نورالدين مدني/ سيدني
بعيداً عن شماعات التبرير ومحاولة تبرئة الذات والقاء اللوم على الاخرين تحت دعاوى الإستهداف والتامر الخارجي بسبب بعض أفعال من يحسبون أنهم يحسنون صنعاً لابد من فعل صادق ومخلص لوقف نزف الدم والتخريب الماثل فيالعراق وسوريا وليبيا واليمن والصومال والسودان.
أصبحنا نمل سماع نشرات الاخبار التي تفجعنا بأنباء النزاعات والحروب والتهجير القسري والنزوح للملاجئ والمنافي والموت المجاني والخراب العمراني في مشاهد درامية متكررة ومتلاحقة بلا طائل.
لن نبكي على أطلال الماضي الذي لايخلو من ويلات وأخطاء وجرائم وفساد لكن لابد من وقفة صادقة مع النفس للانتباه لما يجري في هذه البلاد نتيجة لصراعات فوقية مفتعلة.
أسهمت هذه البلاد في رفد الحضارة البشرية لكن للأسف أقعدتها خلافاتها المفتعلة والمصنوعة بذكاء خبيث في تفاقم الفتن العقدية والإثنية والمذهبية' ليس فقط بين الأمة الواحدة ' وإنما داخل كل قطر على حده. لقد فشلت المنظمات الإقليمية والدولية والتحالفات العسكرية وجهود الوساطة والمؤتمرات التي لم تسلم من أدواء الإستقطاب الجهوي والمذهبي في وقف الخلافات والنزاعات والحروب تحصد ارواح الأبرياء وتشرد الناجين وتدمر العمران الحضري.
رغم كل هذا الإحباط لا ينبغي الإستسلام لليأس واجترار الأحزان في سلبية وانكفاء وخضوع للأمر الواقع وإنما لابد من زيادة الوعي بالمسؤولية الوطنية والأخلاقية لمعالجة أسباب هذه الفتن والنزاعات والحروب المدمرة.
هذا لايعني القبول بالأوضاع السياسية الراهنة التي تسببت في تأجيج هذه الفتن وإشعال نيرانها وسط الشعوب والسكوت عن المظالم والفساد وعدم العدالة' وإنما لابد من تكثيف الجهود الداخلية في كل قطر لوقف نزف الدماء واسترداد العافية السياسية والإقتصادية والأمنية.
ليست لدينا عصا سحرية أو وصفة عبقرية جاهزة للخروج من دوامة الخلافات والنزاعات والحروب والدمار' لكن لابد من إعادة النظر من كل الأطراف في تجارب الحكم القائمة والإسترشاد بتجارب الحكم التي أفلحت في تأمين الحياة الحرة الكريمة للمواطنين في سلام وأمان واستقرار وتعايش إيجابي.
ان الاوان - إن لم نكن قد تأخرنا بالفعل - للعمل الجاد المخلص لوقف النزاعات والحروب ومعالجة أسبابها بصدق وجدية لاسترداد العافية السياسية والإقتصادية والامنية لهذه الشعوب المقهورة.