احمد تركماني: الحنين كان وقوداً أنار جميع كتاباتي
ومعظم أعمالي تلمس نفحات الشوق للوطن
حاوره:
عزيز البزوني - العراق
احمد وليد تركماني شاعر سوري مقيم في الدنمارك من مواليد عام 1984، عمل في مدرسة خاصة كمدرس اللغة العربية، ساهم في العديد من النشاطات الأدبية في مجال الشعر والأدب آخرها كان في كوبنهاغن بدعوة من المركز الثقافي السوري.
صدر له ديوان (حبيبتي والوطن) يحتوي على قصائد مهمة في الحب والهم الإنساني والعمل مترجم للإنكليزية، عضو المركز الثقافي العراقي للمبدعين الشباب الشهادات العلمية، الإجازة الجامعية من كلية التربية قسم إدارة الهوايات الشعر والأدب، التقينا به فكان هذا الحوار معه:
- ·كيف تقرئ الدور السوري الثقافي في الحفاظ على الهوية والتراث العربي في كوبنهاغن؟
- كوبنهاغن واسكندنافيا عموماً ذات صدر رحب لثقافاتٍ عدة فعلى سبيل المثال لو زرت المكتبة العامة في كوبنهاغن أو في أي مدينه دنمركيه أخرى لسمعت نداء الثقافات المختلفة يضج بك تلك الثقافات لم تكن لتأتي من فراغ بل كان هنالك رواد ساهموا في نقل الحضارة والحرف العربي من وإلى دول الإتحاد كانت الكلمة العربية ولا زالت حمامة تطير بجناحين في هذه الديار وإن كنا سنتحدث عن الدور السوري فقد كان له دور بارز من خلال نشاطاته المتنوعة هاهنا وفي كل المدن الدنماركية ولكن هذا لا يمنعنا من الإشادة بالأشقاء العرب لما رفدوا الحضارة الغربية وصقلوها بتجمعاتهم الثقافية فكانت الكتب العربية والغربية تتلاحم على رفٍ واحد ولازال الحرف العربي هاهنا يحمل طباع الإنسان العربي من الحبّ والعاطفة الجياشة والكرم الذاتي الثقافة العربية وإن أصابها الإنهاك في مجتمعاتنا العربية للأسف إلا أنها هاهنا تعيش في مرحله صحة وشباب دائم توصل أمشاج الحب وترسم جماليه العشق كريشةٍ في كفّ مبدعيها وفنانيها.
- ·الشاعر في الغربة يتحول تلقائيا إلى آلة زمن وقودها الشعر المشتعل بالحنين والشوق ما هو رأيك؟
- الشوق للوطن والأرض كان دوماً صميم التجربة الشعرية لشعراء المهجر وحتى شعراء الوطن في الداخل أنفسهم حين تعايشهم ظروف الغربة داخل الوطن لأسباب عده..
الحنين كان وقوداً أنار جميع كتاباتي وفي معظم أعمالي تلمس نفحات الشوق للوطن الأم كان بيني وبين الوطن زواجٌ روحيٌ غير مكتوب مرصع بتفاصيل صغيره عابقه في ذاتي تلك التفاصيل التي تحرض القلم كمذياع الجيران وآذان الحي ورنين جرس الكنيسة القريبة من بيتنا إلى صراخ الأطفال وغناء الباعة المتجولين وهمّ الأب الذي يسعى وراء لقمه ذويه وبكاء الأم الخائفة على أبنائها كل تلك التفاصيل تجعل من الشاعر أو من الشخص العادي نفسه هاله متقدة في الحب والعاطفة لكل شيء حتى لحصاةٍ في شارع المدينة التي رسمت ذاكرتنا وهويتنا الثقافية المشهودة هاهنا في دول الغرب.
- ·يقال بان الشاعر المغترب الآن غير محتاج لتغيير دورة الزمن ليصل إلى حارات وأزقة بلاده.
- أعتقد أن الزقاق الشعبي في سوريا أو في أي بلد عربي ونداء الأصوات المتصاعد في المقاهي وصراخ الناس عند مشاهده مباراة كره قدم في الملاعب كلها روابط روحيه أقوى بكثير من حوادث الزمن ودورته الغربة منفى من نوع آخر تستهلك الجسد والطاقة والحياة تستهلك تفاصيل عده في يوم الإنسان الذي يعيش بداخلها وكيف لا وأنت تعيش في مجتمع مادي بحت وعواطف خشبية في ساعات الليل الطوال ما زالت أذكر طاحونة البن القديمة في منزلنا.
