نورالدين مدني/ سيدني
في هذا العالم الموبوء بالحروب والنزاعات والفتن والأدواء الإجتماعية والإقتصادية تزداد حاجتنا للعودة إلى المنابع الصافية في الرسالات السماوية لتخرجنا من الظلمات إلى النور وتهدينا إلى سبل السلام والمحبة والرحمة والخير والإخاء الإنساني. هذا يلقي علينا جميعاً مسؤولية أكبر للسعي لمعالجة أسباب الويلات الظاهرة والباطنة التي تفجعنا أخبارها كل يوم في بلداننا المنكوبة بالنزاعات والحروب المفتعلة المغذية بأمراض العنصرية النتنة. لذلك فإننا نساند كل خطوة تقربنا من العودة لإنسانيتنا التي لم نعد نحس بها - وسط تنامي الجرائم اللإنسانية التي تفجعنا في كثير من بقاع العالم - مثل الدعوة للالتقاء على كلمة سواء التي دعا لها الكاتب السوداني عبد المؤمن إبراهيم أحمد في كتابه"رؤى متحدة - منظور جمعي بين الإسلام والمسيحية واليهودية". تزداد حاجتنا في العالم العربي والإسلامي إلى إحياء حركة التنويرلتخرجنا من ظلمات العصبية والإنكفاء على الذات وتقديس الماضي' للدخول في رحاب العصرنة والإنفتاح الإيجابي على العالم' والإستفادة من مخرجات الحضارة الإنسانية.. دون إغفال لتراثنا الخير الذي أسهم في صنع هذه الحضارة. قال عبدالمؤمن في كتابه المشار إليه انفاً إن العالم العربي والإسلامي يمر اليوم بمرحلة مخاض من أجل ميلاد فجر جديد يأخذ فيها العرب والمسلمون النافع من حضارة الغرب ويتركون الضار' وبذلك تتجدد روح الأمة.
أطلق الكاتب على هذه المرحلة "المرحلة الثانية" من مراحل بعث التراث الديني والفكري بعد إعادة قراءة التراث على هدى وبصيرة' مع تعزيز الحريات الدينية والفكرية' واعتماد الديمقراطية السياسية وسيلة للتداول السلمي للسلطة. ما يجعلنا نتفاءل بهذا التحول اللازم في بلادنا للحاق بركب الحضارة والتقدم' تبلور ظاهرة الدول المتعددة الثقافات والأعراق في كثير من أنحاء العالم' الأمر الذي يستوجب إحياء الروح الإنسانية الجامعة التي بشرت بها كل الرسائل السماوية. إننا في أمس الحاجة لإعادة قراءة النصوص الدينية وتنزيلها على أرض الواقع في بلادنا ومع العالم' مثل قوله سبحانه وتعالى في القران الكريم" ياأيها الناس إنا خلقانكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عندالله أتقاكم ان الله عليم خبير" -١٣ - الحجرات. وفي هذا الصدد نتفق مع الكاتب في أن كل الحروب والنزاعات التي تقلق العالم هذه الأيام إنما هي احداث طارئة' لابد أن يأتي اليوم الذي تجتمع فيه الأمم والشعوب في العالم لتعيش في سلام وسعادة في معية الرحمن الرحيم حيث تسود المحبة والرحمة وسط البشرية جمعاء. إن الفجر القادم للبشرية يتطلب وقفة مع النفس لتصحيح المفاهيم والمواقف الدينية والسياسية والفكرية وتجلية العقول والقلوب بالحب لتتجه خالصة لله رب العالمين قاطبة لتنزيل السلام على الأرض وبسط الخير والعدل والرحمة بين الناس أجمعين.