د.غيلان
حدث هذا بعد ان قرر الجيش الأمريكي الانسحاب من العراق فقامت بعض سيطراته بمنح مقتنياتها للسيطرات البديلة وهي وحدات من الجيش العراقي وكان الكلب جورجي أحد هذه المقتنيات المتروكة، يعرف أهل المنطقة وسواق الشاحنات المهارات الشمية التي يتمتع بها جورجي، ويتناقل الناس قصصاً عن هذه المهارات وكيفية تمكنه من الكشف عن أصغر الأشياء ذات الصلة بالسلاح، وقيل ذات مرة تعرض جورجي لوعكة صحية، الأمر الذي عطل مرور الشاحنات لأيام حتى تماثل جورجي للشفاء .
جورجي الذي تغير مقتنوه تغير كل شيء حوله فالجماعة العراقية تغتسل بعد كل لمسة يلمسونه وأصبح يسمع كلمة "نجس" بدلاً من حبيب، وتغير الطعام فطعام جورجي الخاص اختفى من الخزانة وربما أخذه الجنود لأولادهم خصوصاً الشوكولاته وبدأ على الجماعة العراقية عدم اكتراث بالتفتيش الذي يتولاه عادة جورجي، ومكان نومه المريح احتله الجنود وصاروا يتناوبون عليه فأصبح مضطراً للنوم في أي ركن من أركان السيطرة، وصاروا يطعمونه فضلاتهم بدلاً من تلك الوجبات الأمريكية الفاخرة .
ولاعلاقة لجنود السيطرة بغيرهم ولا وصية للاعتناء بجورجي ولم يعد ذكر أسمه ضرورياً، فصار نومه صعباً فالرفسات التي يرفسه الجنود بها صارت بديلاً عن تلك اللمسات الأمريكية الحنونة التي تشعل فيه الحماسة للعمل وأستخدام أقصى مهاراته في التفتيش، لقد ذهب كل ذلك مع القوافل الأمريكية وأصبح لزاماً عليه التفتيش عن حظه العاثر في محيط السيطرة العتيدة.
وفي واحدة من جولات تشرده تعرف عليه رجال في الحي الصناعي القريب من السيطرة فصاروا يتعاملون معه بود لا يخلو من السخرية ورغم ذلك أحس جورجي بالطمأنينة أكثر من السيطرة ورفسات جنودها، وقد أخذ امر الأعتناء الخاص به السيد أبو حسنه فكان ينقل إليه الطعام ويداريه ببعض اللمسات المفقودة، لكن الأمر لم يخلو من الاذلال فلاحمام يغتسل فيه وبدلاً من الماء صارت الزيوت السوداء تغطيه، وفي يوم من الأيام أحس جورجي بحالة من الغضب تعتريه، حاول تصريفها بالنباح ففشل في ذلك وفي الجري السريع ففشل أيضاً وحين رآه أبو حسنه على هذه الحال حاول أن يفهم فتقرب من جورجي الذي تجمعت كل النكسات فيه فأشعلته غضباً، حين اقترب منه أبو حسنه هجم جورجي عليه وأشبعه عضاً، وأمام استغراب أبو حسنه ودهشته انهالت عليه من الزملاء كلمات الشماتة فرغم كل هذا الاهتمام بجورجي جاءت النتيجة على عكس المتوقع، عالج أبو حسنه جروحه ولم يتوقف عن التفكير بالصديق جورجي حتى قالوا عن أبي حسنة "إنكلب"، وحين ذهب أبو حسنه للأطمئنان على جورجي وجده في حالة غريبه، يرتعش ويعوي وحين مد يده ليلمسه استرخى جورجي ومات.
صرخ أبو حسنه – كلب عضني فمات خجلاً
يارب وهذه الحكومة أشبعتنا عضاً ولا تخجل ولا تموت!