- ·ما هي ابرز التحديات التي ما زالت تواجه الشعر والشعراء العرب وتكبل قدرتها على اختراق الساحة العالمية؟
- الفضاء العالمي سماء بعيده لا يصلها إلا القليلون بجهدٍ ذاتي وسلطان.. أمّا التحديات الملمة بالإنسان العربي في الأحرى فهي عديدة نحن نعيش في عالم عربي مضطرب في جوانب عده وأهمها ضعف الإسقرار المادي أو المشاكل والخلافات الداخلية وانتشار ظواهر الفساد والمحسوبيات كل هذا كبل الإنسان العربي وكبل الشاعر معه لأن الشاعر والرسام والكاتب إنسان له عائله وأطفال ومن هنا ليس هنالك انفصام بين حياه الشاعر وشعره والواقع الذي يحيا عوامل الوصول للعالمية تحتاج زخم واهتمام على نطاق واسع وأهمها الرؤية الموضوعية الشاملة والنظر للمواهب المغمورة وإظهارها للعلن عن طريق تسليط الضوء عليها تحت خطه تميز جيد الشعر رديئة ولكن في دولنا العربية أغلب المنتديات والمراكز الأدبية حكوميه ولهذا ينبغي أن يكون العمل لإبراز المواهب عمل ذو جناحين داعم حكومي بعيد عن أي شكل من أشكال المحسوبية وعامل ذاتي ينطلق من صميم الكاتب نفسه لكي يحسّن نوعيه العمل المطروح ويخترق الأفق.
وهنا أود أن أذكر تجربتي الشخصية في هذا المجال أي اكتشاف مواهب أدبيه وإطلاقها للعلن من خلال نشر نصوصها هنا في الدنمارك فقط قمت بتصميم مدونه خاصة تحت عنوان مجله محبي الشعر والأدب العربي في الدنمارك وتم ربطها بمواقع مختلفة وقمت بدعوة الأصدقاء من شعراء جدد وكتاب لنشر أعمالهم ووضعت شعار للمجلة:
"معاً لخدمه الثقافة العربية"
وفي الواقع كانت النتيجة أجمل من المتوقع لأنني صممت قسم خاص بها للإعمال المترجمة في المدونة وهنا في المجتمعات الغربية أحبوا هذا النوع المطروح من الشعر وأنا أسعى لتطوير المجلة في بلادنا العربية وهنا نتحدث عن مبادرة فرديه فما بالك لو كان الدعم حكومي بالمطلق ضمن خطه بعيده المدى لنشر الثقافة العربية عالمياً هذا واجب الجميع برأيي
- ·هل الشعر رسائل مفتوحة الافاق بينك وبين الوطن؟
- لطالما كان الشعر كلمه السر الخاصة التي أهمس بها إلى صدر حبيبتي وإلى أذن الوطن كان الشعر دوما الرابط الروحي بيني وبينه أساهرة أتقاتل مع أوراقي أحيانا ً ثم نغفو كجسدٍ واحدٍ طالما كان الشعر حمامتي الزاجلة إلى حضن الوطن ولطالما كانت كلماتي فيها بعض القسوة على واقع سيئ بغرض تصحيح مساره..
فأبٌ يلجأ للقسوة ليس بداعي الكره ولكن من شده حرصه وحبه كانت الورقة والقلم أنيسا وحدتي نحتسي الكولا سويّه ونتناقش حول قضايا الشرق الأوسط ونتسامر ونشاهد فيلم السهرة هكذا كانت علاقتي معي الشعر ولازالت كنت كلما لاذ بي الحنين أرسل عبارة حبٍّ لجدران الحي وزقاقات الحي ورفاق الطفولة وجارتنا العجوز وأيام طفولتي كلما نادتني الأشواق أرسم بحروفي مئذنة الحي وكنيسة اللاتين وباحات الأموي ومقام السيدة وليالي رمضان وأطباق الطعام التي تسافر عند أذان المغرب من دارنا إلى دار الجيران وبالعكس كان الشعر رسالة لدمعهٍ جفت في عيون الحبيبة التي خانتها الأيام وفرقت الحرب بينها وبين حبيبها كما شتت الحرب شمل الوطن.
