غفران حداد/ بيروت
ظاهرة هجرة الشباب دوافعها معروفة فبعد دراسة الشاب مدة 16 سنة لا يجد من يقدر جهده ودراسته وتخصصه ويضطر للعمل بمهن لا تليق مثل بيع السكائر أو عاملا في مقهى أو مطعم وغيرها من المهن غير المجدية التي لا ترتقي الى طموحه في العيش بكرامة ،ورغم عدم توفر الحياة الكريمة لأبناء بلد الذهب الأسود تفجّر محالهم وأجسادهم ويدفعون ثمن حرب مفتوحة لا يعرفون لصالح من؟
ولأجل ماذا كل هذا الدمار؟
فلم يجدوا حلا سوى الهجرة التي بدأت بتنامي كبير وبازدياد كبير خاصة ذو الكفاءات والاختصاصات العلمية.
جريدة "بانوراما" سلطت الضوء على هذا الموضوع في سياق التقرير التالي.
المغترب العراقي سنان أحمد يسكن بيروت يقول لحديثه لـ"بانوراما":
أنا خريج كلية الهندسة المعمارية ولكن كما تعرفين أعمل معلم شاوراما في أحد مطاعم بيروت لأجل تأمين لقمة العيش لي ولعائلتي".
ويضيف "لم أجد اي تعيين ضمن اختصاصي مالم أملك "واسطة" وتزكية من حزب وأنا مواطن عادي بعيد عن كل هذه الأمور فقررت الهجرة مع زوجتي وأطفالي وقدمنا لجوء عبر مكتب الأمم المتحدة لعلنا نسافر يوما إلى أي بلدِ أجنبي يحفظ لنا كرامتنا التي هدرت في بلدنا الأم".
فيما تقول المواطنة "لـ ،م " من منطقة الشيّاح في لبنان خلال حديثها ل"بانوراما" الظروف أجبرتني على الهجرة فبعد مقتل أبي وأخي لم يعد لدى أمي سوى الهروب من العراق ورغم إنني مدرسة لغة عربية ولكني أعمل مرافقة لإمرأة مسنة، حياة الخدم أصبحت حياتي أنا التي درست وتعبت حتى تخرجت لأفتخر إنني مدرسة أصبحت أعمل خادمة لكي أوفر إيجار السكن لي ولأمي وأختي الصغيرة ".
وتابعت حديثها بعيون ملؤها الدموع " لا أحد يشعر بالمسؤولية في بلاد الرافدين لا الحكومة ولا منظمات المجتمع المدني الكل يهتم بنفسه وليذهب الشعب الى الجحيم" على حد تعبيرها.
أما المحامية علياء جاسم من منطقة الدكوانة تقول لـ"بانوراما":
بعد تفجير منطقة الكرادة واستشهاد أخوتي قرر أبي بيع منزلنا والهجرة لم تعود بغداد لأهلها بل لشبح الموت.
"وأضافت" لم نفكر يوما بالهجرة رغم الظروف الصعبة وقلة الخدمات والتفجيرات ولكن بعد الحادث المروع الذي إستهدف منطقة الكرادة داخل نهاية شهر رمضان الماضي لم يتبق لنا خيار سوى الرحيل وترك الجمل "مبينةً" تصوري أنا خريجة كلية القانون أعمل اليوم في محل لبيع الألبسة النسائية لكي أعيل عائلتي ونفسي فلم يحميني القانون الذي درسته يوما ولم يأخذ بحق أخوتي الذين إستشهدوا، لا حياة في العراق".
الباحثة الاجتماعية نور الجبوري تقول في حديثها لـ"بانوراما": للأسف المهاجرون العراقيون خيروا بين البقاء في أرض محترقة يستولي عليها تنظيم داعش ويقتل ويسفك ويغتصب، وبين العبور الى "الحياة السعيدة" التي تنتظرهم خلف تلك البحار العميقة المملوءة بالمخاطر والمحفوفة بالموت، بعد ان يئسوا من بلدهم الذي يغفو على أبحر من الثروات ويصحو مفخخات وعبوات وقتل واغتيالات وتقشف زاد الطين بلة "وتضيف" بالإمكان معالجة المشكلة ليس فقط من خلال تحرير المدن العراقية بل بتعويض العوائل المنكوبة وتوفير فرص عمل، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وتحسن الوضع الأمني، لا ننكر إن الحكومة العراقية تحاول جاهدة بعودة النازحين وتحرر المدن لكن نطالبها بالمزيد من الجهود، لعلى وعسى أن يتمسك المواطن العراقي بالبقاء بدلا من الهجرة التي تأخذ الطاقات الشابة وبالتالي إفراغ العراق من جيل شاب واعي ومثقف مما يؤثر على مستقبل البلاد".
يذكر أن الأمم المتحدة وجهت بوقت سابق نداء عاجل لحكومة العراق لحماية وتمكين الشباب، في ظل ازدياد تردي الأوضاع الأمنية ومحدودية فرص العمل التي تدفعهم إلى الهجرة خارج البلاد.
وقال جورج بوستن، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق إن “موضوع اليوم الدولي للشباب للعام 2013 هو الهجرة.
وفي العراق، غالبا ما تكون الهجرة رمزا لفقدان الأمل والخوف واليأس.
“ووفقا للمسح الوطني للشباب لعام 2009، قال حوالي 17٪ من الشباب العراقيين المشمولين بالمسح يرغبون في الهجرة.
وأضاف بوستن أن الهجمات الأخيرة التي استهدفت الشباب في المقاهي وملاعب كرة القدم ستزيد على الأرجح من المخاوف من انعدام الأمن لدى جيل آخر.
وقال، “إنه لأمر محزن أن ينظر العديد من الشباب العراقيين إلى تأشيرة الهجرة على أنها أفضل خيار لديهم من أجل حياة أفضل .“
وأعرب بوستن عن قلقه إزاء مستقبل الشباب العراقيين.
وقال، “يدفع انعدام الأمن وقلة فرص الشباب إلى مغادرة وطنهم“.
إذا غادر هذا الجيل، من سيبقى لإعمار البلاد، وتشجيع التسامح والحوار اللازمين لتحقيق الاستقرار؟
يتعين على القادة حشد جهودهم للتوصل إلى اتفاق سياسي وإيجاد بيئة مواتية للسلام"، وتحدثت جاكلين بادكوك، المنسق المقيم ومنسق الشؤون الإنسانية لدى الأمم المتحدة، حول مسألة توفير الفرص للشباب في العراق حيث قالت إن التقدم في متناول اليد. وأضافت "في البلدان العالية الدخل كالعراق، تمتلك الحكومة الوسائل التي من شأنها توفير فرص العمل والتعليم الجيد".