صدى قرار ادراج الاهوار والمناطق الاثرية العراقية
ضمن لائحة التراث العالمي وسط عالم مليء بالحروب..
علاء الماجد/ بغداد
وصفت منظمة اليونسكو منطقة الأهوار في العراق، لدى الإعلان عن إدراجها في قائمة التراث العالمي، بأنها "ملاذ تنوع بيولوجي وموقع تاريخي لمدن حضارة ما بين النهرين"، وقالت مديرة المكتب الخاص بالعراق في المنظمة، لويس هاكسثاوزن، في تصريح بعد صدور القرار، إنه "يفتح آفاقا للتعاون الدولي من أجل حماية وإدارة مناطق الأهوار هذه". ومن المهمات الأساسية للمنظمة الحفاظ على طبيعة الاهوار وتزويدها بالخدمات ومراقبة هذه المواقع وتنظيم زيارات لتقييم أوضاعها، وتصدر تحذيرات للجهات المسؤولة لإبعاد أي مخاطر تهددها. وفي حال عدم حصول تقدم في تصحيح الموقف يُقنع الخبراء، فمن الممكن أن يوضع الموقع في قائمة المواقع المهددة. وكانت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، قد صوتت الأحد الماضي 17 / 7 / 2016، على إدراج الأهوار والمناطق الأثرية في العراق على لائحة التراث العالمي. وتمت الموافقة على ضم ثلاث مدن قديمة وأربعة من الأهوار العراقية إلى سجل لائحة التراث العالمي بعدما حظي الطلب الذي تقدم به العراق بدعم دول (الكويت ولبنان وإيران وفرنسا وكازاخستان وفنلندا واندونيسيا والبرتغال وتونس وتنزانيا وفيتنام واليابان والبيرو). وقالت الناطق باسم السفارة العراقية بأنقرة، إن "هذا الإنجاز يعد إضافة مهمة لقائمة التراث العراقي ونجاحا كبيرا حققه أعضاء الوفد العراقي الذي ضم عددا كبيرا من المتخصصين والخبراء في مجالات متنوعة ومن وزارات وهيئات عراقية متخصصة". وكان عضو الوفد العراقي المشارك في اجتماعات لجان منظمة اليونسكو الـ 40 التي عقدت في مدينة اسطنبول التركية ليث شبر أعلن، يوم الأحد 17 / 7 / 2016، عن ادراج الاهوار والمناطق الاثرية العراقية ضمن لائحة التراث العالمي. وكانت منظمة (اليونسكو) قد تبنت معاهدة حماية الموروث الحضاري والطبيعي عام 1972 والتي تضمنت توصيات للتعاون الدولي في الحفاظ على المواقع ذات القيمة العالمية، باعتبارها ملكاً للأجيال المقبلة. وتم التوقيع على هذه المعاهدة من قبل 192 بلدا. وقد أدرجت في لائحة التراث العالمي مواقع متميزة من شتى أنحاء العالم، بينها مواقع عربية مهمة لحقت بها أهوار العراق يوم 17 تموز 2016.
مواقع الاهوار ومساحتها
تقع منطقة الاهوار في الجزء الجنوبي او السفلي من وادي الرافدين وتضم أهوار جنوب العراق المنطقة المثلثة الواقعة بين مدينتي العمارة شمالاً والبصرة جنوباً وشرقاً وسوق الشيوخ غرباً وتضم بينها جزر كثيرة، وتبلغ مساحتها 35000 كم2، منها 9000 كم2 أهوار دائمية والباقي أهوار موسمية ويبلغ طول المنطقة من الشمال الى الجنوب 210 كم وعرضها 170 كم وتقسم الاهوار الى ثلاثة مناطق رئيسية هي:
المنطقة الاولى: الاهوار الشرقية وهي تقع شرق نهر دجلة وتسمى ايضاً اهوار الحويزة، وهي محصورة بين الحدود العراقية الايرانية شرقا ونهر دجلة غربا ، ونهر السويب جنوبا وتأخذ مياهها من نهر المشرح والكحلاء وكذلك نهر الكرخة المتفرع من نهر الكارون وتفرع مياهها في نهر دجلة ثانية عن طريق الجداول التي تصب في نهر دجلة ونهر السويب.
