التعليم المجاني في العراق حق دستوري
الغاء مجانية التعليم يؤدي الى انتشار الارهاب
علاء الماجد/ بغداد
شن ناشطون عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة كبرى ضد وزير التعليم السابق القيادي في حزب الدعوة علي الأديب، الذي دعا وبصورة مفاجئة الى إلغاء مجانية التعليم، بعد نشر عدد من وسائل الاعلام مقطعاً فيديوياً لرئيس كتلة ائتلاف دولة القانون النيابية في مداخلته بجلسة البرلمان الماضية عن واقع التعليم في العراق انه "دعا الى الغاء التعليم المجاني ودعم الحكومة له بعد المرحلة المتوسطة ويكون على نفقة الطالب".
مطالبين اياه بـ” السعي الحثيث لإعادة مليارات الدولار التي اختفت من خزينة الدولة خلال 13 عاما واسترداد الأموال والآثار التي سرقها وهربها الفاسدون طيلة الفترة الماضية من دون رادع.
كما طالبوه بالعمل على أعادة عقارات الدولة التي استولى عليها السياسيون بدلا من المطالبة بإلغاء مجانية التعليم وتحميل المواطنين عبئا آخر يقع على كاهلهم .يشار الى ان، النائب علي الاديب، كان قد حمل على الدستور العراقي الذي ينص في / مادته (34) ثانياً على ان” التعليم المجاني حقٌ لكل العراقيين في مختلف مراحله.كونه جعل التعليم الالزامي مجانيا ” مضيفا، ان” الازمة المالية التي يمر بها العراق والتي ستستمر لايمكن ان تعتمد التعليم الالزامي المجاني، وهذا بمثابة خطأ في الدستور، داعيا الى، ان” يكون التعليم مجانيا للمرحلة الابتدائية والمتوسطة فقط لأن الطالب الجامعي الواحد يكلف الدولة 13 مليون دينار في السنة “على حد وصفه. وفي محاولة لتخفيف من حملة الاستياء العارمة المعارضة لدعوته، اصدر الأديب بيانا أدعى فيه انه “لم يكن القصد من مناقشته مجانية التعليم وإلزاميته الدعوة إلى إلغاء المجانية انما تنظيمها ودعوة القطاع الخاص للاشتراك في تحمل مسؤوليته إلى جانب القطاع الحكومي فيها.“
ولحسم الجدل حول الموضوع، اصدر مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي بيانا، ردا على هذه الدعوة (بان الحكومة العراقية تؤكد التزامها بمجانية التعليم لجميع المراحل حسب الدستور).
ويذكر ان الدستور العراقي ينص في المادة (34) على ان «التعليم المجاني حقٌ لكل العراقيين في مختلف مراحله»، كما ان المواطن العراقي يمر حاليا بظروف اقتصادية وأمنية صعبة لا تسمح باضافة اعباء مالية على عاتقه اكثر مما يعاني منه. على ذلك سيتعرض التعليم العالي في العراق الى نكسة خطيرة بسبب حرمان أبناء العوائل الفقيرة من مواصلة تعليمها، مما ينذر بخطر انتشار شبح الامية المخيف.
"بانوراما" تناولت هذا الموضوع في الملف التالي:
لجنة التربية النيابية:
التعليم المجاني في العراق حق دستوري
خلال هذه الحملة اكد النائب عن كتلة المواطن النيابية وعضو لجنة التربية النيابية علي غركان الدلفي مجانية التعليم في العراق. ونفى الدلفي ما تناولته المواقع الالكترونية حول تبني لجنة التربية مشروع الغاء التعليم المجاني، مؤكدا ان “الخبر كاذب وعارٍ عن الصحة وهو استهداف للجنة التربية وللسلطة التشريعية".
واوضح ان " لجنة التربية لم ولن تتبنى مشروع الغاء التعليم المجاني في العراق كونه حق دستوري.
تدمير النظام التعليمي العراقي
د. سنان محمد
إن مشكلة التعليم في العراق ليست بمشكلة جديدة ، بل هي مشكلة قديمة ، ولكنها تفاقمت اليوم بشكل كبير جدا، كون قطاع التعليم عانى ويعاني ما يعاني منه البلد برمته وكافة قطاعاته من غياب للمؤسسات و من حالة أمنية متدهورة وفوضى يؤطرها الفساد الأداري والمالي والذاتي بشكل لم يسبق له مثيل.
