كتب علاء الماجد
اكد عدد من المحللين السياسيين ان وقائع الثلاث سنوات الأخيرة اكدت بأن السعودية ودول الخليج ليست بعيدة عن الهدف الداعشي الإرهابي، بل إن الإرهاب أصبح وسيلة فعالة لتخريب الشعوب وتدمير مقومات الحياة فيها. ولا مفر أمام دول المنطقة سوى أن تتكاتف وتتوحد لإجهاض هذا الخطر العالمي وإزالة أسباب وظروف نموه السياسية والاجتماعية، وعلى الدول العربية التي حثت على التهدئة والحوار للوصول إلى حل ان تفعل اكثر من ذلك لتلافي اتساع الازمة وتأثيرها على المنطقة.
"بانوراما" تابعت الاحداث والقت الضوء على بعض جوانبها من خلال التتبع الخبري واستطلاع الآراء :
العبادي يستكشف إمكانيات
نسج علاقات ثنائية متقدمة بين الرياض وبغداد
بدأ حيدر العبادي الاثنين زيارة إلى السعودية هي الأولى له منذ تسلمه منصبه على رأس الحكومة في بغداد. وينظر حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي إلى جولته الإقليمية، التي بدأها بالسعودية وينتظر أن تشمل كذلك الكويت وإيران، على أنها فرصة مهمة لتثبيت نفسه إقليميا بوصفه الرجل الأول في العراق ما بعد داعش. لكن متابعين للشأن العراقي يقولون إن الزيارة قد لا تحقق لرئيس الوزراء العراقي ما يخطط له من اعتراف إقليمي، وأنها قد تجعل العراق موزعا بين التحالفات الإقليمية في ظل قوى داخلية قريبة من هذه الدولة أو تلك. ويعتبر مراقبون أن الزيارة اعتراها الكثير من اللغط والحسابات السياسية الداخلية في العراق كما الحسابات الإقليمية المتعلقة بالعلاقات المتوترة بين إيران والسعودية، وهو الذي أدى إلى تغيير موعدها قبل ذلك. ويضيف هؤلاء أن السعوديين يستقبلون العبادي وهم مدركون لمحدودية هامش المناورة لديه. لكن في الوقت نفسه فإن الرياض جادة في فتح صفحة جديدة مع بغداد وهي التي بادرت بتشجيع هذا الانفتاح منذ الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى بغداد. وترى مصادر عراقية أن ظروف الزيارة تتم في قلب الأزمة الخليجية مع قطر ما يتطلب من العبادي مواقف حساسة، خصوصا وأنه اتخذ موقفا عارض فيه ما أسماه بـ”العزلة المفروضة على القطر”، إلا أن مصادر أخرى رأت أن العبادي يستكشف إمكانيات نسج علاقات ثنائية متقدمة بين الرياض وبغداد، فيما تعتبر مصادر عراقية أن نجاح العبادي قد يكون مقدمة لتحييد العراق وجعله مكانا لتقاطع العلاقات الإقليمية بدل تصادمها. واعتبر مراقب سياسي عراقي أن توقيت الزيارة التي سبق لها وأن أجلت يأتي في سياق النهاية المتوقعة لوجود تنظيم داعش على الأراضي العراقية، ما يضفي على العبادي صفة رجل الدولة الوطني والقوي والواثق من قدرته على إخراج حكومته من دائرة المحاور والاستقطاب بالمعنى الذي يوحي باستقلاله الشخصي. وتوقع المراقب” ألا يكرر العبادي على مسامع القيادة السعودية ما قاله في شأن الأزمة القطرية في وقت سابق.
التعنت يضع قطر في عزلة لـ'سنوات'
حذّر مصدر خليجي مطّلع من أن رهان قطر على الوقت لحل خلافها مع الدول الأربع خيار خاطئ تماما. "لافتا إلى أن التعنت القطري وسياسة الهروب إلى الأمام زادا من تمسك الطرف المقابل بأن لا وساطة إلا بتنفيذ الدوحة للائحة المطالب الخليجية المصرية، وأن استدعاء المئات من القوات التركية سيزيد وضع الدوحة تعقيدا، فضلا عن تورط أنقرة في عداء دول الخليج. وأشار المصدر” إلى أن لعب قطر على المصطلحات من نوع توصيف المقاطعة الخليجية لها على أنها حصار لكسب بعض التعاطف الدولي لاعتبارات إنسانية لن يحل المشكلة، كونه جزئية صغيرة لا يمكن أن تغطي على ملف الدوحة بتمويل الإرهاب ورعايته، مؤكدا على أن استمرار قطر في المكابرة والإنكار سيثبّت التهمة عليها عالميا، ما يسهل معاقبتها وفق قوانين مكافحة الإرهاب.
