وداد فرحان - سيدني
لم تكمل طموحها في التخرج من كلية الطب في جامعة صلاح الدين، فقد حرمتها القنابل الكيمياوية وأرغمتها وزوجها الهروب من شلالات الوطن تحت أشعة الشمس بين الوديان تاركة فيء شجرة الجوز وزقزقة العصافير.
الدكتورة قمر خوشناو التي ولدت في العام 1971 وكانت من الأوائل في دراستها، تزوجت من الفنان عبد الله خشناو وهربا معا الى ايران كي يستقرا في مخيمات اللاجئين. تطوعت للعمل كطبيبة في المخيم لكن تاريخ زوجها السياسي أدى بالجهات الرسمية في المخيم الى منعها من مزوالة الطب لمساعدة الهاربين من جحيم نظام صدام.
حملت المعاناة وصيرتها تحديا فهي ابنة الجبل الأشم، وما أن وافقت الحكومة الأسترالية على قبول طلبها لاجئة الى أستراليا، لم تركن لحزن مأساتها، بل أوقدت قناديل الأمل للعيش والاندماج في المجتمع، ثم المثابرة وتحقيق حلمها الذي أضاعه منها النظام والتسلط.
ففي العام ١٩٩٩ كان التحدي الأول في اكمال متطلبات الحصول على إجازة الطب من استراليا حيث أوصلت الليل بالنهار من أجل أن تثبت أنها ابنة العراق الأبي.
لقد بدأ كابوس الحرب والظلم تتلاشى غيومه، قمر خوشناو يتم تعيينها طبيبة في مسشتشفى بينرث. إنه التحدي الذي وضعت من أجله عيون الوطن، وأصبحت ابنة كوردستان العراق طبيبة يشار لها بالبنان لإخلاصها في عملها.
ولم تكتفي بعملها فانها أسست عائلة منسجمة يعشق أفرادها الفن ويعزفون الموسيقى. دبكات أربيل والسليمانية وكركوك تعزف موسيقاها في بيتها، فكان الوطن حاضرا .
لم يقف طموحها عند وظيفتها كطبيبية عامة، بل وفرت لنفسها أوقاتا من راحتها لتواصل التقدم العلمي، بدأت في دراسة التخصص الطبي في الامراض النسائية والتوليد وبعد ست سنوات مضنية من الدراسة والبحوث أصبحت أخصائية وزميلة الكلية الملكية في استراليا ونيوزلندا.
توجت جهدها في فتح عيادتها التخصصية في مدينة بينرث/سيدني وتشرف على تدريس طلبة كليات الطب ضمن تخصصها بالاضافة الى عملها في المستشفيات الخاصة والعامة خدمة للمجتمع الذي فتح ذراعيه لاحتضانها من مأساة ألمت بشعب صبور.
ابنة الجبل، إنسانة متواضعة تحب الحياة وتجند نفسها في خدمة الناس، وهي من السنابل الممتلئة منحنية لثقل حملها، أم لثلاث: ولدان وبنت. وبالرغم من كل انشغالاتها إلا أنها دائمة الحضور في معظم المناسبات الاجتماعية والوطنية.
ولم يمنعها ضيق الوقت من المشاركة والمساهمة في المؤتمرات العملية والطبية في داخل أستراليا وخارجها، زيادة على ذلك نشرها للبحوث العملية المستمر .
تحية حملها الكثير من قراء بانوراما الى الدكتورة قمر خوشناو التي تقوم بخدمة المحتاجين لها بلا اضواء ولامقابل.
كم من الفخر لنا أن يولد الأمل من المعاناة وتتحق الاحلام بعيدا عن الماساة. كم من العزة لنا أننا في الغربة نحقق حلم أوطاننا ونزيح من طرقنا المستحيل. كم لنساء العراق فخرا أن تنجب قمرا كقمر خوشناو الطبيبة الاخصائية العراقية الكوردية الأسترالية. وكم للكبرياء فخرا أن يجد التواضع الانساني الكبير في شخصيتها الرقيقة.
لتنزيل الصفحة كما نشرت بالعدد السنوي بصفة pdf اضغ هنا
لقراءة الصفحة كما نشرت في العدد السنوي