المنطقة الثانية: الاهوار الجنوبية وتسمى ايضا اهوار الحمار او هور السناف ويحدها كرمة بني سعيد غرباً ونهري الفرات وشط العرب شمالاً وسكة حديد بغداد جنوبا والكرمة شرقاً وتصب في شط العرب بواسطة نهر كرمة علي.
المنطقة الثالثة: الاهوار الوسطى او اهوار زجري او ابو كلام وتقع بين نهري دجلة والفرات وتحدها مدينة العمارة شمالاً والقرنة جنوباً ونهر دجلة شرقا ونهر الفرات غرباً، وتغذيها جداول المجر الكبير والصغير والبتيرة وتفرغ مياهها في نهر الفرات . وهنالك مناطق اخرى في محافظتي العمارة والناصرية توجد اهوار الفهود وتقع هذه الاهوار جنوب شرق الشطرة وهي من الاهوار الدائمية وطولها حوالي 50 كم من الجنوب الشرقي الى الغرب وعرض 15,10 كم من الشمال الى الجنوب وتفرغ مياهها في بحيرة الحمار بواسطة نهر ابو لحية واللعويسية. اما في محافظة العمارة فتوجد اهوار السينية والساعدية في منطقتي كميت وعلي الغربي.
الأهوار معلم أساسي في جغرافيا المنطقة الجنوبية
*يقول الباحث المتخصص مصطفى كاظم بعد قرار اليونسكو ضم الاهوار العراقية الى لائحة التراث العالمي: ان الأهوار العراقية شكلت، على مدى أزمنة طويلة، محميات للكثير من النباتات الطبيعية والحيوانات البرية والداجنة والطيور المقيمة والمهاجرة، وظلت بيئة ملائمة لصيد الأسماك وزراعة الرز، ومغذية لمحيطها الذي يحتضن بساتين النخيل الشاسعة. وإضافة إلى محيط الأهوار الذي تنشط فيه الزراعة وتقطنه الأسر الفلاحية، اتخذ عمق الأهوار موطنا للسكان الذين يطلق عليهم "المعدان"، ويعيشون منذ القدم نمط حياة خاصا في منازلهم المبنية من نبات البردي والقصب معتمدين على تربية الحيوانات وبشكل خاص الجاموس الذي يستخدم لإنتاج الألبان ومشتقاتها". واكد ان " الأهوار معلم أساسي في جغرافيا المنطقة الجنوبية التي تشمل محافظات ثلاث هي البصرة وذي قار وميسان، وتقع على حافة المدن الحضرية، البصرة والناصرية والعمارة والبلدات الأخرى، وهي مراكز النشاط التجاري والتعليمي والإداري، لكن هذه الصورة اهتزت، في العقود الأخيرة من القرن الماضي وحتى يومنا هذا، وحالت ألوانها، بعد أن تعرضت تلك البيئة الطبيعية إلى ظروف استثنائية تداخلت فيها عوامل كثيرة منها السياسي والاقتصادي والعسكري، فضلا عن متغيرات أخرى طرأت على العراق وجواره. وأفرز هذا تحولات طبيعية أجبرت السكان إما إلى النزوح أو تغيير نمط حياتهم المعيشية والإنتاجية". وأضاف "ان فترة الحرب العراقية الإيرانية وبسبب الإجراءات الأمنية والعسكرية قد أدت تشويه بيئة المنطقة وتغيير طبيعتها لأسباب تتعلق بعمليات الجيش وتحصيناته وملاحقة أي تمرد معارض. وتبعت هذه الحرب حروب أخرى متتالية أضافت المزيد من المتاعب بتدميرها البنية التحتية وتعقيدها العلاقات الإقليمية".