وأكد وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة أنور قرقاش في لقاء مع صحافيين في باريس أن عزل قطر “قد يستمر سنوات”. وقال قرقاش الذي قطعت بلاده إلى جانب السعودية ومصر والبحرين علاقاتها مع قطر على خلفية اتهامها بـدعم الإرهاب “نراهن على الوقت. لا نريد التصعيد، نريد عزلها”.
واعتبر المتابعون أن هروب الدوحة من مناقشة أصل القضية وإثارة الضجيج الإعلامي حول جوانب ثانوية لن يجلب لها تفهم العالم، خاصة أن الدول الأربع تتحرك لإقناع العالم، وخاصة القوى الدولية المؤثرة، أن خلافها مع قطر يستمد مشروعيته من القانون الدولي، وهو وجه من وجوه الحرب على الإرهاب، وأن القضية ليست خلافا حدوديا أو دبلوماسيا طارئا يمكن أن تحله وساطات أو دعوات للتهدئة. ولا يبدو أن الدوحة تقيم وزنا لتأثير المقاطعة على اقتصادها الذي بدأ يتهاوى أو على أوضاع مواطنيها الذين صار تنقلهم إلى الخارج صعبا، فضلا عن صعوبة حصولهم على الحاجات الضرورية، وهو أمر مرشح للتعقيد أكثر فأكثر. وقال وزير الخارجية القطري الشيخ محمد آل ثاني إن بلاده لن تتفاوض مع الدول الأربع ما لم ترفع إجراءاتها ضد الدوحة، وأن الشؤون الداخلية لقطر غير قابلة للتفاوض بما في ذلك مستقبل قناة الجزيرة. ومع دخول الأزمة أسبوعها الثالث، وصف الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني قطع العلاقات مع قطر ومحاولة عزلها اقتصاديا بـ"الإجراءات العدائية". ومن الواضح أن الوزير القطري يرسل بإشارات سلبية ليس فقط للدول الأربع. ولكن أيضا للدول الغربية التي حثت على التهدئة والحوار للوصول إلى حل، وأن الأمر قد يكون مرتبطا باستقواء الدوحة بوجود قوات تركية على أراضيها وإقامة تدريبات مشتركة معها. وبدأت قوات تركية تمارين عسكرية مشتركة مع نظيرتها القطرية، وبثت الجزيرة مقطعا مصورا لطابور من حاملات الجنود المدرعة يتحرك وسط الشوارع. وذكرت أن قوات تركية إضافية وصلت إلى قطر الأحد للمشاركة في التدريبات غير أن مصادر عسكرية في المنطقة قالت إن العملية تشارك فيها قوات تركية موجودة بالفعل هناك ولم ترسل تركيا أي وحدات عسكرية جديدة.
