حاورها فهد الصكر / بغداد
تسعى في كتاباتها الى التجديد وخلق اجواء مغايرة في زمن القص والرواية، أذ صارا يتعكزان دون جدوى في ظل لا معنى من الأهتمام من قبل الروابط الثقافية التي لم يعد يعنيها متابعة ما ينشر في ظل أنفلات وفوضى النشر ، ولم اقل "حرية" منحت لنا بعد العام 2003 .
ولذا أنتظرت طويلا قبل أن تقرر هي ولادة منجزها الأبداعي في محور القصة. من خلال مجموعتين قصصيتين "مرافيء الملكوت وقوت القلوب" وفيهما أكدت حضورها في المشهد السردي كقاصة لها بصمتها التي لا تشبه بالمعنى سرد أخر .
قصصها تمتلك وعي لحظة التاريخ والأمساك به، دون أن تهمل الدالة الشعبية في موروثنا ومعناه المفتقد تحت ظلال اللأمعقول.
في حين أتخذت موقعها المؤثر الأسبوعي في واحد من أروع فعاليات المركز الثقافي البغدادي من خلال منتدى "فيض" للثقافة والفكر، وهي تدخل في أكتشاف " لغر " المعرفة الأخرى، وفك طلاسم عوالم لم تصل اليها تفكير أي رابطة ثقافية على جغرافية العراق، وصار لها جمهور نخبوي الحضور والوعي والتفكير، لتقدم ما هو نوعي من سجال في محاور الفلسفة والفكر، لتشيع أكثر من مفهوم ، دون أن تنسى وحي التقارب مع كل الطوائف في ذات المفهوم المعرفي.
وفي صومعة معنى "فيض" كان هذا الحوار مع القاصة والمثقفة إيمان العبيدي.
- الازمات والحروب والكوارث التي اجتاحت اوربا انعكست على حركاتها الادبية والفنية واطلقت ثورات وتغيرات عدة في هذا النحو، هل ترى إيمان العبيدي ان الرواية العراقية أو القصة حققت ثورة بعد ان مر العراق بأزمات مشابهة تقريبا؟
- في ظل التحولات السياسية والأزمات التي عاشها العراق عبر العقود الماضية عبرت الرواية والقصة القصيرة من خلال عناوينها وأبطالها ومراحلها السردية عن مظاهر التشتت والخراب و التشظي فكان الحزن و الالم ،وهما سمة من سماتها ومحاولة لوضع اليد على الجرح النازف فرصدت بذلك وقائع حقيقية عبرت عن الموت الحقيقي الذي يتنفسه المجتمع وعندما نقول ان تاريخ العراق حافل بالخوف والتدمير وحتى التزييف وبما ان للكاتب رسالة اخلاقية فله دور ومحاولة لترميم هذا الخراب واقصد هنا بالخصوص الخراب الفكري والبحث عن عتبة جديدة لاشاعة الامل والسلام و المحبة كي ينهض الوطن من جديد وهذه هي الثورة الحقيقية و النهضة المرجوة.
- في فضائك الثقافي ضمن فعاليات المركز الثقافي البغدادي ثمة أكثر فيض فلسفي تطرحونه ، هل وجدت تفاعل المثقف مع طروحاتكم المغايرة ؟
-لاكثر من عامين و نصف قدم منتدى فيض للثقافة والفكر وبالتعاون مع المركز الثقافي البغدادي ما يقارب 80 جلسة نوعية فكرية ومعرفية حققت نجاحات ملموسة في الوسط الثقافي فيض مشروع فكري تنويري متجدد استضاف اساتذة واكاديمين وباحثين في مجالات مختلفة و عناوين بارزة سياسية واجتماعية ادبية ونقدية والمسكوت عنه ،بالاضافة لاستذكار شخصيات وقامات فكرية اهلتهم مواهبهم الشخصية وجهودهم النادرة ليكونوا جزءاً من تاريخ العراق الثقافي. نعم وجدت تفاعلاً فوق مستوى توقعاتي مما يدل على حاجة المثقف العراقي للاندماج و التفاعل مع هكذا جلسات .
- ما رأيك بالواقعية السحرية، وهل عملت عليها؟
- نعم.. بداية لابد من فهم الواقعية السحرية في سياق المنجز الادبي، ومن اجل فهمه بصورة دقيقة هو محاولة التحليق اي تبقى القصة محتفظة بواقعيتها حتى لو اختلطت بالاوهام وتعد الصوفية رافداً للواقعية السحرية ففي تخيلاتها فكر وذائقة فذة مسلك وطريق ولغة مختلفة لطقوس فلكلورية،اساطير وحكايا بلا بداية و لانهاية.. نعم حاولت الدخول الى هذا العالم الساحر برموزه محاولة اكتشاف مفردات جديدة وكلمة بالف معنى، نوع ادبي محبب لي سأعمل مستقبلاً على دراسة اساسياته وتطوير قدراتي فيه.