جريمة تجفيف وقتل الاهوار
- يقول المهندس الزراعي علاء هاشم البدران في وصفه لمناطق الاهوار في جنوب العراق:
ان الاهوار تمتد على مساحة تقدر بحوالي 7700 كم مربع وكلها من البحيرات الكبيرة الحجم والتي تتخللها جزر صغيرة سكنها الناس وزرعوها بمختلف المحاصيل والأشجار . تعرضت عام 1992 وما بعده الى اكبر جريمة تجفيف لمستنقع مائي في العالم بعد تفجر انتفاضة الجنوب المظلوم، مما تسبب في انحسار المياه عنه وبقيت أماكن قليلة تشكل برك صغيرة، تركزت في هور الحويزة، وتحول هذا المستنقع العظيم الى أراضي جافة متشققة وتملحت الأرض أكثر فأكثر وجفت بيئة مدن الجنوب أكثر وبدأت تظهر أنواعا جديدة وغريبة من الأمراض التي لم تعتادها المنطقة. وقد أجمع اللغويون والجغرافيون العراقيون على ان كلمة الاهوار تطلق على الاراضي المنخفضة التي تغطيها المياه في جميع أيام السنة وفي مواسم معينة وتضم مناطق ضحلة وأخرى عميقة نسبياً، بعضها مغطى بالنباتات المائية والقصب والبردي، والبعض الآخر مفتوح يطلق عليه أسم بركة.. وهو يعني مساحات المياه الدائمية والموسمية والتجمعات الكثيفة للغابات المائية والقصب والبردي وشبكات الجداول الواردة اليها والخارجة منها. وبتعبير أدق فهي تلك الاجسام المائية الموجودة في جنوب العراق والتي تتميز بمواصفات خاصة تختلف عن مواصفات البحيرات والانهار والمستنقعات ومسطحات المد والجزر. وأضاف "ان عملية تجفيف الاهوار بدأت مع محاولات تركيا وسوريا لتقليل كميات المياه الواردة الى العراق منذ ثمانينات القرن الماضي واستكملها النظام المباد بحفر القنوات والأنهار التي ساهمت بتسريب المياه الحلوة الى البحر!! وأدت هذه الجريمة الى موت الأعشاب التي كانت تعتاش منها الأبقار والجاموس وبذلك نفقت هذه القطعان الهائلة عدداً والعظيمة الفائدة والمنفعة على أهلها وعلى مجتمع جنوب العراق وذبحت بمجازر! واضطر 300000 نسمة هم سكان هذه المناطق الى الهجرة الى المدن القريبة أو الى إيران، وأحرقت المناطق التي ماتت أعشابها من القصب والبردي بالكامل وعوقب القصب والبردي بالإعدام عن طريق رشه بمبيدات الأعشاب!! وهي مبيدات غالية الثمن. أصبح البؤس والشقاء هو الحياة الجديدة لمن نجى من هذه الكارثة الإنسانية والحياتية بكل ماتمثله، وامتهن الناس الذين جردوا من كل الوسائل لكسب لقمة العيش، وحرموا من ابسط حقوق المعيشة، وهي المسكن والرزق، الذي كان لايمكن تخيل فقدانه بهذه البساطة. كانت الحرفة الرئيسية لمعظم السكان؛ هي تربية الحيوان وبعض الصناعات والمهن الخفيفة، وصيد السمك والطيور المهاجرة حيث وصلت كميات السمك التي تم اصطيادها من هذه المناطق الـى100 ألف طن.
الاهوار بعد سقوط النظام الصدامي
- ويؤكد البدران
"ان اية معلومات لم تتوفر عن حجم الهور المتبقي حتى سقوط النظام السابق عندما نشرت الأمم المتحدة خلال العمليات الحربية لإسقاط النظام السابق صورا عن الكارثة البيئية في المنطقة نفسها التي تتقدم فيها الدبابات نحو بغداد. واظهرت صور الأقمار الصناعية أن اقل من 7 بالمئة من اهوار منطقة ما بين النهرين لا تزال بحالة جيدة. وهذه هي المنطقة التي يلتقي فيها نهرا دجلة والفرات، ويعتقد البعض أن هذه المنطقة هي الموقع الأصيل لجنة عدن. في عام 2000، قدر الباحثون ان 90 بالمئة من الأراضي الرطبة لم يبق لها اثر، نظرا إلى أعمال التجفيف والسدود التي تقف عائقا في طريق تدفق النهرين. ولكن الصور الأخيرة أظهرت أن مزيدا من المناطق الرطبة قد جف بالقرب من الحدود مع ايران. وقد تحولت أراض واسعة من الأراضي الرطبة إلى مناطق جافة قاحلة، مما تسبب في ظهور مشكلات كبيرة للسكان والحيوان على حد سواء. كما أن جفاف المنطقة قد تسبب بمشكلات كبيرة للسكان من عرب الاهوار الذين ترتبط ثقافتهم بشكل واسع بالبيئة التي يعيشون فيها. ويتهم الطاغية صدام حسين بالعمل على تجفيف منطقة الاهوار كوسيلة للضغط على السكان الذين يعارضون نظامه ولفتح الطريق أمام دباباته أثناء الحرب مع إيران.