الرياض وبغداد .. هل انكسر الحاجز
وقال د. ماجد السامرائي عن زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الأخيرة للرياض: ما أعلن سعودياً من جدية في بناء علاقات متطورة مع العراق في حدودها الدبلوماسية العابرة، لا بد من وضعها في ظرفها الاستراتيجي الخاص الذي يمر به العراق ودول المنطقة خصوصا في مرحلة ما بعد تحرير الموصل والقضاء على داعش، واستمرار الحملة العالمية ضد الإرهاب حيث يقف العراق في مقدمة البلدان التي احترقت بنيرانه. ويكتسب العراق خصوصيته وهو دائما كذلك لموقعه في قلب صراع المصالح الإقليمية والدولية. ورغم أن المملكة العربية السعودية كانت من أولى البلدان العربية التي رحبت بإزالة نظام صدام حسـين، بل سبـق لهـا وأن أنشـأت وشجعت واحتضنت فصائل وشخصيات معارضة عراقية ضد نظامه، خصوصا بعد احتـلاله للكـويت في أغسطس من العـام 1990. ووقائع التاريخ تقول بأن نظام صدام كان منذ وصوله للسلطة خصما لدودا للسعودية ولتيـارها الديني “الوهابي” سبقـت خصومته لحزب الدعوة الشيعي، تمثلت بمطاردته وتصفياته الجسدية لقادة ذلك التيار، وأنشأ صدام ورعى منظمات سياسية معارضة للحكم السعودي في إطار القيادة القومية لحزب البعث حينذاك والتي كانت تنادي بـ“تحرير الخليج والجزيرة العـربية” من اجل أهداف “الوحدة والحرية والاشتراكية” التي حركت أيديولوجيته قبل سبعين عاما. وكانت المهادنة المؤقتة قد تمت خلال ولاية الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز وأيام الحرب العراقية الإيرانية 1980- 1988 والتي كان شعارها “حماية العراق والأمة من خطر التوسع الإيراني” بعد مجيء الخميني للحكم عام 1979. وانهارت علاقات العراق بالسعودية بعد الاجتياح العسكري للكويت في الثاني من أغسطس 1991 ودخول القـوات العراقية الى السعودية. وقد عمل الأميركان على تأجيج الصراع المسلح على ضفاف الخليج العربي وتفجير الحرب وإطالة زمنها الكارثي، ثم أصبحت السعودية رأس حربة القوات البرية العربية لطرد القوات العراقية من الكويت، وقطعت الرياض علاقاتها الدبلـوماسية ببغداد، وأنشـأت داخـل حدودها معسكر رفحا للاجئين العراقيين الذين فروا في أعقاب حرب العام 1991، ووفرت ملاذا آمنا لبعض المعارضين، وأنشأت لهم إذاعة خاصة دعت إلى إسقاط نظام صدام حسين. ومنذ ذلك التاريخ دخلت السعودية وبلدان الخليج في ظروف من عدم الاستقرار، تمخضت بالمشروع الأميركي العسكري لإزاحة نظام صدام، لكن الموقف السعودي كان ممانعاً لتوجيه الصورايخ والقنابل والطائرات الأميركية من أراضيها مما اضطر الولايات المتحدة إلى الانتقال لقاعدة عديد القطرية التي أصبحت منطلق الاحتلال العسكري للعراق بتنسيق ودعم إيرانيين. وكان هذا الموقف القطري من أبرز علامات الإيذاء للعراقيين.
وأثبتت وقائع الثلاث سنوات الأخيرة بأن السعودية ودول الخليج ليست بعيدة عن الهدف الداعشي الإرهابي، بل إن الإرهاب أصبح وسيلة فعالة لتخريب الشعوب وتدمير مقومات الحياة فيها. ولا مفر أمام دول المنطقة سوى أن تتكاتف وتتوحد لإجهاض هذا الخطر العالمي وإزالة أسباب وظروف نموه السياسية والاجتماعية، كما أثبتت الوقائع الجيوسياسية بأن مصالح الكبار تتقاطع مع رغبات شعوب المنطقة، وقد تركت حرب الوكالة آثارها المدمرة في سوريا والعراق واليمن وليبيا. وفق المقاييس العراقية النزيهة والحريصة على أمن البلد والطموح ببنائه بعد هـذا الخراب الذي أصابه، خطوة العبادي المتبادلة مع الرغبة السعودية الجادة بتطـوير العلاقات بين بغداد والرياض ستكون في صالح شعب العراق أولا وأخيرا.
