شهد العراق عامة والعاصمة بغداد خاصة بعد عام 2003 اضخم عمليات للتشويه المعماري والحضري افقد معظم الاحياء الراقية جماليتها واستقرارها الاجتماعي لتصبح عشوائيات بدائية يرثى لمنظرها ومستقبلها المجهول..!
لقد كان الامل المعقود على (النظام الديمقراطي) الجديد وقادته الذين يدعون الانتماء للتكنوقراط واصحاب مشروع حضاري وثقافي واقتصادي يساهم في نهضة تنموية كبرى توفر لكل مواطن السكن الائق والعمل المناسب وترسم للمدن العراقية خارطة للتحديث والتطوير وتنور عقل الانسان وذوقه وطريقة تفكيره ليصبح العراق واحد من اجمل مدن الشرق الاوسط يتخلص من مدن الصفيح والعشوائيات التي يزدحم فيها السكان بطريقة لاتناسب كرامة الانسان ولاتتناسب مع ثروات البلاد.
لكن الذي حدث بالعكس تماما فقد ادت الفوضى وغياب القانون وتواطؤ امانة بغداد وفساد اجهزتها وقياداتها لتخريب معماري لانظير له في تاريخ البلاد والمنطقة فقد استغل اصحاب النفوذ مواقعهم للاستيلاء على مساحات كبيرة من املاك الدولة وتحويلها لمستوطنات بدائية في قلب بغداد والمحافظات مقابل اموال طائلة، وقاد الفساد مافيات العقارات لتاسيس شركات للمتاجرة بالعقارات وتعقيب المعاملات وتهجير السكان الاصليين بمختلف وسائل الابتزاز وتحويل البيوت العامرة لخرائب بمساحات لاتتجاوز بضعة امتار خلافا للقانون مع الاستيلاء على الارصفة واعدام شبه كامل للمساحات الخضر وتجاوز على شبكات مياه الصرف الصحي واختلاطها بمياه الشرب وادى ذلك لزيادة الكثافة السكانية في المتر الواحد واشاعة انماط من السلوك غير الحضري لوافدين تسلقوا السلم الاجتماعي بطرق اجرامية ساعدتهم مافيات باسماء شركات فلم تعد المدن تنعم بالهدوء والاستقرار مع انعدام الخدمات وتسلل عصابات الجريمة المنظمة لتؤسس لها مقرات واوكار واصبح السكان الاصليين غرباء في ظل فوضى لانهاية لها الا بمحو وجه بغداد المعماري والثقافي وسيصبح العراق بكامله لجمهوريات متحدة لمدن مخربة لالون لها ولا هوية يعتز بها السكان ويحترمها الزائر الاتي من كل مكان، وسنبقى نتحدث عن بغدادنا الغائبة كما كانت مرسومة بذاكرتنا وكما وصفها الشعراء والرحالة وخربها من وصفهم الراحل الكبير محمد حسنين هيكل بانهم ليسوا قادة واصحاب مشاريع للتمدن بل هم مجموعة لصوص سطوا على بنك اسمه العراق لسرقته ونحن نقول ان كبار اللصوص استحوذوا على القصور الرئاسية والقصور المنيفة واعطوا الضوء الاخضر لصغار اللصوص من اذنابهم لتخريب المنصور والجادرية وعرصات الهندية والحارثية وزيونة والكرادة وشارع فلسطين وغيرها من مدن الاحلام التي تحولت لمدن كوابيس ومقابر تناظر مقبرة وادي السلام بالنجف بكل مواصفات مدن الاموات المخيفة واصبح الناس في بيوتهم موتى بلا قبور.
وهذا اول الغيث لدولة المحاصصة الفاشلة فاقدة الارادة والادارة.