ولكن المشكلة لها بعد دولي أيضا، ذلك ان بناء السدود في سوريا وتركيا قللت من تدفق المياه الى العراق. ويخشى ان بناء مزيد من السدود التركية على نهر دجلة سوف يجعل الوضع اكثر سوءا. ان ما يخشى منه اليوم هو ان الكميات الواصلة من المياه الى الاهوار قد لا تكفي للاغمار بالكامل او الابقاء على المساحات الحالية وهذه المشكلة ينظر اليها المعنيون بجدية كبيرة نظرا للتجارب السابقة مع الجارة تركيا التي تنبع انهار العراق من اراضيها وتسمي نهري دجلة والفرات (( بالأنهار العابرة للحدود )) وهي تسمية قد لا تعني لغير المتخصصين شيئا الا ان معناها انها انهار تركية ولا شأن لاحد بها غير تركيا وبذلك تعطي لنفسها الحق بعمل ما تشاء لإقامة سدود على نهري دجلة والفرات. قد يستوجب هذا الموضوع لأهميته البالغة قيام السياسيين العراقيين بالضغط على تركيا لتثبيت حصص العراق من المياه وتخصيص حصة اضافية لاغمار الاهوار ... وهذا الموضوع يمكن ان يكون عن طريق ضغط دول الاتحاد الاوربي على تركيا لتثبيته ضمن شروط انضمامها الى الاتحاد.
اعرق الحضارات وقبلة الانظار
- يقول الناقد والباحث احمد جبار غرب:
تعتبر الاهوار من اكبر المحميات الطبيعية في العالم وحاضنة بيئية كبيرة لأنواع من الطيور والأسماك وهي امتداد للإرث العراقي السومري الذي نشافي في جنوب العراق وشكل حضارة سومر العظيمة ورغم اهميتها البيئية والأثرية والسياحية الا انها لاقت الاهمال وعدم الاهتمام وأحيانا التدمير وعلى يد النظام الصدامي حيث عمد الى احراق القصب وتجفيف المساحات المائية فيها وقطع عنها المياه من مصادرها الرئيسية لكونها كانت ملاذات آمنة للمعارضة العراقية الشريفة ورغم كل التعسف والقسوة الا ان الاهوار ظلت محافظة على هويتها وأصالتها ونظرا لموقعها الجغرافي والأثري فقط استقطبت الاهوار اهتمام العديد من الدراسات والأبحاث لمستشرقين زاروها وكتبوا عنها كثيرا ولا غرابة في ذلك فهي خزين تأريخي ومؤل اعرق الحضارات البشرية في العالم ولتعرض هذه المحمية الى انتكاسات ومشاكل ولعدم قدرة الحكومة العراقية على جعل الاهوار منتجع سياحي وبيئي مثمر فقط تم طرحها من قبل ناشطين ومهتمين على منظمة اليونسكو لحمايتها من الاندثار والجفاف وضمها ضمن لائحة التراث العالمي وهذا الامر يتطلب تعاونا عراقيا في اعلى المستويات لكي نظمن ترشيحها وبالفعل فقد شكلت خلية عمل نشيطة لمجاراة الحدث الكبير وتسهيل المهمة للمنظمة الدولية وتم التصويت على اعتبار الاهوار و6 مواقع اثرية ضمن لائحة التراث العالمي في مؤتمر اسطنبول الذي انعقد الشهر الجاري وكانت فرحة عارمة للعراقيين بنجاح مهمتهم في جعل الاهوار والمواقع الاثرية امكنة سياحية وضمن العناية والاهتمام الدولي وعلى ان الحكومة والجهات المعنية ان تبذل قصارى جهودها من اجل ان ينجح التقييم الدولي في سنته الاولى وذلك بإنشاء المرافق السياحية والفنادق الكبرى والمطاعم الفاخرة لأنها ستكون قبلة انظار السائحين من مختلف دول العالم ونتمنى ان تحقق الحكومة والمعنيين بالأمر برنامجا سريعا لأجل تحقيق تلك المتطلبات لأجل انعاش الاهوار بما يكفل استمرار الحماية الدولية لها.