فالتدهور الذي أصاب التعليم العالي في العراق منذ عقود خلت نتيجة السياسات الخاطئة للنظام السابق والمتمثلة بتسخير هذا القطاع لمآرب سياسية، ناهيك عن الحروب وفترة الحصار الذي تأثر به هذا القطاع بشكل كبير ، حيث انقطع عن العالم تماما وبات يعيش في عزلة خانقة ويعاني من مشاكل جمة انعكست على المستوى العلمي والاجتماعي لطرفي المعادلة الرئيسية لهذا القطاع، الأستاذ والطالب.
وبعد سقوط النظام السابق وانهيار مؤسسات الدولة تعرض هذا القطاع بمؤسساته المختلفة المدارس والجامعات والمعاهد ومراكز الأبحاث والمكتبات الى عملية نهب وسلب وتدمير ليضيف الى اعبائه عبأً آخر لا يقل خطورة عن السابق، من تفشي الفساد الأداري والمالي وانخفاض المستوى العلمي وغياب المعايير الموضوعية لعملية التعليم، ومحاولة بعض اطراف المعادلة السياسية في البلد الى تسيس هذا القطاع وكنتيجة للمحاصصة الطائفية والحزبية التي تتسم بها مظاهر الحياة العراقية اليوم أقتصاديا وأجتماعيا وثقافيا وسياسيا.
ورغم سعي الوزارة الى الأصلاح بما لديها من امكانات والحث على عدم تحويل المدارس والجامعات والمعاهد الى مقرات حزبية وطائفية، والنأي بهذا القطاع عن الصراعات والتجاذبات السياسية والدينية والعرقية، إلا أن المشكلة أصبحت ألآن مشكلة مصير على المستويين الداخلي والخارجي.
داخليا فهذا القطاع يشكل مستقبل البلد ومستقبل أسرة العلم والمعرفة فيه، وهذا يعني مستقبل الأجيال مما يشكل الركن الأساسي للبناء والتقدم والحضارة، فإذا ما انهار هذا القطاع فسيؤدي الى انهيار الوطن بأكمله بكل ما تحويه هذه الكلمة من معاني.
أما خارجيا، فالعالم في تسابق مع الزمن، وفي لحظة تاريخية تتعجل فيه الخطى نحو الأمام فلا يمكن لنا ان نبقى متفرجين، وأن نتخلف عن مسيرة التاريخ ونخرج من دائرة السباق مع الزمن.
تقارير اليونسكو
حسب تقارير اليونسكو فإن العراق في فترة ما قبل حرب الخليج الأولى عام 1991 كان يمتلك نظاماً تعليمياً يعد من أفضل أنظمة التعليم في المنطقة حيث كانت نسبة المسجلين في التعليم الابتدائي ما يقارب 100% .
ويمتلك النظام التعليمي في العراق تاريخا ممتازا وناصعا حتي بداية الثمانينيات برغم كل التناقضات السياسية والتشوهات الفكرية علي مر العهود السياسية بدءا بتأسيس الملكية العام 1921 وانتهاء بتولي صدام حسين حكم العراق 1979.
وليس معنى ذلك هو الافضل في العالم، بقدر ما كان هو المتميز في الدول العربية والاسلامية، فلقد نسب للعراق علي امتداد تراكم سنوات حياته المعاصرة: بناء مؤسسي من افضل واقوي النظم التربوية والتعليمية الموجودة في منطقة الشرق الاوسط عندما وصل الي قمة عطائه في العام 1975 نتيجة تطور جيل ما بعد الحرب العالمية الثانية وفاز العراق بجائزة اليونسكو العالمية التابعة للامم المتحدة في العام 1982.
وسعت مختلف الحكومات العراقية علي امتداد تاريخ العراق المعاصر من اجل محو الامية في العراق وخصوصا بين النسوة العراقيات، فكان لهذا الجانب تأثيره في كل دول العالم الاسلامي. أن مستوى التعليم العالي في العراق عند نهاية عقد السبعينيات كان متقدما مقارنة مع جامعات المنطقة، عندما كان هناك ست جامعات فقط هي: (بغداد والمستنصرية والتكنولوجية والموصل والبصرة والسليمانية)، ولكن الأوضاع السياسية العامة كانت تحمل في طياتها نذير شؤم تجسده سياسات التبعيث والتضييق على الحريات الأكاديمية للأساتذة وتحويل مؤسسات التعليم العالي إلى بؤر للدعاية السياسية للحزب الحاكم، مما اخل بمعايير النزاهة والجودة وأفسد البحث العلمي وغاياته في هذه المؤسسات، تلتها سنوات من الحروب العبثية التي أقدم عليها النظام وسنوات حصار وتجويع أوقعت هذه المؤسسات في شللية كاملة عن أداء دورها في خدمة المجتمع والبحث العلمي، وفد بدأت في عقد الثمانينيات والتسعينيات ملامح الهجرة للكادر التدريسي إلى الدول العربية وترك الجامعات على خلفية تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية العامة!!.