الشقيق الأصغر لا يتآمر على إخوانه
وقال عبدالله العلمي عضو جمعية الاقتصاد السعودية: ان دعوة رئيس وزراء قطر السابق حمد بن جاسم، في مقابلة قناة “سي أن أن” هذا الأسبوع السعودية ودول الخليج للنظر إلى قطر “كالشقيق الأصغر” تدل على استهزاء بعقول الشعوب الخليجية. أين كان هذا “الشقيق الأصغر” عندما حَرّضَ مستشار أمير قطر حمد العطية، البحريني الهارب حسن سلطان على إثارة الفوضى في البحرين في التسجيلات التي عرضها تلفزيون البحرين هذا الأيام؟ تلك التسجيلات تؤكد للمرة المليون تآمر قطر على مملكة البحرين المسالمة الآمنة، سعيا إلى زعزعة أمنها واستقرارها وتحريض مواطنيها على الخروج إلى الشوارع والعبث بالممتلكات العامة والإضرار بالنسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية. أين كان “الشقيق الأصغر” عندما كان الهارب البحريني حسن سلطان يُحَرِض على الحكم في دولة البحرين منذ تسعينات القرن الماضي ويشارك مع “حزب الدعوة” المحظور في أحداث تقاطع الفاروق عام 2011، ويعمل على تشويه صورة مملكة البحرين عبر قناتي “العالم” و“المنار” ومنابر معادية أخرى؟ وصف الهارب من العدالة حسن سلطان قوات “درع الجزيرة” بأنها “قوات احتلال” وناشد في مكالمته مع الوسيط القطري حمد العطية الامتناع عن المشاركة فيها. العطية لم يتأخر بالإجابة وأكد أن اثنين فقط من المراقبين القطريين يشاركان في هذه القوات. هذه ليست أول مرة يدس فيها العطية السم في العلاقات الخليجية- الخليجية، فهو من أشعل الأزمة بين دول الخليج وقطر عام 2013، ما دفع دول الخليج لمطالبة الدوحة بالتوقيع على اتفاق يلزمها بعدم التدخل في شؤون دول مجلس التعاون الخليجي. من الواضح أن قطر لا تتعلم الدرس من أول مرة.
قطر وإنتاج مجتمعات موازية
في الدول العربية
واكد الكاتب التونسي الحبيب الأسود" ان أخطر ما في المشروع القطري ليس فقط دعم الإرهاب كما يعتقد البعض، وإنما تأسيس مجتمعات موازية داخل البلدان العربية تدين لها بالولاء وتنفذ أجنداتها وتخرج إلى الشوارع للدفاع عنها، وقد تجند أبناءها لخوض الحروب في سبيل الدفاع عن نظم الدول المارقة. وتتكون هذه المجتمعات الموازية هرميا من نخبة سياسية تتكون من الإخوان المسلمين وبعض القوميين الضالين ومن الاشتراكيين الثوريين ونسبة من الليبراليين المحوّلين جينيا، ثم من نخبة الباحثين المرتبطين بمراكز الدراسات والبحوث القطرية أو التي تدعي الاستقلالية وهي ممولة من قبل الحكومة القطرية، فصف رجال الدين من الدعاة المتصلين إما بجماعة الإخوان وإما ببعض التيارات الأخرى المتشددة الجامعة بين سلفيّتيْ العلم والجهاد وبين ورقتي الدين والسياسة، يليهم صف الإعلاميين والناشطين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ممن يجدون الدعم من الدوحة أو من الإطراف المرتبطة بالأجندات القطرية.
كما لدى قطر صف رجال الأعمال الموالين لها، وهم مكلفون بتنفيذ مشاريعها التي عادة ما تكون في قلب الأجندة السياسية، كبناء الوحدات السكنية والمدارس في إطار مشاريع يقال إنها خيرية وإنسانية وهي تستهدف الفقراء الذين تعتمد عليها قطر في تحقيق الاختراق المباشر للشعوب عبر الطبقات الفقيرة، ومن هناك يتم تجنيد الإرهابيين أو إعداد الأطفال في مخابر إخوانية ليكونوا إرهابيي الغد، أو على الأقل جنود المشروع القطري في كل مكان.