هوية سكان الاهوار
- اما الكاتب والصحفي احمد عبد السادة فقد تناول هوية سكان الاهوار قائلا:
إدراج أهوار العراق ضمن التراث العالمي أعاد للواجهة مناقشة هوية سكان هذه الأهوار والذين تطلق عليهم تسمية "الشروكية"، أي القبائل التي سكنت شرق دجلة، وهي تسمية لا تشكل إساءة أو انتقاصاً اجتماعياً إلاّ إذا اقترنت بالإزدراء والنبرة الطبقية العنصرية الشائعة للأسف في مجتمعنا !. لقد استكثر بعض المرضى أن يتم طرح هوية "عرب الأهوار" مقرونة بالزهو والافتخار بعد تحول جغرافيتهم وبيئتهم الفريدة إلى تراث عالمي، فقاموا بتجهيز عدتهم المعرفية العنصرية للنيل من هذه الهوية إلى درجة أن أحدهم كتب بأن "الشروك" لا يمتلكون من ماضيهم سوى "مسعود العمارتلي" ولا يمتلكون من حاضرهم سوى "علي دواي"!! متناسياً قائمة طويلة من أسماء المبدعين الذين ينحدرون من سلالة الهور الطيبة والذين لولاهم لكان مشهد الفن والأدب العراقي ناقصاً وعليلاً!. هذا الطرح العنصري هو امتداد للحملة الصحفية البعثية الشوفينية التي انطلقت بعد انتفاضة 1991 والتي قالت بأن "عرب الأهوار" جاؤوا من الهند، وهو طرح وجدنا صداه البغيض في كلام النائب السابق طه اللهيبي عندما قال بأن أهل مدينة العمارة هم "هنود"، وبرأيي أن هذا الطرح لا يهدف فقط إلى الانتقاص الاجتماعي، وإنما يهدف، في جوهره، إلى تجريد "الشروگية - الشيعة" من هويتهم العراقية، لتوفير ذريعة لإقصائهم من الحياة السياسية، وبالتالي توفير ذريعة لإبادتهم بسيوف ومفخخات التكفير بحجة أنهم غير عراقيين ولا يحق لهم أن يشاركوا بالسلطة!. إن هذا الطرح العنصري هو تسويغ وشرعنة لحملات الإقصاء والمحو والإبادة التي تعرض ولا يزال يتعرض لها "الشروكية" و"الشيعة" بشكل عام!.
الإسراع في بناء المشاريع
- *الدكتورة آمال محمد سالم / أستاذة جامعية
الاهوار شجرة عظيمة جذورها ضاربة في عمق التاريخ ان لها الان ان تورق وان تثمر ، ليل طويل مايقرب من 7000 سنة مر عليها الان بدأت خيوط شمسها الفضية تلمع في الأفق. العنبر والبرحي والكطان شهود على عظمتها. خاضت صراعا طويلا من اجل البقاء من ذوي القربى والجيران على السواء ، لو رجعت الى الوراء وتاملت وجوه الاطفال.. النساء.. الشيوخ ..الحزينة الفقيرة الا من كرامتها لهالك الامر.. كيف يبيتون على الطوى جياعا والاناء يفيض خيرا مذ كان دجلة والفرات في اوج حبهما العذري قبل ان تطالهما الايادي النجسة، جاء صدام الى الحكم وجاء خراب العراق معه، كان للاهوار حصة الاسد من مغامراته.. طيشه .. جبروته.. طغيانه، حارب ابناء الهور لان اكثرهم ابى الخضوع والاستسلام ابى ان يتحول الى دمية بيد (القائد الضرورة ). جعل نهر القائد بديلا عنها ، اعدم الاحياء الجميلة النادرة من اسماك وطيور ونباتات واضطر اهلها للرحيل وترك اوطانهم ومضايفهم الى المدن وزج ابناءهم في حروب عبثية لاطائل منها . ابناء الهور نهضوا افاقوا رسموا طريق مستقبلهم الم يكونوا اصحاب حضارة ومعلمين للبشرية على مدى التاريخ. بلدي هذه امنيتك تتحقق على ايدي ابناءك . وتكاتفت الجهود ونجحت بضم الاهوار الى التراث العالمي بقي الامر الاهم والاصعب في نظري هو انجاح المشروع على ارض الواقع بتيسير عمل المنظمة الدولية وتفهم الحكومة وابناء الاهوار لهذا المشروع العظيم هناك نقاط في نظري يجب مراعاتها، اولا الحفاظ على البيئة البكر وعدم تغييرها او طمس معالمها بحجة التطور فلو تطورت بيئة الاهوار كثيرا لزال هذا العبق الجميل كما زال طعم البني ورائحة العنبر وبراءة بنت الهور وفصاحة طفل الهور وحكمة شيخ الهور ودفء ببت الهور وحلو طربه وغناءه وصار هجينا لاطعم له، ثانيا انا لا ادعو لتغيير عادات وتقاليد اهل الهور ولكن ادعو الى فتح نافذة صغيرة لتدخل الشمس والهواء فالتمسك بالتقاليد المتزمتة لايخدم المشروع ويجعل السائح في قفص لم يعتد عليه . ثالثا الاسراع الحثيث والعمل على بناء المشاريع الاستثمارية المنتجة من اجل جلب السياح وبناء المسارح والمكتبات والمتاحف والمطاعم والفنادق الراقية .