- ·ماذا أضاف المهجر الى تجربتك الشعرية؟ما هي الهواجس التي يعيشها الشاعر احمد تركماني في المغترب؟
المهجر أرض مفتوحة وسماء رحيبة تحلق فيها كعصفور أضافت الغربة إلى أشعاري اللون الوردي ففي كل أرض ٍ عايشتها تسربت إلى حواسي عوالم جديدة وآفاق رحبة فمن شموس اسطنبول التي طبعت لونها الأسمر على أوراقي إلى بلغراد التي أعطت النبرة القاسية للحروف وجعلت لكلماتي رنيناً يشبه رنين أجراس كنائسها إلى سلوفينيا وحدائق الورد المنثورة فيها التي عطرت كلماتي بشذا الحب الى كرواتيا التي رتلت صلواتها نشيد روحي وهذبت نفسي إلى فيينا التي أكست حروفي ثوب الحب الأوروبي الرخيم من شامخات الألب وأنفاقها كانت روائح الياسمين الدمشقي معرشة كورده جميلة في قميصي إلى برلين وحضارة الجهد التي تبرز الشخصية الإنسانية المتحدية لكل أنواع القهر البشري وكيف تستطيع الكلمة والاراده أن تتغلب على كل أنواع الضعف والانكسار إلى الدنمارك موطن الحب والبسمة الجميلة التي طبعت قصائدي بطابع الحياة من خلال براريها الخضراء التي تعطيك مساحات عذبه من الحنان وتجعل من الشوق أسلوباً للحياة وأنت تنظر إلى غاباتها السوداء المكتظة بحنين أشجار الخريف إلى أوراقها هواجس الكتابة لم تفارقني يوماً وإنما حوّلت لغه الشعر لدي إلى لغة مطواعة سهله ترتدي أزياء مختلفة وتتكلم لغات عده حولت القصيدة العربية إلى رسالة حب بصوت الأطفال ونداء الباعة الجوالين وتحويل الحبيبة إلى وطن لأنها الوطن بذاته حولتني الغربة إلى رسام ماهر أرسم بحروفي لقاء الحبيبين وقضايا الفتاه ومشكله المجتمع بصوره تبحث عن حل.
- ·لنتكلم عن ديوانك حبيبتي والوطن مالافكار الرئيسية التي يحملها هذا الديوان.
حبيبتي والوطن الديوان الأول لي صدر عن دار الرحاب في بيروت وحالياً في أغلب المعارض العربية كان حبيبتي والوطن عُصاره أكثر من عامين من العمل الشعري المكثف والجهد الذاتي ليكون رسالة تجعل من الحبيبة وطن بما يحمله الوطن من مشاكل يرسم الحب بصوره عذراء نقيه بعيداً عن أي غريزة ويسلط الضوء على قضايا الأنثى في مراحها العمرية وخاصة في مرحله المراهقة والنضج فيرسم مناغاة المشاعر عند فتاه الثامنة عشر ويرسم معاناة الفتاه في عامها الثلاثين فعلى سبيل المثال يمكنك أن تجد قصائد مثل عزباء في الديوان والتي نالت استحقاق واسع النطاق تحكي قصه فتاه مر بها قطار الحياة ولم ترتبط لأسباب يحكمها القدر وقهر المجتمع وكيف ينظر المجتمع للفتاه العزباء فكانت عزباء لتصحح الرؤية أن الأنثى كيان جميل كيفما كان وإن أثّرت ظروف الحياة عليها وينطلق العمل في قصائد تحكي تمتمات الحبِّ بين العاشقين إلى أن يرسو في مجموعه أعمال تحاكي واقعنا العربي وتسلط الضوء على مشاكله وهمومه بكل ما يحتويه كما في قصائد:
"حبها والوطن وأحبك ِرغم جراح العروبة" .
وغيرها الكثير التي تزاوج بين الحبيبة وبين الوطن وأن الحبيبة هي واحد مع تراث الوطن تُرجم العمل أعني جزأً منه إلى اللغة الإنكليزية وتمت صياغة العمل وتقييمه نقدياً وترجمته من الاساتذه في الجزائر ومصر وتونس ولبنان كان العمل مزيج عربي مشترك كل الشكر لكل من ساهم بوقته وجهده في سبيل انجاز العمل.