وتضم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي اليوم 24 جامعة حكومية، 5 منها في بغداد، و 5 منها في إقليم كردستان والبقية موزعة على المحافظات العراقية، كما تضم الوزارة ثلاث هيئات للتعليم التقني واحدة في بغداد وأثنين في إقليم كردستان، وهيئة للاختصاصات الطبية وهيئة للحاسبات والمعلوماتية، كما أن هناك 26 جامعة وكلية أهلية تنتشر في عموم البلاد حسب إحصائيات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي للعام 2010.
وقد بلغ عدد الطلاب الكلي في التعليم العالي للعام الدراسي 2008 / 2009 ( 382869 ) طالبا للدراسة الأولية، و ( 14915 ) طالبا للدراسات العليا، وعدد التدريسيين (31990).
غياب استراتيجية واضحة للتربية وللبحث العلمي.
د. عامر صالح
ضعف الإنفاق على التربية والتعليم العالي والبحث العلمي باعتباره دعامة أساسية لإعادة بناء بنيته التحتية وإقامة المشاريع البحثية والتعليمية المتقدمة، وبالتالي فأن أي نوايا للإصلاح دون توفير الأموال اللازمة هي نوايا باطلة وقد تعكس بنفس الوقت رؤى متخلفة للقيادات التربوية والتي ترى أن ما يصرف على التعليم هو من باب الاستهلاك الغير ضروري وليست الاستثمار طويل الأمد.
ضعف وتدهور البحث العلمي وأصالته ومكانته في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضعف استقلالية الأستاذ الباحث الذي يتعرض إلى ضغوطات مختلفة لتوجيهه الوجهة التي يرغب فيها هذا الكيان السياسي أو ذاك، وأن اغلب ما يجري من أبحاث يعتمد على نظريات ومفاهيم مهجورة أو أنها تقادمت في ظل عصر تتغير فيه المعلومة يوميا، أو أنها هجنت بطريقة عجيبة نتيجة للقيود والضغوطات الرقابية والحزبية والطائفية، وهي تذكرنا بحقبة توظيف " البحث العلمي" لخدمة مصالح الحزب القائد وتمجيد قائد الضرورة.
غياب استراتيجية واضحة للتربية وللبحث العلمي في ضوء احتياجات المجتمع المحلي لها، حيث أن المبادرة الفردية للباحث والأستاذ تلعب دورا كبيرا في تقرير ذلك، ومعظمها يجري لأغراض الترقية العلمية أو لأغراض المتعة العقلية الخالصة للبحث، ويجري ذلك في ظل انعدام صناديق متخصصة لدعم وتمويل البحوث، وضعف القاعدة المعلوماتية، وعدم وجود مراكز أو هيئات للتنسيق بين المؤسسات البحثية، وضعف الحرية الأكاديمية كتلك التي يتمتع بها الباحث في بلدان العالم الديمقراطي، وعدم تفهم أو انعدام دور القطاع الخاص ومشاركته في الأنشطة العلمية حيث لا يزال قطاعا متخلفا يركز على الربحية السريعة والسهلة ولا يعي حقيقة وأهمية البحث العلمي في تطويره.
محاذير تخلي الدولة
عن التزامها بمجانية التعليم
المحرر السياسي لجريدة طريق الشعب
في الوقت الذي بات فيه الاستثمار في الموارد البشرية يعتبر رافعة رئيسة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والتقدم الحضاري كما أثبتت التجارب الباهرة للبلدان التي أولت اهتماماً خاصاً بالتربية والتعليم والبحث العلمي، تظهر في بلادنا دعوات على لسان مسؤولين سياسيين بارزين إلى تقليص التعليم المجاني وقصره على التعليم الابتدائي، وإلغائه بالنسبة للمراحل الأخرى، والاعتماد على القطاع الخاص في تأمينه. وهذا نمط من التفكير والتوجه لمعالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية، ليس محصورا برأي شخصي، وإنما يندرج في رؤية ونهج فكري وسياسي إزاء دور الدولة في ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنصوص عليها دستورياً، ومتطلبات شروط تحقيق العدالة الاجتماعية وسبل النهوض بالواقع التنموي وإزالة مظاهر التخلف فيه.