هذه المجتمعات الموازية لا يكتمل تأسيسها دون اختراق للمؤسسات العسكرية والأمنية، وهو ما تقوم به مؤسسات متحركة، يمثلها رجال أعمال نافذون، يدفعون بسخاء من أجل الوصول إلى سجلات المعطيات الشخصية للأفراد المستهدفين لتسهيل السيطرة عليهم، إما ترغيبا بحل مشاكلهم الخاصة وتحسين ظروفهم، وإما ترهيبا بالتشهير بهم عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. وتشكيل مثل هذه المجتمعات الموازية الخاضعة للأجندات القطرية خارج حدود الإمارة، لا يكون إلا في مجتمعات ممزقة وشعوب تمر بأزمات، لذلك فإن قطر تعمل على توفير كل هذه الظروف، لتكريس جماعاتها المحلية في كل بلد تسعى إلى السيطرة عليه، من خلال استقطاب السياسي والأكاديمي ورجل الدين والإعلامي ورجل الأعمال والناشط الحقوقي والأمني والعسكري والطبقات الفقيرة، وجمعهم في بوتقة مشروعها التوسعي، لنكتشف فجأة أن الجسد العربي قد أصيب بانتشار الخلايا السرطانية التي ستفككه إلى جملة أعضاء مشلولة ومتناثرة، ثم ميتة لا حياة فيها.
ما الذي أغضب الرياض من قطر
إلى هذه الدرجة؟
وأشار الكاتب العراقي أسعد البصري" الى التخريب القطري الأكبر الذي أغضب الرياض كل ذلك الغضب؟ إنّ المملكة محاطة ببحر عربي سنّي هائل وهذا البحر بفطرته قريب من السعودية. وقطر أنفقت المليارات لتسميم المحيط العربي السنّي وحولته إلى أحزاب وسيّسته. صارت السعودية اليوم لا تعرف السنّي من الإخواني من الداعشي.
هذا التسميم المنظم للعقول لم يقتصر على محيط المملكة الحيوي بل امتد إلى داخل السعودية كما لاحظنا في الظاهرة السرورية، حيث خلقوا بؤرة سلفية إخوانية أي سيّسوا حتى بعض السلفيين السعوديين. وهكذا صارت الظاهرة الإخوانية تنجب الجدل الديني والفرقة السياسية والخيانات.
السعودية التي كانت مطمئنة في محيط هائل يساعد سياستها صارت تشعر بأنها محاصرة بمحيط ملوث بالقذر الإخواني.
أصبحت الكتلة السنيّة منقسمة ومتناحرة. الشيء الآخر أن السعودية يمينية محافظة لا تتحرك بطريقة الجماهير والتحريض والملايين والثورات.
هذه قضية في نظر المملكة مجرّد فوضى مرفوضة، بل تفضل المملكة الإصلاح أو تتحرك بالصفقات السياسية الدولية بالتنسيق مع الشرعية العالمية. كان المجتمع السنّي محافظا وهادئا حتى تدفقت مليارات قطر والإخوان وقناة الجزيرة.
وقامت هذه المنظومة المشبوهة بضخ الفكر الفوضوي داخل الفكر الديني، وتم لهم تثوير الدين وتسميم الربيع العربي بالتحريض الطائفي والسياسي وقدمت الدوحة الدعم حتى بالسلاح.
والآن يقولون كيف تقضي المملكة على الإخوان وهم منظمة عمرها قرن وعندها فكر ولا يمكن القضاء على الفكر.
هذا كلام غير صحيح فالإخوان منافقون وانتهازيون وإنّ قطع الدعم المالي عنهم وإغلاق قناة الجزيرة المشبوهة ومطاردة قادتهم وتسقيطهم إعلاميا سيأتي عليهم ويعود العالم العربي إلى طبيعته المستقرة.
فوق كل ما تقدم كانت هناك ضغوطات أميركية وحملات إعلامية ضد الرياض مع إصدار قوانين تحمّل الرياض بأثر رجعي المسؤولية عن هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001 مثل قانون “جاستا” سيء الصيت ضد المملكة، ورافق ذلك تقارب مع إيران.
فقد كانت عقيدة أوباما السياسية تقول باقتسام النفوذ في الشرق الأوسط مع إيران والتوازن معها.
قطر تهمل الرياضة وتستثمر
في أيديولوجيا التطرف
وقال الكاتب السياسي حامد الكيلاني " ان العلاقة بين الدول كالعلاقة بين الأفراد، لا تتطابق إنما تقترب على الأقل في المعالجات والبحث عن حلول، خاصة في الأزمات. السياسة لها بعد شخصي في تجنب الصراعات والمواجهات المدمرة أحيانا ولتفادي الخسائر الكبيرة في الحروب.
