هذا الموضوع تتفرد بانوراما بنشره
فهو موضوع شاغل للأوساط الثقافية العربية والأجنبية والذي يتعلق بانتحال قصائد لشعراء معروفين على صفحات الفيس بوك!!.
رعد زامل/ ميسان
عد شبكة التواصل الاجتماعي واحدة من أهم القنوات التي أتاحت للأدباء فرصة الاطلاع على الأخر والتفاعل معه غير أنها لدى أجيالنا أصبحت مرضا يفتك بالبصر ويشوّه البصيرة .
أقول ذلك عن تجربة فمعظم شبابنا اليوم تستخدم شبكة التواصل للتسلية لا أكثر كما أنها أصبحت وسيلة للسطو على منجز الأخر . شعراء في أول الطريق وهواة لا يجدون حرجا في بناء نصوصهم على ظلال الآخر ناهيك عن السرقات الأدبية الفظيعة.
مؤخرا قمت بالبحث على صفحة الفيس بوك عن نصوصي التي كتبتها ونشرتها في مجاميع شعرية صدرت داخل العراق وخارجه بحيث اكتب السطر الأول للنص فأجده مسروقا وفي أكثر من صفحة واجد أن للنص الواحد أكثر من سارق الأمر الذي يدعوني إلى الكف عن نشر قصائدي حتى وان كانت موثقة في كتب .
بنية الفساد هذه ما هي ألا جزء من الفساد الروحي بعدما طال الفساد المادي كل شيء في الحياة . كنا ولا زلنا نحل ضيوفا على الشعراء الذين سبقونا في تجاربهم بغية ان نتعلم منهم أما اليوم فالأمر لا يحتاج إلى أكثر من عملية سطو على صفحة هذا الشاعر أو ذاك .
تجارب عديدة في العراق تتعرض إلى السطو الثقافي أبرزها تجربة الشاعر سلمان داود محمد وتجربة رعد زامل .
وما يبعث على القرف والغثيان أن ترى أدباء عراقيين يشيدون بنصك المسروق في تعليقاتهم ومداخلاتهم في صفحة السارق.
بل أن فيهم من لا يتوقف عند نصك ولا يسجل إعجابه ولكنه ينشرح في التعليق عليه في صفحة السارق لا سيما إذا كان السارق أنثى فهم يمدحون السارق ولا يلتفتون إلى المسروق، خيبة اثر خيبة .
حتى أن شبكة التواصل الاجتماعي لم تسلم من الفساد الكبير الذي يجعلنا ندور في حلقة الحياة مثل أشباح لا أكثر. فساد الذوق هذا ما هو إلا نتيجة لفساد مؤسسات التربية والثقافة في كل الوطن العربي فالقارئ الجاد لا اثر له إلا فيما ندر والحقيقة مغيبة والعقول لا تقوى حتى على التفكير في ابسط درجاته.
والشاعر الذي هو في بداية المشوار يريد أن يكون شاعر العرب الأكبر في ليلة وضحاها . صراع على رمل الصحراء بلا خصم ولا حكم هكذا تغدو حياتنا الثقافية لم نتمكن من الحفاظ حتى على اقرب ممتلكاتنا حميمية إلا وهي الكلمات.
كلماتنا تسرق كل يوم ونحن بعيون القانط ننظر إلى حجم الدمار الذي أصاب بالشلل كل مفاصل الحياة . أغلب الأصدقاء الذين اتصلوا بي يؤكدون أن هذه السرقات أمر طبيعي وهذا يقودنا إلى الاعتقاد باستسلام المثقف وفراغ يديه من الحلول.
أمراض لا تنتهي سببتها لنا منظومة التواصل الاجتماعي ولعل احدها الإحباط الفظيع فلا أقبح من أن ترى شخصا يصف لك شاعرا ما على انه ممسوخ ولكنه في الليل وعلى صفحة التواصل الاجتماعي يصف الشاعر ذاته على انه الملاك الأقرب إلى ربة الشعر .
من النماذج المسروقة:
قصيدة خسوف الضمير المنشورة في مجلة جسور في عددها ( 78) سنة 2013 في الصفحة (125 ) وكذلك النص منشور في مجموعتي (خسوف الضمير) الصادرة عن الروسم سنة 2014 في الصفحة (42) اليك القصيدة:
1
ما كان بالقمر وحده
جدي يستنير
بل في احلك الليالي
جدي بالضمير المشع
الساطع المنير
كان على الظلام يستنير
وكان جدي
يجهش بالبكاء
كلما خسف القمر
ولكن لا احد
في هذه الايام
يسأل عن سر اختفاء القمر
كما لا احد
يبكي على خسوف الضمير .
