الفنانة شفاء هادي لصحيفة "بانوراما": أتقمص لوحاتي كمسرحّي بارع
حد التوحد وأضع بصمتي الفنية دون التفكير بالهوس المادي
بغداد – حاورها فهد الصكر
بقي الاشتغال بالطرق أو الحرق على الخشب، مقتصرا على تناول الموروث الفولكلوري والتراثي، كحرفة متوارثة عبر أجيال لصناعة الادوات مقترنة بجمالية التزيين، نقش الزخرفة مثلا ،والمكونات الفنية الأخرى، وكفن فانه تناول الأمكنة القديمة وآيات القرآن الكريم الحرف العربي، كثيمة رئيسة، برؤية انطباعية وتجريدية على حد سواء . واعتقد ان أي من الفنانين العراقيين ممن اشتغلوا على هذا الفن لم يكن الاّ من الزوار او الزبائن الدائميين لسوق الصفافير في بغداد او في محافظات اخرى، من حيث كونه المدرسة الاولى لتعلم فن الطرق على النحاس أو الحرق على الخشب كمهنة. ولم أكن اعلم بأن الفنانة شفاء هادي توجز معنى هذا الفن الذي ربما صار أو أعلن على الرجل فقط ـ فهي وكما أطلعت على أعمالها تنمّي عشق حرفة العمل على الخشب كحرفة، وتمتلك موهبة الفنانة الممتزجة بها ، بل تنصهر حد الولع لتكتمل أكثر أعمالها بهاءا وقدرة على إيصال المعنى.
وهي في لوحاتها كأنها تكتب قصيدة تؤشر بصمتها خالصة، وتوقظ هذا الفضاء الفني من غفوته في ظل تقنيات خربت معنى التراث الذي يؤشر هو الاخر العلامة الفارقة لروح وحيوية بغداد، أضافة الى أشتغالها على لوحة القماش وبألوان الزيت وذات الأفكار التي يرتفع فيها تشكيلات التراث والموروث الشعبي بكل تمفصلاته .
- ·كيف تتعامل الفنانة شفاء مع قطعة الخشب الصامتة؟
- اولاً بناء الموضوع فكرياً وكذلك بنائه حسابياً، هنالك حسابات على الموضوع والفكرة وقياس الفكرة وكيفية استخدامها، ثم اقوم بتخطيط الموضوع على قطعة الخشب لكي يحظى بإعجاب المتلقي ويكون شعور المتلقي بحسب غرابة الشغل والتكنيك. هذا بالاضافة الى تعاملي مع قطعة الخشب كالورقه ادخل فيها روحية الفن فتصبح ناطقة ومعبرة وذات ايحاء خالص المعنى يؤشر الى أدواتي المعرفية. هنا كثيرا ما أظل والى لحظات تأمل قبل الدخول والتوحد مع العمل.
- ·هاجس العمل الفني لديك يولد مع الاشتغال بمسك القطعة ام بعد تخطيط مسبق؟
- عندما اشتغل على الخشب يكون تعاملي مع الموضوع عن طريق الاسكيج او بعض الاحيان يكون الموضوع مباشر في بناء فكرة من الخيال ،وهنا اجد الاحساس في عملية التنفيذ للوحة وكذلك في استمرارية الشغل تحدث بعض الاضافات وكذلك يكون بعض الحذف لعملية اخراجية للوحة ان يكون ناجح في اعجاب المتلقي، وكثيرا ما أتمرد أنفعالا، بل وأتقمص شخصياتي كمخرج أو ممثل مسرحي بارع .
- ·الكثير ممن يتعاملون مع هذا الفضاء الفني يستخدمونه كاستثمار تجاري. كيف تنظرين الى هذا المعنى؟
- بالنسبة لي كفنانة يكون عملي من اجل الموهبة التي نمت في داخلي وصقلتها من خلال الدراسة والبحث، والسهر وتخريب الكثير من الخامات، ومن اجل الفن اريد ان اصل الى الطموح الذين ابني نفسي فيه كفنانة احصل على الشهرة ربما، كما فعله الرواد، صحيح هو عمل مربح يستخدمه بعض الفنانين لسد حاجته لكن في اعتقادي انا اضع بصمتي الفنية دون التفكير بالهوس المادي .