العلوم العسكرية تشجع على استخدام مبدأ المناورة في استيعاب الهجوم الواسع النطاق أو المباغت بتمكين القطعات من الانسحاب أو بتسمية أكثر توصيلا في المعنى لما نريد التركيز عليه، التراجع. للوهلة الأولى تبدو كلمة التراجع مُحبِطة للقيادات وربما تترادف مع الهزيمة أو التخاذل، إلا إذا كانت جزءا من الخطط المتوقعة وبعضها من استراتيجيات موضوعة سلفا وتعتمد الاحتمالات وتعدد الاختيارات والتعامل معها وفق ما تتطلبه الظروف في الميدان من تحركات ليست بالضرورة منسجمة مع غرفة التخطيط في مركز القيادة العليا للعمليات، لأن الجيوش المحترفة من أعلى معاييرها المهنية التدريب الشاق المستمر لتقليل التضحيات إلى أدنى حد في المواقف الصعبة، واستثمار التراجع أو الانسحاب التكتيكي لإعادة التجمع والتهيؤ لهجوم مضاد تتحقق فيه المكاسب والانتصارات بقوة يطلق عليها قوة التربص أو صمت الصياد في انتظار لحظة الانقضاض وافتراس الخصم.
ما ذكرناه يأتي في سياق الدرجات القصوى واستعدادات المعارك وخوضها بعد استنفاد كل وسائل التفاوض السياسي بين الفرقاء الذين لا تربطهم سوى مجاورة الجغرافيا والصدامات المتباينة وتاريخ من العداء السافر الذي يطفو على السطح تلقائيا بين فجوات الأجيال بانتقال تجارب الحرب بتكرار ممل، وبالتناوب مع تجارب المأساة والتعقل بعدها.
دول الخليج العربي، في تداعي الأحداث مع دولة قطر ومع ما حصل أو ما سينتج عنه ستظل تحت سقف البيت الواحد. دائماً في العلاقة بين الأخوة قسوة تتناسب مع قوة الرفض لتصرفات فرد واحد لا يتناغم مع رؤية الأسرة في حالات استشعار الخطر الخارجي الداهم الذي يتهددها في كيانها وجوهر تماسكها.
ردة الفعل لكل عاقل، عليه الانتباه إلى أن معايير العقوبات أو المطالب تتناسب مع حجم العلاقة؛ كلما ازدادت توضحت معالم التصريح بالخطر المحدق أو الخطر الذي افترس عواصم عربية، أي إنه ليس على الأبواب. إن اللعب بالأيديولوجيات أو الثروات الطبيعية وترويجها في صراعات جغرافية السياسة في دولة مثل قطر، إنما هو تحريض تم تجربته وكانت نتائجه دموية وكارثية على الأمة العربية.
إعادة قطر إلى رشد استباق الأحداث، يحسب لها كرؤية عابرة تستشرف بحكمة ما سيأتي وهو حاضر في سوريا أو العراق وعموم المنطقة.
دولة قطر بحجمها الجغرافي وثروتها ودورها الذي انسجم مع العالم من خلال الرياضة، دور كان يمكن البناء عليه لتكون دولة نموذجية في الرياضة وهي حظيت بهذه الفرصة النادرة؛ تعميق دولة الرياضة سياسة استباقية لنشاط يمثل طفرة نوعية في نظم التفكير على مساحة الوطن العربي أو المنطقة أو حتى العالم.
كيف يمكن التفريط في وحدة أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربي، وهي وحدة عربية تتطلع إليها شعوب الأمة.
الاختلاف ليس عنوان الأزمة في الخليج، إنما الأُخوّة والمصير الواحد والحرب على الإرهاب التي دخلت من بوابة قمم الرياض إلى الحقيقة والحزم التي لا يريد بعضهم التسليم بها لأن الإرهاب مشروع ووسيلة وجهد منظم ينبغي على جميع الأحزاب والتنظيمات والدول النأي عنه وتجريمه والوقوف ضده.
الإرهاب شوه وجه الإنسانية وعلى الجميع محاربته بقوة؛ الانسحاب من الأخطاء أو التراجع عنها وهي سمة القيادات التي تحترف الحكمة وتقرر مصير شعوبها.
