د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
شعرت بالدهشة وانا اطالع الارقام الخاصة باستهلاك مياه الشرب في العاصمة بغداد مقارنة بدول العالم وتؤشر الارقام اننا دولة فاشلة في ادارتها العليا وبرلمانها ومواطنها الذي يهدر ثرواته ويأكل ويشرب اكثر مما ينتج ويبدع بسبب الجهل في ادارة الثروات الطبيعية لإسعاد الانسان والتوظيف الامثل لطاقاته. تشير الارقام الى ان مدينة اسطنبول التركية السياحية والتي يزيد عدد سكانها على 15 مليون مواطن مع ملايين اضافية من حركة السياحة تنتج مليوني متر مكعب من مياه الشرب يوميا بينما تستهلك مدينة بغداد بسكانها الذي لا يزيد على ثلث سكان اسطنبول اكثر من 4 ملايين متر مكعب من مياه الشرب يوميا، وتؤكد عمليات الرصد نسب هدر وسوء استخدام لامثيل لها في العالم، ولهذا فان الافواه والبطون العراقية المفتوحة للاستهلاك تطلب كل يوم المزيد ولا تشكر الله على نعمته ولا تتحمل المسؤولية في تحمل تكاليف ومسؤولية الانتاج ولعله من المعيب والمخجل اننا نستورد قناني المياه من دول الخليج وهي لا تمتلك بحيرات وانهار عذبة المياه بل تنقي مياه البحر وتبيعه لتنابلة العراق وحين ننتج المياه نغشها لضعف الرقابة وحين تدشن امانة بغداد افتتاح اضخم مشروع لمياه الشرب في الرصافة بإنتاج 910 الف متر مكعب يوميا يعالج شح المياه يمر الانجاز بدون انتباه من الاعلام او ادراك لأهمية ذلك من رئاسة الوزراء لان هذه النعمة يبددها المواطن وتضيع لضعف البنية التحتية ولاتساع العشوائيات في مدينة افتقدت للحزم في تطبيق القوانين لاحترام تخطيطها العمراني والحضاري مع نقص خطير في الوعي البيئي واساليب تعامل الانسان مع البيئة والمكان وترك الامور تحت رحمة القوى الغاشمة والحوسمجية.
نعم ان قادة البلاد الذين فشلوا باستثمار موارد النفط فشلوا ايضا في استثمار موارد العراق كافة وفي مقدمتها موارد المياه وكان بالإمكان تحويل الساحل العراقي الممتد من ام قصر حتى الفاو لمناطق سياحية ومنتجعات تضاهي المدن المصرية ومدن الخليج العربي المتشاطئة على الخليج بإيجاد محطات لتحلية المياه لأحياء هذه الارض وسد حاجة اهالي البصرة الذين يعانون الامرين بإنتاج حصة الاسد من النفط وهم عطشى لا ترويهم دجلة والفرات ولاتغريهم مياه شط العرب المالحة. وصحيح ان الناس لا تشعر بالرضا لأداء امانة بغداد كونها جزء من الفوضى العامة التي تعيشها البلاد والتي وللأسف يضيع بين ركامها وصراخ المتصارعين على السلطة الكثير من الانجازات الكبيرة والتضحيات النبيلة لان اهل السلطة تشغلهم المعارك الجانبية ويتراكض معها الاعلام ووسائط التواصل الاجتماعي لتسليط الضوء على المثير من القول والمعيب من المشهد ليضخم ويسوق كأفضل منتوج عراقي للفضائح التي تعمق الشعور بالإحباط وتفقدنا الامل في حياة حره كريمة وازاء ذلك لا نرى المنجز ولا ينشغل فيه رئيس الوزراء مثلما ينشغل بترشيحات الكابينة الوزارية لإرضاء الاحزاب وتفسيراته للكذب السياسي للتهرب من الاستجواب..!
واخيرا نقول الف تحية لكل عراقي لم يلوث ضميره باختلاس المال العام ولم تسول له نفسه خيانة البلاد لإرضاء اصحاب النفوذ والولاء وانتصر للكفاءة و لحسن الاداء والف تحية لكل عراقي غيور وفر قطرة ماء في زمن ضاع فيه الامان وسفكت فيه الدماء وغابت المياه..!