استوعبه النشيد، كان النشيد حيث لا يدركه الجوق. كان صوته يأتي من برية ضائعة لان يجد ثمة قلق أمين للأطفال الذين حُجروا عن الشمس ويتضرع للمخلص الموعود أن يسمع النبرة الذهبية تتحول إلى مسار. كان يستلقي في قبعات النور ويعتمر النقاء بقبةٍ ويُسمع المجد في محراب دموعه. كان العراقيون قد تحدثوا عن قاسم الذي غدا أول زعيم شعبي وقديس معا في عصر يفترض أن القديسين يولدون من رحم العباءة الدينية وكان الجميع ينظرون إلى قاسم كآخر القديسين وحامي الفقراء وعندما مات بدا كأن العراق لن يعرف العدل مرة أخرى أو هذا ما خُيّل إلى الجميع في حزن جنازته التي استمرت سنين طوال سرا في نفوس أغلب العراقيين (وهذا ما حصل فعلا) تلك الجنازة التي كشخصية الزعيم الشعبية تحولت إلى حزن وأمل في آن واحد فلقد تبدت صورة الزعيم في صفحة القمر كما كان يقول العراقيون أملا في عودة زعيمهم المخلص. فلقد غدت سفرات الزعيم وجولاته والتصاقه بالناس ودفاعه عن الفقراء جزءاً من أسطورته وهو أول من قدّمَ نفسه ضحيةً عامة لا خاصة ومن هنا نفحة الضحية النافذة في شخصيته، ذلك الصوت الذي لا يُحتوى ومن هنا شخصية الرجل وتشبثه بالقيم العليا ومن هنا أيضا هتاف الناس جميعا له. فلقد أحبه العراقيون وأحبوا فيه التواضع وحبه لهم ورمز الشهادة التي أضفت عليه بعدا أسطوريا والعراقيون يمتدحون حب الموت كأسمى ما في المعرفة الجمعية لديهم. وفي أثناء حياته كانت هناك أيضا المعسكرات المسلحة التي عيّنته جنرالا ثوريا وفخريا ولا نظن أنه رفض الشارات التي أغدقها عليه حراس الحدود هؤلاء بل أنه على الأرجح كان فخورا بأن يعتبروه واحد منهم أولئك الذين أحبهم وأحبوه لكنه بقي على مسافة منهم، أولئك الذين بقوا مخلصين له يحبونه حتى بعد رحيله واعتبروه مثلهم الأسمى.
سلام عليك يا زعيم الفقراء وتباركت سيرتك يا من عشت فقيرا مظلوما ورحلت فقيرا مظلوما لا تملك شيئا من حطام الدنيا رغم أن العراق كله كان تحت يديك.
- الشاعر رائد الأسدي
كتب قصيدة بهذه المناسبة عنوانها (الملح يلتم ) :
اليوم الملح يلتم يجرح الگاع شد حيلك
النوارس عدهة ثار وياك
الشجر ما بي بعد ظل ويفييلك
والدنيا بعد ما بيهة كل مضموم
وما بيها بعد رمضان حتى تصوم
يجرح الگاع خليني اشوفك گاع
يطگ بيهة الشلب ويخضر النعناع
المطر موجود.. الدمع موجود
خضر عاد
ما خوفو الليل اللابسين السود
يجرح الگاع لا تحتار
السمة من تصحة تلبس بدلة العمال زركة تصير
لگاع السمره عشگت سمرة المتعوب ليش تحير
شد حيلك.. دشد حيلك
ملح الگاع وسمار الگاع متفقين عالتغيير
اجا وكت الملاگة وناس تعرف ناس
نطش كل جرح بينا ونرجع نلمة
اجا وكت الملاگة وليل يعرف ليل
بس يا ليل راح يغازل النجمة
نندل كلشي نندل على الظلمة سباع
عدنا عيون حيل وساع يغازلنا النهر بيها
ننام شما ننام يطول الليل
نومتنا حلم بيها
الشمس عليل صبرت مو كسل لا خوف
بس صبرت تريد تشوف تاليها
ويصير الصبح ما تبقى طبكة بعين
اكو جاكوج يطك ويطلع الغبشة على راعيها
تاخذنا السنين ويفر بينا الضيم
نرد والله نرد والعمر بي رجعا
ونجيب القيامة ويانة من انعود
بعد يا عذار هذا تريدنا انقنعا
وحگ ليل الثكالى ولوعة الايتام
ناخذ ثار كل دمعة
وحگ الطلعوا الجمعة
عرفنه الصدگ والموصدگ والبدعه
عرفنه الزين والموزين بالسلعة
الملح يلتم ياهو اليگدر يمنعه
الشعب قرر بعد شيكظه شيرجعه
وانا ابن الشعب وعرف شنو البيه
تحريرين عدنه اليوم ارهاب وحراميه.
- الدكتور الشاعر رحيم العراقي:
بعيدا عن المنجزات السياسية الداخلية والخارجية وإلغاء الملَكية وإقامة النظام الجمهوري وتعزيز الاستقلال والوحدة الوطنية فأن لثورة 14 تموز منجزات اجتماعية واقتصادية هائلة وعميقة الأثر منها إلغاء قانون حكم العشائر وإصدار قانون الإصلاح الزراعي وإلغاء الإقطاع وتشريع قانون الأحوال الشخصية الذي أعاد الاعتبار للمرأة العراقية.
وعملت ثورة 14 تموز على نشر التعليم فإزداد عدد المدارس والمعاهد العلمية وعدد الطلبة والمدرسين خلال أربع سنوات ونصف السنة من عمر الثورة إلى ضعف ما حققه النظام الملكي خلال 38 عاماً.
إضافة إلى إرسال آلاف الطلبة إلى الخارج في بعثات دراسية في مختلف المجالات العلمية اللازمة لبناء الركائز الإقتصادية وإدارتها وإدامتها، وتبنت الثورة سياسة العدالة الإجتماعية على المستوى الطبقي والجغرافي.. وحررت النقد العراقي من الكتلة الإستريلينية وقيود التبعية البريطانية. وألغت الإمتيازات البترولية في الأراضي العراقية ما عدا المناطق المستغلة فعلاً.. كما وسنت حكومة الثورة قانون تأسيس شركة النفط الوطنية، وتعاونت إقتصادياً مع الإتحاد السوفيتي وأنشأت الكثير من المؤسسات الإقتصادية، مثل مد الخط العريض بغداد-بصرة.، معمل الزجاج في الرمادي، معمل الأدوية في سامراء، معمل الجلود في الكوفة، معمل التعليب والألبان في كربلاء و بناء ميناء تجاري عميق في أم قصر، والميناء العميق لتصدير النفط في شمال الخليج، 25 ميلاً جنوب مصب شط العرب. وبذلك حقق توسعاً في مياهنا الإقليمية في الخليج ووسع من صادراتنا النفطية. ولم يسمِ قاسم أي من الميناءين بإسمه، ولما جاء البعثيون إلى السلطة عام 1968، سمّوا الميناء العميق بميناء البكر.. وتحقق الكثير من الإزدهار الإقتصادي في عهد الثورة وذلك لإعتماد الزعيم عبد الكريم قاسم على خيرة الكفاءات الوطنية المخلصة والمتحمسة لخدمة الوطن لذلك لم يشهد العراق إزدهاراً كالذي عرفه في عهد عبد الكريم قاسم (1958-1963).