يبدو ان الشعور بالياس والفجيعة وفقدان الامل يقود الانسان والمجتمع للسخرية من حكوماته وشعاراتها عن الانتصارات والاصلاح، ولذا فان شعبنا المظلوم حول فورا دعوة العبادي لتشكيل حكومة تكنوقراط واطلق عليها حكومة (تنك...) واعتذر عن ذكر الوصف المرادف فالحليم تكفيه الاشارة.
نعم ان شعبنا اكتشف اللعبة السياسية واكاذيبها بعد اكثر من عشر سنوات من الوعود الديمقراطية المعسولة ومئات التصريحات الرنانة واختلاس مئات المليارات من عائدات النفط وارقام مخيفة من العاطلين عن العمل والمتسربين من المدارس ومزوري الشهادات الاولية والعليا وملايين الايتام والمهجرين والمقتولين بالارهاب والفساد وارقام مهولة من العلماء والخبراء والمواهب من المهمشين والمسروقة وظائفهم ومقاعدهم الدراسية من جهلة الاحزاب ومريديهم ومنافقيهم...
وهكذا تحولت مدن البلاد لاكوام من الخراب الممزوج بالعبوات الناسفة وماتبقى من مدن اخرى كنا نسميها راقية مثل الجادرية والمنصور واليرموك وزيونة وعرصات الهندية تحولت لمقرات لاحزاب وعصابات واجهزة مخابرات دولية وعشوائيات بسبب تجار العقارات وسلطة المتنفذين الذين اقتلعوا الاشجار والمساحات الخضراء وحولوا القصور لجحور بائسة اشبه بالدكاكين الصغيرة لفساد وضعف اجهزة امانة بغداد ولسطوة (الحوسمجية) على اجهزة الدولة ومقدرات الناس فمن لم يوافق على بيع بيته يجبر على التهجير او يختطف احد افراد الاسرة لينفذ البيع وتتولى مافيا الدلالين وشركات مايسمى بالاعمار التقطيع والترقيع..!
هكذا اكتشف شعبنا حجم الكارثة فقد تحول نظام الحكم من دكتاتورية الحزب الواحد لدكتاتورية احزاب المحاصصة والتوافق والتي جعلت من اعضاء مجلس النواب والمناصب العليا الوزراء والوكلاء واعضاء الهيئات المستقلة كذبا والمدراء العامين والسفراء والسلك الدبلوماسي ومجالس المحافظات مجرد دمى غبية تحركها الاحزاب للاستحواذ على العقود وموازنات الدولة والوظائف المهمة. والنتيجة واضحة لاتحتاج لتوصيف فنصف البلاد بيد داعش والنصف المتبقي خارج الحضارة والقانون وتحت رحمة المليشيات والعصابات المنظمة والعشائر التي اصبحت تتفاخر بقوتها وتسليحها الثقيل وتحقيرها للقانون وللديمقراطية... وامست الحكومة عاجزة عن تسديد رواتب فيالق الموظفين..
ولم يكن امام العبادي فرصة اتخاذ قرار يجبر الاخوة الاعداء على الاصلاح واكتفى بتوجيه الدعوات لتشكيل حكومة تكنو قراط... لانقاذ البلاد وبحقيقة الامر حسب اعتقاد الخبراء وبسطاء الناس ان طبيعة التوافقات السياسية لاتنتج الا حكومة (تنك.....)..!