د. غيـلان / سيدني
تبدأ المطالبة بالإصلاح في النظم الديمقراطية حين يتعرض الدستور لخروقات وأخطرها تلك التي تحرف المسار الديمقراطي بأتجاه خدمة هذه الطبقة أو تلك، هذا الحزب أو ذاك، ولا توجد في العالم الديمقراطي حالة تشبه الديمقراطية العراقية ذات الطابع البوحي والتي تسمح بشرعنة الفساد والخروج على القانون الأسمى في النظم الديمقراطية وأعني الدستور، ديمقراطيتنا من غير حراس دستوريين يرفعون الخط الأحمر بوجه التجاوزات ويراقبون وجهة الإصلاح من داخل المؤسسات الدستورية ولا يذهبون ليشحذوا القبول من قادة الكتل الخارجين على الدستور والذين يعملون خارج الشرعية الدستورية، لقد صنعوا من الديمقراطية هذه المراكب التي تنقل بضاعتهم الفاسدة وتستورد أجندات اقليمية وأخرى دولية وما من حراس لهذا الدستور وما من دفاعات لمؤسسات الدولة.
قدم رئيس الوزراء طلباً للإصلاح إلى البرلمان ضمنه رغبته الُمختلف عليها بتشكيلة حكومية جديدة من خارج المحاصصة ومثل هذا الأمر غير واقعي فرئيس الوزراء نفسه جاء من رحم المحاصصة ولولا المحاصصة ما كان لأحد من كل الذين تربعوا على هذا المنصب الوصول إليه، فكيف لشاغل الخطأ أن يقود حملة الإصلاح، والسيد العبادي إذا كان يعمل خارج المحاصصة بأمكانه أن يكون "سوار الذهب"الرئيس السوداني الذي تخلى عن الرئاسة وسلمها للشعب، والسيد العبادي يعرف كل ذلك لكنه يحيد عنه فالوضع العراقي يتم التحكم به عن بعد ومفاتيحه عند دول الجوار القوية والسوبر كي عند الصانع الأمهر أمريكا.
وافق البرلمان على طلب العبادي، قاد السيد مقتدى الصدر تظاهرة مليونية في ساحة التحرير يطالب فيها الحكومة بعدم تسويف طلب الإصلاح، ثم انتقل السيد إلى الإعتصام حول أسوار الخضراء، فأسرع رئيس الوزراء في انجاز كابينته الجديدة، فأعلن الصدر نهاية الإعتصام، فخرج الحكيم بلاءات تمنع تمرير هذه الكابينة ففيها خروج على قواعد اللعبة في العراق والتي ملخصها "هذا إلك هذا إلي" والتي يتم تفصيحها بالشراكة الوطنية وهي في حقيقتها محاصصة بغيضة وغير وطنية، وتكاثر المعترضون يتقدمهم قادة الكتل فعلاوي الذي يقفز بالزانة على الفضائح المالية "زعلان ومحرن" والسيد المالكي الذي لم يجب لحد الآن عن أسئلة تتعلق بالفساد خلال حكمه لدورتين عاد هذه المرة ليواجه الردة التي يقودها البعض ضد الأحزاب الدينية والجارة أيران تقول للمالكي "روح الهوا بظهرك".
اجتمع الرؤساء معصوم والجبوري والعبادي بقادة الكتل للاتفاق على وثيقة اصلاح شاملة كما يصفون، فتخلف عن الاجتماع البارزاني وعلاوي والمالكي، ورغم عدم حضورهم كانت حصصهم في الصدارة، ملخص الكلام لا إصلاح من غير تغيير القاعدة الخطأ التي قامت عليها العملية السياسية، وعملية دخول الصدر وتياره إلى المنطقة الخضراء واقتحام البرلمان فعل حق لكن ليس بأتجاه الإصلاح بل حصره بالقوى الشيعية والدينية حصراً، وما من حل إلا بحل البرلمان واجراء انتخابات مبكرة بعد تفعيل قانون الأحزاب ودعوة الأمم المتحدة للأشراف الحاسم على صناديقها..