ابو تمام يستعيد مهرجانه
طائر العنقاء الموصلي ينتفض من تحت الرماد مكللاً بالشعر والغناء
الموصل – عدنان الفضلي
بمشاركة أكثر من مائة شاعر وشاعرة بضمنهم شعراء عرب من تونس وسوريا ومصر والجزائر والسعودية اختتمت يوم الأحد الماضي فعاليات مهرجان (ابو تمام) بدورته الخامسة التي حملت هذا العام اسم الشاعر الراحل محمود المحروق، فقد عاد المهرجان بعد انقطاع دام اكثر من اربع سنوات نتيجة الغزو الداعش لمدينة الموصل.
واختتمت الفعاليات بحفل موسيقي وشعري كبير، فبعد جلسة شعرية شهدت قراءات مميزة مساء الأحد الخامس عشر من نيسان 2018، توجهت وفود الأدباء، على وقع المطر الموصلي الناعم إلى صالة (قنطرة) ليحيوا سهرةً غنائيةً شعريةً، لوّنتها قصائد الشاعر حامد كعيد الجبوري الشعبية، مع مشاركات من الفلوكلور العامي الشعري لتونس وسوريا ومصر والجزائر، وعلى انسياب صوت المطرب الموصلي د. ياسين محمود، رفع المشاركون في المهرجان حمامات السلام، ورسائل الحياة، ليعلنوا أن الأدب والفن والإبداع خير ما يحارب الإرهاب بظلاميته القاتلة. وكان المهرجان قد افتتح مساء الجمعة الماضية حيث احتضنت ضفاف دجلة حفل الافتتاح الذي تضمن كلمة لراعي المهرجان نائب رئيس الجمهورية أسامة النجيفي الذي قال فيها "اخوتي شعراء الامة، اعزائي شعراء العراق العظيم أن مهرجان ابي تمام دواء لمعالجة الذاكرة وندوب القلب، والموصليون أيها الاعزاء يدركون بعمق الدلالات التي تنطوي عليها، ذلك انكم تضعون ايديكم على اشد شفرات المحبة نفاذاً، وأوقعها في هذا الزمن الصعب. نعم عمق الالم خطوط الزمن على وجوه شيوخ المدينة وخفت الالق في عيون صغارها، لكن القلب مازال نابضا بالحياة انه يمد الجسم بطاقة عجيبة يغذيها الحب والايامان والامل.
اما انتم يا ابناء الموصل العريقة الصامدة المضحية المعطاء، فلكم في القلب والضمير مكانكتم التي تستحقونها لنبلكم واصالتكم، اقول لكم بكل ماتعرفونه عني من صدق وولاء تمسكوا بالامل والايمان واعلموا فانتم من يعلي البناء ويعيد للموصل الحدباء شموخها وعزتها والقها، فمدينتكم عصية على اصحاب الاغراض غير الشرعية، وعصية على الباغين قدر تعلقها بمحبيها وعاشقيها.
بعدها جاءت كلمة الأمين العام لإتحاد الأدباء والكتاب في العراق الشاعر ابراهيم الخياط والتي قال فيها "الربيع الثالث هو الشباب المشرق لأم الربيعين والذي يتجلى اليوم في مهرجان أبي تمام.. وأبو تمام ليس شاعرا معروفا فحسب بل هو شاعر فحل ومجدد فذّ وأمير بيان وكاسرٌ لعمود الشعر فللّه درّه من (مُدوّخ) للشعراء والنقاد وأهل الكلام والعامة على مدى ألف من السنوات وزيادة". وقال الخياط ايضاً " وإذ نشكر جمّاً اتحاد أدباء نينوى ورئيسه الأمير وهيأته التحضيرية والإدارية والعامة على هذا المهرجان الشجاع، هذا المهرجان الذي يعلن جهاراً نهاراً انتصار الانسان والكلمة والثقافة والتنوير والمدنيّة على الظلام الذي حاول ويحاول أن يلفّ حياتنا ولكنها الحياة تسحقُ مَنْ يقف أمامَها".
ثم جاءت كلمة اتحاد أدباء نينوى التي القاها رئيس الاتحاد الشاعر عبد المنعم الأمير وجاء فيها "اصدقائي: قيل ان الموصل تحتاج الان الى الاعمار لا الاشعار.. فلماذا يقيموا النينويون مهرجان شعر؟ والجواب اننا نريد ان نعمر النفوس قبل الاحجار فما دمر المدينة الا النفوس الخربة، لذا شرح اتحاد الادباء والكتاب في نينوى ومنذ اعلان الموصل مدينة محررة باعمل على اعادة النشاط الثقافي فيها من خلال اصابيحه المختلفة ومهرجاناته القزحية والتي احتضنت فسيفساء نينوى اعراقا وديانات ومذاهب، كـ(نينويون) الذي نص على ما نينوى عليه من محبة تسمع الجميع فالأول مرة يرتقي شاعر إيزيدي وشاعرة إزيدية منصة اتحاد ادباء نينوى.. وبهذه المناسبة اتمنى على الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق منح هؤلاء الشباب عضويته وهو الخيمة الكبيرة التي يستضلها جميع أدباء العراق..
وقيل ماقيل.. ونقول ان فرح النينويون بكم كفرحهم وهم يستقبلون بشائر التحرير من الظلام الداعشي التي حملها عاشوا الحياة وصانعوها رجال العراق ليعيدوا بياض البيبون بثوب نينوى بعد أعوام السواد". كما تحدّث النحّات نداء كاظم، ضيف مهرجان أبي تمام في دورته الخامسة، والفنان الذي أشرف على نحت ونصب تمثال أبي تمام في نينوى عام 1973، والذي أزاله الإرهاب الداعشي المقيت، تحدّث عن فكرة إنجاز التمثال، وامكانية إعادة وضعه في مكانه ليكون شاخصا ومدارا فنيا مميزا، اصرارا على رجوع الحياة، وإعطاء الأعمال الفنية دورها في نهضة المدينة.
وقد أبدى كاظم استعداده للتصدي وتهيئة مصغّر للتمثال بمواصفات فنية عالية المستوى، ليتم صبّها بالحجم الكبير في أقرب فرصة، رافعا صوته للجهات المعنية (وزارة الثقافة والسياحة والآثار والحكومة المحلية لنينوى) ليكون العمل متواجدا في مقبل الأيام.
ثم القى عدد من الشعراء ومن مختلف مدن العراق قصائد شعرية تغنوا فيها بالموصل والعراق ودماء الشهداء، اما اليوم الثاني فتضمن جلستين شعريتين شارك فيها شعراء عراقيون وعرب، وكانت الجلسة الأولى قرب مرقد النبي يونس (ع) والتي حضرها جمهور كبير من مختلف مدن الموصل، بينما احتضن كورنيش نهر دجلة بقية الجلسات الشعرية، كما زار الشعراء المشاركون في المهرجان المدينة القديمة في الموصل للإطلاع على حجم الخراب والدمار الذي نال من المدينة نتيجة حرب التحرير التي نفذتها القوى الأمنية ضد تنظيم داعش الارهابي.