د. غيـلان / سيدني
الوزراء الجدد وفي حقيقتهم ليسوا بالجدد فمنهم من خدم وكيلاً في وزارة أو مديراً لمؤسسة وبإمكاننا استثناء الدكتور عقيل مهدي فقط إذا كان هذا العقيل هو استاذ المسرح في أكاديمية الفنون الجميلة فالرجل أفنى عمره في العمل الثقافي والمسرح تحديداً وكم نحن بحاجة إلى إستعادة حيوية المسرح العراقي الذي تحول يغذي ويتغذى من التخلف السائد برعاية الجماعة، وما أحوجنا إلى عودة الحياة الثقافية إلى عراقيتها، المهم تم أستثناء عقيل من قبل العبادي وغالبية الوزراء الجدد من نفس الطينة بما فيهم الذين وصفوا بالتكنوقراط جاءوا من رحم المحاصصة وتم رفع أيادي النواب بسبب ذلك ويبدو أن الأزمة الأخيرة وبنصيحة خارجية تم ترشيحهم والتصويت عليهم ولنأخذ حسن الجنابي "إنموذجاً" وهو من الجماعة التي رافقت غارنرفي اللجان الأمريكية وصار بعدها وكيلاً أو مستشاراً لوزير الري في حكومة علاوي وسفيراً للعراق والآن سيكون وفقاً للتوزير الأخير وزيراً للزراعة والموارد المائية، يعني أنه من طينة الذين مارسوا السلطة منذ 2003 فما الجديد الذي نتوقع أن يصنعه.
مهمة السلطة التنفيذية هي تسهيل عملية تطبيق القوانين أي تنفيذها وهذه المهمة يجسدها كل وزير في وزارته فيلتزم بالقانون ويصدر اللوائح"القرارات" التي تسهل تنفيذ القانون، وبما أن وزاراتنا إرتكبت الكثير من المعاصي بالضد من القانون والقانون الأسمى في البلاد"الدستور "عليه يتوجب على الوزير الجديد أن يقدم للبرلمان برنامج بشقين الأول يتعلق بالكيفية التي سيعيد فيها هيكلة الوزارة ومؤسساتها، والثاني برنامج العمل الذي سيسير عليه وجدولة للفترة المتبقية من عمر الحكومة. والمصيبة هنا أن الكل يتحدث بالضد من الفساد والفاسدين دون أن يتنبه بأن كل اشارات المرور تشير إليه بالتوقف فقد عبر بفساده جميع الخطوط الحمر، ومن كثرة الفساد والفاسدين في بلادنا وهم من الكتل التي وزرت شعيط ومعيط وجرار الخيط بحيث تحول العراق من بلد الكتابة الأولى إلى البلد الأول في الفساد. نريد اعتراضات مكتوبة وما أكثر الصحف لدينا، وإذا سألني أحدهم لماذا سأقول أن أخطر ما يهدد بلادنا الشفاهة والارتجال، سنوات كثيرة مضت تحدث فيها الكثير من المسؤولين عن مشاريع إكتشفنا لاحقاً أنها وهمية أو مبالغ فيها وحتى تراخيص النفط والكلام موجه لـ حسين الشهرستاني كنا نسمع عنها شفاهة ولم نقرأ تفاصيلها في الصحف على عكس الفضائح التي جعلتنا "مصاليخ" أمام شاشات العالم.
لا جديد في التشكيلة الوزارية غير أسماء ونحن بأمس الحاجة إلى برامج يادولة رئيس الوزراء، وبالحقيقة نحتاج إلى تغيير حقيقي وهو مطلب لا يمكن تحقيقه إلا بموقف ثقافي علمي وشجاع وموقف شعبي يتمكن من الوصول إلى الشرعية الدستورية وكنس هذه العملية السياسية المشوهة والسماح للطاقات العراقية بقيادة مرحلة انتقالية من شأنها تهيئة البنى التحتية وإرساء حياة ديمقراطية في دولة تخضع للقانون وتقودها المؤسسات ومن غير ذلك لا وجود لأمل بالأصلاح، وأمريكا بيدها كل الملفات وتقع على ادراتها تصحيح مسارها السياسي والأخلاقي في بلد أوصلته فوضاها الخلاقة إلى كل هذا الخراب..