- ·ما هي فلسفتك في رؤيا الجمال وانت تدونين مجسات وحيك الفني؟
فلسفه الجمال في العمل الفني لها رؤيا خاصة واحساس الفنان فيها لخلق مادة صامتة الى شيء ناطق و جميل ليكسب فيه جمهور وبضع تساؤلات أمام المتلقي وهنا تكون في بعض الاحيان النقد الفني حول العمل اما ان يكون جميل عند البعض وعند البعض الاخر غير جميل هذه اراء الناس لعالم الجمال ،وهو كل شيء يجلب النظر والروح في هذا العالم عند بعض الفلاسفة ، لذا تكمن فلسفتي في بث روح الجمال والمتعة في قطع قد لا تمثل شيئا لدى الكائن البشري.
- ·من اين تستمد الفنانة شفاء مواضيع لوحاتها.. وهل هي حكايا واقع ام خيال؟
- كل ما هو جميل وله معنى اختاره في مواضيعي، لقد اخترت تعابير ومواضيع جميلة تحاكي الواقع والخيال...تعجب المتلقي عند النظر اليها تمزج الواقع والخيال وتربط الماضي بالحاضر. هناك الملامح التي أجدها على جغرافية الكائن البشري التي تستفزني لتوقظ في داخلي معاني وهاجس الأنفراد الى صومعتي كي أمنحها واقعية التنفيذ والرؤيا التي أجعلها تتميز عن الواقع. والشارع بكل تفاصيله هو مادتي ومواضيعي التي أتأثر بها وتعانق ملكوت ما أفكر .
- ·في اعمالك ثمة فرح وحزن وطفولة وكهولة. هذا التنوع بين الصفات هل يخلق لديك نوع من الارباك ام انه حالة إيجابية في المعنى الفني؟
- في راهن حياتنا هناك ثمة حزن بات كالظل يرافقنا، وهذا ما جعله يدخل في سردياتنا الثقافية كالرواية والمسرح والسينما والتشكيل، لذا اخترت من هذا الراهن مواضيع منها الفرح والحزن والطفولة والكهولة كتعببر عن الواقع وهي حالة إيجابية وتجربة لكل الوان الحياة. فلوحاتي رسمت الفرحة بابتسامة وعبرت عن الحزن بنظرة عتاب مع الزمن وعبرت عن الطفولة بنظرة تفاؤل و امل وهنالك لوحات رسمت حكايات الواقع الماضي الجميل واعتبر هذا فن فيه تنوع ايجابي بلوحاتي، أتعامل معه لأنه رفيقي ربما .
- ·ماهو الجانب السلبي في هذا النوع من الفن. وهل تناوله النقد او احد النقاد مستعرضاً جوانبه نقدا اذا صحت هذه العبارة؟
- لكل عمل هنالك جوانب سلبية وجوانب إيجابية، وكما تعرف ان الحرق على الخشب هو فن ظهر تقريباً في الستينيات من القرن الماضي ولكن سرعان ما اندثر لظهور تقنيات أخرى، هذا بالاضافة الى صعوبة عمله وممارسته لانه عمل بطيء النتائج ومتعب ودقيق حيث يجب اظهار فيه الملمس والاحساس ولكن في النهاية له نتائج مبهرة. والنقد أكيد تناوله كشكل فني له ميزته وقوة تفاصيله الدقيقة التي ربما لا يدركها العمل على قطعة القماش، لكني أجد أن النقاد لم يتنالوه كثيرا لقلة شاغليه .
- ·هل مارست الفنانة شفاء تجريب الالوان مع اللون الذي يتركه الاحتراق كنوع من الابتكار؟
- لقد ادخلت اللون كتجريب الالوان وكانت تجربة ناجحة وجميلة احسست أنها اضافت الى العمل الفني بعدا أخرتوزع بشكل فني جميل وتحريك للوحة وخلق نوع من الايجابية داخل التكوين .
- ·في اعمالك الزيتية هناك حضور طاغ للمرأة تحيطها هالة من الدهشة. ماالذي تريدين قوله للمجتمع للرجل مثلاً؟
- المرأة هي الحياة بالنسبة لي لو لا المرأة لما كان الرجل ووراء كل رجل عظيم امرأة كل ما هو جميل في الحياة فيه امرأة فالقصيدة تجملها المرأة والمنزل تجمله المرأة كل مكان فيه المرأة جميل فكيف لا تكون لوحاتي مشعة المثال بوجودها.