فمثل هذه الدعوة، تتناقض اولاً مع المادة (34) ثانيا من الدستور التي تنص على "التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله".
كما أنها تجعلنا نطرح تساؤلاً عن حظوظ أبناء الشريحة الاجتماعية الواقعة تحت خط الفقر، والتي تمثل أكثر 23 في المائة من نسبة السكان، في الحصول على التعليم إذا ما ألغيت مجانية التعليم للمراحل ما بعد الابتدائية نفسها، علماً أن إلزامية التعليم للمرحلة الابتدائية لا تزال غير متحققة!
إن مثل هذا التوجه، يعني عمليا حرمان الفئات المسحوقة والواطئة الدخل من حق التعليم الثانوي والجامعي، وهم أغلبية المجتمع، وسيتبع ذلك بالضرورة تكريس وتعميق الفوارق في الدخل والثروة وفي تبوء أبناء هذه الشرائح مواقع المسؤولية في الدولة وفي المجتمع.
لا شك أن الواقع التربوي والتعليمي المأزوم في البلاد بحاجة جادة إلى المراجعة والإصلاح الجذري، وليس تخلي الدولة عن مسؤوليتها لصالح التعليم الخاص، وإنما بالعكس من ذلك تماماً، إذ عليها جعل قطاع التربية والتعليم في الأولوية من التخصيصات المالية في الموازنات العامة، والعمل الجاد على إعادة النظر في أنظمة ومناهج التعليم وطرائق التدريس وتحديثها لتواكب وتيرة التقدم العلمي والتقني المتسارعة في العالم، كما تستوجب مراجعة اسس العملية التربوية والتعليمية بما يعزز قيم المواطنة والفكر التنويري. وإذا كان للتعليم الخاص دوره المكفول دستورياً، فإن مساعي جعله القاطرة الأساسية في توفير خدمات هذا القطاع، ستكون لها تداعيات اجتماعية واقتصادية خطيرة على الحقوق الأساسية للمواطنين. نضيف إلى ذلك كله، إن تحديات المواجهة الفكرية والتربوية مع الفكر المتشدد الإقصائي والتكفيري، تستدعي من الدولة العناية الأكبر بقطاع التعليم وتوفير المقومات المادية والبشرية له لينهض بدوره المطلوب.
الغاء مجانية التعليم يؤدي
الى انتشار الارهاب
النائب جوزيف صليوا
استغرب النائب جوزيف صليوا سبي من دعوات تدعو إلى الغاء مجانية التعليم تحت قبة البرلمان العراقي. وقال النائب جوزيف صليوا ان توفير موارد اضافية للدولة يأتي من خلال دراسة واقعية للأمكانيات المتوفرة منها الاهتمام بالقطاع الصناعي والزراعي والسياحي واسترداد الأموال المنهوبة. وبين صليوا ان التعليم يعد مصدراً مهماً لموارد الدولة المالية فيما لو احسن استخدامه وتطويره.
وتابع النائب جوزيف ان التفكير في الغاء مجانية التعليم يعني الحكم مسبقاً على فقراء الشعب العراقي وكادحيه بالتخلف والأمية والجهل مما يعني زيادة نسبة البطالة وانتشار الفساد وربما يكون الكثير من المختلفين عن التعليم لقمة سائغة بيد المنظمات الاجرامية الارهابية.مؤكدا ان مجانية التعليم كفله الدستور العراقي وعلينا الألتزام به كضمانة للحفاظ على هيبة الدولة. ودعى صليوا مجلس الوزراء الى تبني ستراتيجية وطنية لبناء وتطوير التعليم لمواجهة الفشل والتخلف الحاصل نتيجة الأهمال الكبير الذي تعرض له قطاعي التعليم والتربية.
مجانية التعليم في الدستور
المادة 33 الفصل الأول / الباب الثاني من الدستور
- أولاً :ـ التعليم عاملٌ أساس لتقدم المجتمع وحقٌ تكفله الدولة، وهو إلزاميٌ في المرحلة الابتدائية، وتكفل الدولة مكافحة الأمية.
- ثانياً :ـ التعليم المجاني حقٌ لكل العراقيين في مختلف مراحله.
- ثالثاً :ـ تشجع الدولة البحث العلمي للاغراض السلمية بما يخدم الإنسانية، وترعى التفوق والإبداع والابتكار ومختلف مظاهر النبوغ.
- رابعاً :ـ التعليم الخاص والاهلي مكفولٌ، وينظم بقانون.