ملاذ للطيور المهاجرة
- الشاعر والإعلامي عدنان الفضلي تحدث عن مهد الحضارات قائلا :
يذهب الرحالة الانكليزي كافن يونغ الذي زار مدينة الناصرية في خمسينيات القرن الماضي في كتابه (العودة إلى الأهوار)، إلى أن عرب الأهوار الذين يعيش الآن قسم منهم في مستنقعات تمتد لآلاف الأميال بين محافظات جنوب العراق، هم أحفاد أولئك السومريين الذين استوطنوا هذه الأرض قبل آلاف السنين، وتؤكد اغلب الدراسات القديمة والحديثة على ان عمر الاهوار يمتد الى ما قبل الحضارة السومرية وعن مساهمة سكان الأهوار في صنع الحضارات في بلاد ما بين النهرين بل ان بعض الدراسات توقفت عند تلك المناطق على انها مهد الحضارات اجمع وانها كانت المنطلق الاول للانسان المتحضر المنسلخ من عصر المعيشة الوحشية، وقد اختلفت آراء الخبراء بشأن أصولهم، فمنهم من أرجع نسبهم إلى السومريين الأوائل ومنهم من أنكر عليهم ذلك وأكد على أصولهم العربية كونهم ينحدرون من قبائل معروفة في الجزيرة العربية. وتنبسط على شكل مثلث قاعدته تمتد بين الناصرية في الغرب والعمارة في الشرق ورأسه في البصرة في الجنوب. ويقدر عدد سكانها مابين ( 350 ) الى ( 500) الف نسمة. ولقد عانى سكان الاهوار من الانظمة السابقة ومن الاهمال الذي اصاب تلك المناطق على الرغم من انها لو استثمرت لاصبحت اكبر مجمع سياحي في العالم، ومن ابرز معاناة المواطنين هناك هي قرار تجفيف الاهوار في تسعينيات القرن الماضي فبعد انتهاء حرب الخليج الثانية في العام 1991 ، أنتفض العراقيون ضد النظام السابق ومنهم سكان الأهوار.
