في أغسطس/آب الجاري يحتفل العالم باليوم العالمي لمناهضة التجارب النووية، وتشير التقارير إلى أن العالم شهد نحو ألفي تجربة نووية منذ انطلاق التجربة الأولى في 17 يوليو/تموز عام 1945 وحتى توقيع اتفاق حظر التجارب النووية في عام 1996حيث تنافست الدول الكبرى على امتلاك السلاح النووي وتجربته.
ومن أهم المواقع التي شهدت اختبارات نووية ألاسكا ونيومكسيكو في الولايات المتحدة وجزر مارشال التي شهدت تجارب أمريكية أيضا وصحراء كازاخستان التي أجرى فيها الاتحاد السوفيتي السابق تجارب نووية ومنطقة جزر بولينيزيا التي شهدت تجارب نووية فرنسية كما أجرت بريطانيا تجارب نووية في جنوب صحراء أستراليا.
ولكن هل شهدت الدول العربية تجارب نووية؟
الإجابة بالإيجاب فقد شهدت الجزائر تجارب نووية من قبل فرنسا.
ففي وقت مبكر من 13 فبراير/شباط عام 1960 احتشد الآلاف من القوات الفرنسية في صحراء الجزائر ليشهدوا "الجربوع الأزرق" وهو اختبار نووي بلغت قوته 4 مرات قوة القنبلة النووية التي انفجرت فوق هيروشيما في اليابان.
ونالت الجزائر استقلالها في عام 1962. ولكن سمحت معاهدة وقعها الرئيس الفرنسي شارل ديغول لإنهاء الحكم الفرنسي للجزائر بالاستمرار في إجراء التجارب في الصحراء حتى عام 1966 .
وأجرت فرنسا 17 تفجيرا نوويا في عين أكر اعتبارا من عام 1961 حيث أجرت تفجيرات نووية تحت الأرض داخل الجبل وفي منطقة رقان الصحراوية حيث أجريت تفجيرات فوق الأرض.
آثار مميتة
وكانت لحظة حصول فرنسا على رادعها النووي بمثابة انتصار عظيم للرئيس الفرنسي حينئذ شارل ديغول، ولكن كان للتجارب النووية آثارها المميتة على الجنود المشاركين والسكان المحليين.
فقد قال مشاركون في التجربة وسكان محليون إنهم عانوا من مشاكل صحية من بينها الإصابة بمرض السرطان.
كان كلود غرينوت جنديا شابا عام 1960، وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول من ذلك العام كان في الصحراء الجزائرية لحضور التفجير النووي الثالث.
يقول غرينوت إنه بعد برهة من التفجير شاهد وزملاؤه سحابة كبيرة كعش الغراب، "ثم قمنا بجمع جيف الغزلان والأرانب التي تواجدت في المنطقة لحظة التفجير كما شاهدنا مروحيات تثير غبارا في الموقع".
وتابع قائلا: "بعد جمع الحيوانات ذهبنا إلى مركز مكافحة التلوث حيث تم قياس مستوى الإشعاع فينا ثم دفع بنا في حمامات واسعة لتنظيفنا بضغط المياه القوي ثم تعرضنا مجددا لأجهزة قياس الأشعة لرصد أية آثار متبقية منها، وقد تم ترحيل من وجدت به آثار للأشعة إلى فرنسا."
وأضاف قائلا: "كانوا قد أمدونا بوسائل حماية مثل سترات بيضاء وأقنعة للغازات وأحذية مطاطية".
وفي 25 ابريل/نيسان عام 1961 شارك غرينوت في تجربة نووية جديدة بمنطقة رقان.
وبعد عودته لفرنسا بسنوات اكتشف غرينوت إصابته بسرطان الجلد وورم في المخ.
التعويضات
وقد ظلت الحكومة الفرنسية لفترة طويلة تعارض دفع تعويضات لضحايا هذه التجارب باعتبار أن التجارب كانت "نظيفة"، ثم غيرت موقفها تجاه المحاربين القدماء عام 2009 حيث أقرت دفع ما قيمته ملايين الدولارت كتعويضات من ميزانية وزارة الدفاع، ولكن ماذا عن السكان المحليين في الصحراء الجزائرية التي أجريت التجارب في مناطقهم؟
في فبراير/شباط الماضي وبمناسبة مرور 59 عاما على التفجيرات النووية الفرنسية عقدت ندوة نظمتها صحيفة المجاهد اليومية بالتنسيق مع جمعية مشعل الشهيد، وقد دعا المشاركون في الندوة فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها بشأن التجارب النووية في الجزائر سواء ما يتعلق بجمع النفايات وتطهير المنطقة أو مكافحة الأمراض التي سببتها التفجيرات، كما طالب بعض المشاركين برضوخ فرنسا للمحاسبة القانونية على ما حدث.
وكانت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان قد أعلنت عام 2017 عن رفع دعوى قضائية ضد فرنسا على خلفية هذه التجارب النووية.