2
منذ متاهة
والانسان بالشوكة والسكين
يتناول لحم الانسان
ومنذ انيابه
والانسان ايضا
يشكو من الم التسوس
غير ان الاطباء
في كل مرة يؤكدون
ان الالم ليس نابعا من
تسوس الاسنان
ولكنه نابع
من تسوس الضمير .
3
في كل الحروب التي
هدأت
وظلت رحاها تدور
رأيت الجنود
يخلعون اعمارهم
والحرب تطحن ما يخلعون
وعلى وجوه الارامل
رأيت القحط
ينسف ما كان الاحبة
على الشفاه يزرعون
ورأيت الاطفال نطفا
بين الصلب والترائب
يذبلون
وفي عيون الحرب ايضا
كما لو انهم يخلعون الاحذية
رأيت الاباطرة
يخلعون الضمير .
4
منذ هبوطي
الى هذه الارض
وأنا بائس وحزين
بائس لأني مرغم اليها هبطت
وحزين
لأني عبثا
أواصل البحث فيها
عن اثر لوردة
وما يزيدني حزنا في كل يوم
وبؤسا في
كل لحظة
انني منذ الهبوط
وأنا أنظر الى الارض
على انها جسد
وأن الوردة منها
بمثابة الضمير .
5
غدا ...
غدا .....
غدا عندما نصل الى الينابيع
سيفرش لنا
الملائكة الارض بالعشب
ويسألوننا عن الحياة
كيف طويناها
هذه الصحراء
التي لا خيمة لنا فيها
ولا أمل
ويوم نصمت – كعادتنا –
سيجيبهم أبو ذر قائلا:
كان الجفاف
يخيم على الازمنة
وكان الخريف يسلمنا الى الخريف
وكنا كغرباء
في محطة
ولان الوجوه تتساوى
في المحطات
فلم تكن سيمانا في وجوهنا
ولكنها كانت
في اخضرار الضمير .
تعرضت هذه القصيدة (خسوف الضمير) والتي عنوان المجموعة الى سطو الاخرين وسرقتها وتدوينها في صفحاتهم دون ذكر اسمي عليها:
2015 ويمكنك مراجعة صفحته (منذ متاهة والانسان بالشوكة والسكين يتناول لحم الانسان ومنذ انيابه والانسان ايضا يشكو من الم التسوس غير ان الاطباء في كل مرة يؤكدون ان الالم ليس نابعا من تسوس الاسنان ولكنه نابع من تسوس الضمير)
نشرها صاحب الصفحة التي هي باسم (خسوف الضمير) في يوم 2 يوليو 2015 . علما ان هناك ثلاث او اربع صفحات على شبكة التواصل تحت اسم (خسوف الضمير) .
هناك صفحات اخرى اخذت هذه القصيدة ولا يتسع المجال لذكرها .
في سنة 1997 كنت قد نشرت نصي المعنون ب (رائحة الفتنة) في اكثر من جريدة داخل العراق وخارجه كما انه منشور ضمن مجموعتي الشعرية (انقذوا أسماكنا من الغرق) الصادرة عن دار الشؤون الثقافية في بغداد سنة 2009 :
لا اجمل رائحة للفتنة
وليس في ملامحي
ما يثير الشبهات
غير ان الثعالب والعيون
تلاحقني في الازقة
لان قميصي مطرز بالعنب
وعلى بعد دمعتين من الأهوار
أي في القرية التي ولدت
انهالت على رأسي الفؤوس
لأنني فقط
اردت ان
أحرر الشجرة
من قبضة الجفاف.
نشره في صفحته (احمد عبد العظيم احمد) بتاريخ 28 نوفمبر 2013 وفي تاريخ 30 مايو 2016 نشر (سامح الغرابي) هذا النص دون اسم الشاعر)
التي هدأت
وظلت رحاها تدور
رأيت الجنود
يخلعون أعمارهم
والحرب تطحن ما يخلعون
وعلى وجوه الأرامل
رأيت القحط .
ورأيت الأطفال
نطفاً بين الصلب والترائب يذبلون)
والقائمة طويلة اذ لا يتسع المجال لذكر سرقة النصوص الاخرى.
***