د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
تحولت جلسة استجواب وزير الدفاع العراقي في مجلس النواب امس الاول لفضيحة من العيار الثقيل كما يصفون، وهي بمصطلحات اهل المسرح كوميديا سوداء جوهرها يؤكد استغفال الشعب بل استحماره من نخبه السياسية والصراع علنا لتقاسم ما اختلسوه من ثروات البلاد.
ولعل الخطير في اتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي العلنية والمباشرة وبجلسة رسمية وبحضور المتهمين توجهت لرئيس المجلس وهو رئيس اعلى سلطة تشريعية في البلاد والمعول عليها محاربة الفساد وشملت نواب بعضهم يتفاخر بفساده وتعامله مع اطراف متهمة بالإرهاب واخرين نصبوا انفسهم ابطالا للنزاهة ومحاربة الفساد، لقد شملت الاتهامات الجميع ورغم حركة الالتفاف لإخفاء الحقائق عن الشعب العراقي والعالم ومنع بث مشاهد استجواب وزير الدفاع والتي انقلبت لاستجواب مجلس النواب نفسه وبرئاساته لكن غسيلهم القذر ظهر بتفاصيله الكاملة ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي بثت اللقطات ومصدرها الاعضاء انفسهم وهم يمارسون عمليات الاسقاط فيما بينهم وهم يدركون خطورة المرحلة الراهنة فمئات الالاف من العراقيين يقاتلون الارهاب تحت درجات حرارة تقترب من درجة الغليان وبنقص بأبسط مستلزمات المعركة بل لا يتوفر الحد الادنى من لوجستيات الطبابة لإنقاذ حياة الجرحى او تامين مرتباتهم ومستحقات اسر الشهداء منهم لإعالة اسرهم يحدث ذلك وقد سحبت من الشعب العراقي حقوقه الاساسية في الحياة الحرة الكريمة لتحويل مليارات الدولارات لادامة زخم الانتصارات على الارهاب وتبين ان (الكبار) يتصارعون لسرقة حتى عذاء الجنود واسلحتهم وذخيرتهم وتركوهم جياعا عراة امام عدو مفترس متوحش واختلسوا المليارات من صفقات السلاح واستبدالها بصفقات مغشوشة ومزيفة مثل اجهزة كشف المتفجرات ولهذا ندعو اخر ما تبقى من الشرفاء في هذا البلد من داخل او خارج العملية السياسية للبدء فورا بإجراءات محاكمة هذه الزمر والدعوة لتعديل الدستور والغاء مجلس النواب الذي لا يمثل الا كتل تأكد فسادها وفشلها في ادارة البلاد ورعايتها للفساد والارهاب وامعانها بإذلال الشعب والسخرية منه وهم على السواء واخطرهم من يتستر بشعارات الاصلاح الشرعية او المدنية نؤجل النظام البرلماني الى حين ينضج الوعي الديمقراطي ونظهر البلاد من الارهاب والفساد فالآليات الحالية لا تنتج ممثلين حقيقيين للشعب بل اغلبهم لصوص و(صكاكه) وهو تعبير اقذر من القتل العمد فهو ينطوي على غدر وخسة وصاحبه يتستر بالديمقراطية والشفافية وشعارات الوطنية والدين.
للأسف فشلت هيئة النزاهة ومكاتب المفتشين واغلبهم عاجزين او متورطين بالكشف عن المستور واسترجاع اموال الشعب ومحاكمة الفاسدين، ولم يعد الصمت ممكنا وعلينا ان نؤسس لمعارضة حقيقية وليست استعراضية تسقط الفاسدين لترشح اخرين في لعبة للكراسي تحركها دول اقليمية بواجهات دينية او سفارات عربية واجنبية بواجهات علمانية ومدنية وكليهما يريد ان يمتطي الشعب بعد استحماره، وليس امامنا الا الاعتراف باننا امة من حمير او شعب يستحق الحرية والتغيير ويمتلك القدرة لاستئصال سرطان الفساد قبل الارهاب فقد صدق من قال ان الكارثة تقع على الامم حين يضع الجاهل مكان الخبير العالم ويوضع الذنب مكان الراس لصنع القرار ويؤتمن الخائن والحرامي على ثروات امه بكاملها والذي يحدث هو ما نراه اليوم من مسرحية الغزو والتحرير الى مسرحية استجواب وزير الدفاع واستمر بالتأكيد بترتيبات خلف الكواليس وتوجيهات من العرابين والمتحكمين بالقرار في بلاد الانهيار وسيستمر الجهد بإرسال الفقراء للقتال حتى الشهادة بنيران الدواعش او بالأسلحة الفاسدة وسيستمر التوافق لاقتسام غنائم الانتصارات وتوزيع المكرمات على شاكلة البعض من ابطال ملف الاهوار..!