- هل نحن الآن بحاجة إلى حركة تجريب لكدم التكرار إن وجد؟
- لقد اتاح التنوع الثقافي لخلق تعدداً حتى في الادب القصصي والروائي فكلما توصل الكاتب الى التنوع متوغلاً فيه هنا تاتي حاجة ماسة للتجريب واكتشاف مفردات جديدة للبناء والرؤية و اللغة دون الابتعاد عن السياقات الرئيسية للقص للكاتب الحق في التجديد واكتشاف بنى سردية تمنح القص رونقه والاهم هو تطوير قدراته والتمكن من ادواته التكرار مقيت وممل وهنا التحدي الاصعب في طرح فكرة لم تطرح مُسبقاً انا سابقى بانتظار كتابة قصة لم يكتبها احد قبلي جل غايتي الوصول لهذ االهدف.
- الانسان العراقي يعيش مأساة وقلقا مستمرا، هل ترين ان المشهد الأدبي يجب ان ينحى هذا النحو، كأن يستخدم المعالجة الانطولوجية؟
- نحن جزء من هذا المجتمع نتحمل اعباءه ومعاناته. ممكن القول انه في زمن العنف جسّد المنجز الادبي الواقع العراقي المعقد بمرارة، الصراع وواقع سياسي فاسد والاختناق العاطفي رصد الخراب والدمار حتى توغل السرد الى تفاصيلنا الشخصية، فالثيمة كانت الموت لا اعرف ربما نحتاج الى معالجات متعددة و ربما انا الاسوء في الاجابة على هكذا سؤال.
- زمنية الاحداث هل ترتبيها من الادنى الى الاعلى ام تتلاعبي بأزمان الاحداث تقديما وتأخيرا؟
- ماهو الزمن الحقيقي؟ هل هو الماضي الحاضر ام المستقبل.. الأجابة ان الزمن الحقيقي هو لحظتنا الراهنة التي نعيشها فحسب قوت القلوب اسم لقصة واخذت عنوان المجموعة كلها هي رحلة خيالية في زمن افتراضي لاتقويم فيه باختصار خارج نطاق الزمن.. هنا لاسلطة للزمن على ما اكتب ربما لاني لا اكتب بتخطيط مسبق اوربما لاني لا اهتم بتفاصيل الزمان والمكان بقدر اهتمامي بالشخصيات والتوغل في عالمهم الداخلي.
- ما رأيك بدقة وصف الأحداث في النص السردي؟ هل تريها تضعف من حبكته؟
-يقولون خير الكلام ماقل ودل. وفي الكتابة نفس الشىء هنا تكمن اهمية التكثيف الثيمة بلغة ذات معنى و ما يريد الكاتب طرحه وإلا نواجه مشكلة تهدل النص السردي و فقدان جماليته ليجد القارىء صعوبة في مواصلة القراءة، قارىء اليوم يفتقد النفس الطويل بالقراءة التكثيف ضرورة مع الاحتفاظ بعنصر التشويق.
- كيف تنظرين إلى أفق التجديد في ظلّ المنجز القصصي في سنوات ما بعد 2003؟
- لعقود طويلة طغت القصة القصيرة على الرواية لقدمها ورسوخها، التجديد مطلوب بالشكل والمضمون لزمن مضى من الركود، الأصالة، المعاصرة، و الحداثة، نتيجة طبيعية، في العراق النتاج القصصي وافر وهناك الكثير من القصاصين ومن الصعوبة الاحاطة الشاملة لكل مايطرح ربما لمساحة الحرية المتاحة الان لكن هناك تفاعل مع كل عمل جيد.
- * نحن على أعتاب وحي مغاير ثقافيا ، كيف نفسر مفهومنا نحو التغيير بأعتبار أننا مقبلين على "معارك " ثقافية؟
- تعدد فهمي للسؤال استاذ فهد بالاخص عبارة "معارك ثقافية" جوابي هو سؤال: متى نجد بحق أو نكتشف " المثقف العضوي" حسب مفهوم غرامشي في ظل تداعيات فوضوية تعيشها ثقافتنا؟
- هل تجدين ثمة طروحات فلسفية ترافق راهننا التوعوي؟
- ان مشكلة المثقفين اساسية وجوهرية لذلك يرى غرامشي ان كل البشر مثقفين بمعنى من المعاني لكنهم لايملكون الوظيفة الاجتماعية للمثقفين التي يملكها اصحاب الكفاءات الفكرية العالية، المثقف العضوي هو الذي يحمل هموم الناس وله دور مهم للتغيير و صنع المعجزات اذا التزم بقضايا الشعب التزاماً اخلاقياً عضوياً وحيوياً ايضاً لابد من نهضة حقيقية للمثقف ليعي دوره اولاً وليترجم معانات مجتمعه بدلاً من ان يكون عكازاً هش آيل للانكسار وهنا تكمن الحاجة الى الاصلاح الاخلاقي والثقافي الشامل للكثير من المثقفين عندها سنجد المثقف العضوي. لايمكننا أن نسمي معارك ثقافية للتغيير على الثقافة.. فالمعارك وصف للعنف الذي غالباً مايكون في غياب الثقافة.. والمثقف الذي يؤمن بالعنف ويبهجه لايستحق أن يُطلق عليه كلمة مثقف..
اتمنى أن يسعى المثقف لبناء مشاريع تنمية ثقافية ونهضوية تواصلية مع الاخريين لنشر المحبة والتسامح فالسؤال هو:
كيف ينشر ثقافة التسامح وتغيير الواقع في مجتمع يؤمن بثقافة العنف؟!