نورالدين مدني/ سيدني
أثبتت التجارب العملية منذ الحرب الإستباقية التي قادتها الولايات المتحدة الامريكية ضد الإرهاب في أعقاب تفجيرات 11 سبتمبر2011 فشلها في القضاء على الإرهاب والإرهابيين‘ ويشهد العالم هذه الأيام حروباً مستعرة منذ سنوات في عدد من بلاد العالم العربي بلا طائل.
لذلك أشرنا مراراً وتكراراً الى أن الحرب وحدها لن تقضي على الإرهاب والإرهابيين‘ وهاهي الجماعت والتنظيمات السلحة تنتشر وتتمدد سرطانياً في العالم العربي وسط أنباء محبطة ومربكة لاتبشر بقرب سلام واستقرار في المنطقة.
لذلك ظللنا نرحب بالمبادرات المجتمعية التي تسعى للتصدي لمخاطر تنامي جماعات الغلو والعنف وكراهية الاخر وتكفيره‘ ونساند الحراك الإيجابي الفكري الذي تقوده تيارات الوسطية والإعتدال الداعية للتعايش السلمي بين مختلف الاديان والثقافات داخل الأقطار وفي العالم اجمع.
من المقرر أن ينعقد اليوم الخميس ١٨ أغسطس بالخرطوم الملتقى العربي حول الإرهاب تحت عنوان:
"دور الإعلام العربي في التصدي لظاهرة الإرهاب"..
الذي تنظمه جامعة الدول العربية بالتنسيق مع مجلس وزراء الإعلام العرب تنفيذاً لقرار مجلس وزراء الإعلام العرب في دورته ال ٤٧.
إن مثل هذه الملتقيات رغم طابعها الرسمي إلا انها فرصة للتفاكر والتشاور وسط المفكرين وقادة الرأي العام حول الأوراق المطروحة وابتدار وسائل مجتمعية‘ إضافة للحراك الإعلامي المنشود للإسهام الفاعل في حماية الشباب من الوقوع في شباك جماعات الغلو والعنف والكراهية والتكفير.
هناك تجربة عملية قام بها مركز أبحاث الرعاية والتحصين الفكري في السودان الذي يرأسه الدكتور عصام البشير رئيس مجمع الفقه الإسلامي تجاه عدد من المتهمين بتجنيد الشباب وسوء إستغلالهم تحت مظلة الدين وحرب الكفار.
يؤخذ على هذه التجربة أنها تمت خلف الأسوار الأمر‘ الذي إنتقده الدكتور محمد علي الجزولي المنسق العام لتيار الأمة الواحدة الذي أعلن عن تأييده لداعش‘ وقال في تصريح لصحيفة "السوداني" أنه يرحب بالتعاون مع المركز في معالجة الغلو‘ لكن ليس تحت الأسر لأنه لايصلح ولا يغير فكراً ولا نهجا.
إننا لانعول كثيراً على ملتقى الخرطوم العربي الذي من المقرر عقده في دول أخرى لمزيد من التشاور والتفاكر لكنه يعد خطوة في الطريق الصحيح‘ إذا خرج من حالة الإستقطاب القطري والمذهبي وركز على الحراك الإعلامي والمجتمعي الحر خاصة تجاه الشباب الذين تدفعهم عوامل محبطة ومربكة للجوء لجماعات الغلو والعنف والكراهية والتكفير بحثاً عن سلام مفقود.
مثل هذه الملتقيات والمنتديات تحتاج لدعم ومساندة من قادة الرأي العام والمفكرين والدعاة وتبني مشرعات وأنشطة متنوعة للشباب وبمشاركة منهم تنفعهم وتقوي حصانتهم الذاتية من كل المخاطر المحدقة بهم وبأسرهم وبمجتمعهم وبالعالم من حولهم.