الدولتان مرتعا كبيرا لقوى الارهاب المتطرف
واكد ”الكاتب والباحث احمد جبار غرب" ان جميع المتابعين للشأن الخليجي يعلمون ان ماحدث من عصف خليجي لم يكن وليد الساعة او الزمن الاني فقد كانت الدولتان وبما تملكان من قوة اقتصادية هائلة من طاقات نفطية وغاز وقوة استثمارية كبيرة الى طموحات في الزعامة الخليجية وكان الصراع قائما بوسائل شتى منها الاعلامي والمخابراتي اضافة الى تدخل الدولتين في الشؤون العربية عبر استفزاز الانظمة اعلاميا ومساعدة المعارضين وقد كانت الدولتان مرتعا كبيرا لقوى الارهاب المتطرف الذي بقبع فبها والذي يحصل على دعم بملايين الدولارات جعلته يستفحل ويؤدي الى اضطراب الاوضاع في المنطقة العربية من خلال دعم السعودية لجبهة النصرة والجيش الحر وكذلك دعم قطر للاخوان المسلمين في مصر وكذاك دعم داعش والقاعدة في العراق.
كل هذا من اجل زعزعة الامن والحصول على النفوذ والقوة السباسية وكانت امريكا تعلم جيدا بتلك السياسات ولكنها دائما تنظر بعين المصالح التي تجنيها من تلك السياسات وقبل التغيير الانتخابي في الولايات المتحدة اطلق ترامب مجموعة من التهدبدات الصاعقة ضد الارهاب والسعودية وحتى العراق وهو واضح للاستهلاك المحلي الامريكي الا ان السعودية فقدت توازنها وراودها هاجس اسقاط الملك وحاشيته واستبداله بناس اكثر اعتدالا سيما وان الفكر الوهابي قد انتعش بفضل الفتاوي والدعم من الجمعيات التي تدفع اموالا طائلة لاجل تحفبف الشريعة وتمدد الفكر الوهابي من هنا اخذت السعودبة تغير من سياستها وتبديل جلدها الارهابي الى دواة مغلوبة على امرها وبعد الزيارة التأربخية لترامب وحلب السعودبة بـ 400 ملياﻻات دولار مع استقبال تاريخي لم يشهد العالم له مثيل من قبل استمالت امريكا الى وجهات النظر السعودية بأن قطر هي من تدعم الارهاب وهي من تحاول زعزعة امن المنطقة فتم قطع العلاقات مع قطر وعزلها اقتصاديا وبقى لقطر منافذ مع ايران والكويت وعمان. اما العراق فقد انسحب من اللعبة كليا كونه لايريد الدخول في سياسة المحاور وبقت ايران هي من تدعم قطر دون ان تقطع كل الخيوط مع باقي دول الخليج لحساب مصالحها وماقد ينتج مستقبلا ان الوضع ييبقى على ماهو عليه كون هذه الدول لتتستطيع الدخول في معارك وهناك منابع النفط التي ﻻستؤدي الى انهيار الاقتصاد الامريكي بفعل صعود الاسعار الى اعلى مستوى وستكون هناك تدخلات من روسيا وبلدان الخليج لحلحلة الاوضاع ولكن على مصر والعراق والذين تضرروا من الارهاب ان يأخذوا ضمانات من الدولتين بعدم دعم وتمويل الارهاب وان تساهم السعودية في اعمار المناطق التي دمرتها داعش ومن الممكن بحثه في زيارة العبادي للسعودية وربما سبجري مؤتمر دولي لمناقشة الخلافات الايرانية السعودبة لنزع الفتيل المتفجر بينهما وهو ماتسعى له كل دول المنطقة.
وحقيقة الامر ان الاحداث جرت بصورة دراماتيكية فبعد ان رفضت مصر الموافقة على بيع جزر صفير وتيران استنادا لحكم قضائي نراها ترضخ في اﻷخير ويوافق السيسي والحقيقة ان هذه الجزر تخدم اسرائيل ونشاهد السيسي يلتصق بالسعودية ضد قطر صحيح ان قطر كانت تدعم اﻷخوان نكاية بالسعودية ورغم ذلك ان القضية برمتها تخدم اسرائيل وان مايجري سيناريو معد سلفا في مطبخ المخابرات الامريكية.