وكان رد السلطات العراقية آنذاك قاسيا، فتمت إبادة أعداد كبيرة منهم وتهجير القسم الآخر. ولم يكتف النظام بذلك بل عمد إلى إنهاء مقومات الأهوار عبر تجفيف % 90 من مساحات الاهوار وتهجير ما تبقى من السكان إلى مناطق أخرى. اما بعد التغيير في نيسان 2003 عادت مياه الاهوار الى التدفق ومعها عاد اغلب الاهالي الى مناطقهم في محاولة لاعادة الحياة الى تلك المناطق، وبرغم ان المحاولات مازالت قائمة الا انها لم تأت بالشيء الكثير. وتكتسب أهمية مناطق الأهوار التي يقطنها حاليا 100 ألف نسمة من أصل 300 ألف نسمة قبل تجفيفها، موزعين على 259 قرية حسب البيانات الرسمية مكانة كبيرة لوجود 160 موقعا اثريا يرجع تاريخها إلى السلالة السومرية. كما أنها من المناطق التي تمتلك خزينا هائلا غير مكتشف من حقول النفط والغاز التي أعلنت عند التجفيف بانبعاث تيارات غازية منها . ويؤكد هذا الحديث خبراء في شركة نفط الجنوب وثروات مائية وحيوانية كبيرة، وتمتاز بإيوائها أكثر أنواع الطيور المهاجرة من شتاء أوروبا الباردة وموطنا لأكثر أنواع الأسماك شهرة بالعراق، إضافة لصلاحيتها بإقامة محميات طبيعية للأسماك والطيور المهاجرة بإمكان تحويلها بلمسات بسيطة إلى مناطق سياحية فريدة ، وقد فوجئ سكان الأهوار بعد عودة المياه الى المنطقة بأسراب هائلة من الطيور المهاجرة تقدر بالملايين في مدينة الناصرية ( 385 كلم جنوب بغداد ) . ورجحّ مصدر في الطب البيطري في المدينة انها جاءت من مناطق جنوب شرقي آسيا .
الماء هو الجنوب والجنوب جنة عدن
- الباحث والإعلامي جعفر درويش / رئيس منظمة أثر لثقافة الاثار والتراث قال:
الاهوار.. جنة الماضي، وسحر الحاضر..عنوان عريض نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى ونحن أهل الاهوار ان نساهم في انجاح الحملة الوطنية لتكريس الاهوار على لائحة اليونسكو للتراث العالمي لإبراز منطقة الاهوار وما تمتلكه من أرث ثقافي هذه المنطقة التي سكنها السومريون منذ ألاف السنين. ولأننا شعب لا يموت أنطلق منذ انطلاقات الحياة التي وجدت بوجود الماء فهو الوجود الأول وقد مر في أرض العراق وبات عنوانه الأولي، الماء يمثل الجنوب و الجنوب يمثل جنة عدن . وقد سماها الآثاري المعروف بهنام ابو الصوف (جنة عدن) مؤكداً أن امتدادها الى البحرين وكانت تسمى (دلمون أو جنة دلمون) فعندما يزداد الماء فيها تسمى طوفان وهذه الكلمة وردت في القرآن والانجيل والتوراة. ومن الجدير بالقول أننا العراقيون من أغرب الشعوب وذلك لأننا منقطعون عن تاريخنا بسبب الضغوط والطغيان وباتت هناك هوةً كبيرة وقطيعة شاسعة عن تاريخنا و جغرافيتنا والتي بدأت من الاهوار ، و بعد أن أدرجت للتصويت اكتشفنا أننا في مأزق الهوية إذ إننا نمر بمرحلة عصيبة لحظة المجهول نحن وطن أم مجموعة اوطان وموضوع التصويت جاء في الوقت المناسب ليتنبه الجميع وتنكشف النوايا في حب الوطن والتمسك به، ً فنحن كعراقيين بحاجة الى وقفة مشتركة لأثبات الهوية والوجود والأنتماء، و علينا ان نقف وقفة مشرفة لأنجاز هذا التحدي .
قصيدة شعر وسرد وتشكيل
- الإعلامي والفنان التشكيلي فهد الصكر اكد ان:
الأهوار أغنية الجنوب ووحي غناء شارد في زمن قاحل لم يسجله التاريخ سوى ساحة حرب، وملاذ لحملة فكر صارع الطاغوت زمنا، آن لها أن تعود لفلاح سومري، ووجع لمحراثه، وهو وارث حضارة لا يصدقها ألا هو، وحده يدرك مفازتها، ودروب ذكرى شاخصة في صورة آنين من غادرو. آن للعالم المتحضر وعيا أن يعترف بفضاءاتها، ملتقى حب الطيور والأسماك ثرية العيش، وهي جنان فنان لا يتمسك ألا بقصبها، قصيدة شعر وسرد وتشكيل. آن لنا أن نتذكر كم من الحزن السومري وهو ألواح سجلت في مدونات يعجز "المنقب" على تفسير ما تنطق. وما تريد أن تصرخ به. الأهوار ظل آخر لتاريخ موغل بالحضارة، رسما موشوما بالبعد والدرس، أشارة لكل علماء الجغرافيا وجيولوجيا الأرض، علم للقادم بهاء سائح، وظل لا يغادر الأرض.