علاء الماجد/ بغداد
منذ الاحتلال الأمريكي للعراق واسقاط نظام صدام عام 2003 بدا واضحا وجليا أن رموز السلطتين القضائية والسياسية في العراق يتبادلون توفير الحماية لبعضهم البعض باستخـدام نفوذهم في هاتين السلطتين بما يحقق لهم أهدافهم في تحقيق مصالحهم الشخصية والمكوث أطول فترة ممكنة في إدارة شؤون البلاد السياسية والقضائية. وموضوعنا يتعلق بالسلطة القضائية التي.لا تسلم من تهم الفساد والتمسك بالمحاصصة واهدار حقوق المواطنين، مما يتطلب اسقاط كبار رموزها الفاسدة، وقد ظهر ذلك جليا وواضحا في لافتات رفعها المتظاهرون وكتبت عليها أسماء هؤلاء الرموز مقترنة بشعارات تتهمهم بالفساد وتطالب بإقالتهم. ان اغلب الدساتير في العالم تؤكد على مبدأ استقلال القضاء. فالقضاة مستقلون لا سلطان عليهم الا القانون، ولا يجوز للسلطة التنفيذية والسلطة التشريعية التدخل في شؤونهم لتحقيق العدالة. كما لايحق للأحزاب المتنفذة التدخل والضغط على القضاء لحرفه عن ممارسة وظيفته لتطبيق القانون وتحقيق العدالة بحرية واستقلالية بعيدا عن تأثيرات المحاصصة والولاءات الحزبية والدينية والقومية والطائفية. صدر القانون الأساسي العراقي في 21 آذار من عام 1925وقد عدل مرتين أولهما في 22 تموز 1925 وثانيهما في 27 تشرين الأول 1943 وقد تضمن القانون المذكور مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث . وفي 16 تموز من عام 1970 صدر الدستور العراقي المؤقت. وفي عام 91 تم تعديله ليصدر الدستور العراقي الدائم. وبعد اسقاط النظام الصدامي صدر الدستور العراقي لعام 2005. وكل هذه الدساتير تؤكد في موادها على استقلالية القضاء (التي بقيت حبرا على ورق) منذ تأسيس الدولة العراقية حتى يومنا هذا.
" بانوراما" استطلعت آراء عددا من الاكاديميين والخبراء القانونيين والحقوقيين حول أزمة القضاء العراقي من خلال طرح الأسئلة التالية:
- هل استطاعت السلطة القضائية مع هذا الوضع المحاصصاتي والتدخلات الحزبية ان تحقق العدالة؟
- الأدعاء العام في وضعه الراهن ليس أكثر من شاهد لا يستطيع توجيه الأتهام، اين ستذهب حقوق المواطنين باعتقادكم؟
- هل تخضع التشريعات لضوابط الدستور أو المشروعية الدستورية؟
- في النظام الديمقراطي تحال كل الإشكالات القانونية إلى القضاء، هنالك مؤسسات اسمها الرقابة الدستورية، أين نحن من هذين النموذجين؟
- عن محنة القضاء العراقي يقول الباحث والمستشار القانوني الدكتور منذر الفضل:
لاشك أن فكرة المجتمع المدني ترتبط بقوة بنظام الدولة السياسي وأسلوب الحكم وهذا المجتمع يقوم على المشاركة الواسعة الاختيارية في السلطة وعلى التعددية السياسية والقومية والدينية والمذهبية والديمقراطية وكذلك تحريم الطرق غير القانونية في المشاركة السياسية. ومن مظاهر هذا المجتمع احترام حقوق الإنسان وتسخير الثروات لخدمته والتكافؤ في فرص العمل والتعليم وتحريم التمييز بين الجنسين ومنع التمييز العرقي أو الديني أو في المعتقد وتفعيل دور القانون وتطبيقه بالتساوي بين البشر وكذلك منع كل أشكال الاستبداد في السلطة على أساس أنها وسيلة لخدمة الإنسان وليس لاضطهاده. ولذلك تكفل التشريعات في المجتمع المدني كل الحقوق والحريات للإنسان ضمن الضوابط القانونية المشروعة.
ففي ظل المجتمع المدني تخضع الدولة والحكام والمحكومين للقانون تنفيذا لمبدأ المساواة وتتحدد أدوار ومهام مؤسسات الدولة والمجتمع وفقا للدستور وللنظام القانوني.أي أن مؤسسات المجتمع المذكور تتضمن مؤسسات تطوعية سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية تظهر وتنظم إبداعات الأفراد وتطورها دون أي إجبار أو إكراه على أحد ودون تدخل من الدولة. بل أن واجب الدولة هو في حماية وتطوير ودعم فاعلية هذه المؤسسات ولهذا لا يوجد أحد فوق القانون. ويتم تداول السلطة سلميا ومن خلال الانتخابات الحرة طبقا لعلاقة ثابتة بين مؤسسات الحكم ومؤسسات المجتمع الحرة سالفة الذكر. والغاية من القانون تنظيم الدولة والمجتمع وتنظيم قواعد السلوك ووضع الجزاء على من يخالفه لان المجتمع لايمكن ان يكون بلا قانون ولا قانون بلا دولة او سلطة تصدره وترعى سلطته القضائية تطبيقه. ومن الطبيعي أن الجزاء القانوني يتمثل في أشكاله المعروفة وهي الجزاء المدني والجزاء العقابي والجزاء التأديبي. وفي المجتمع المدني لابد من وجود الفصل بين السلطات (السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية ) إلى جانب وجود محكمة دستورية عليا او محكمة اتحادية تتحدد مهامها بقانون.
وفي المجتمع المدني يجري توظيف القضاء لخدمة الإنسان إذ أن لكل شخص حق ثابت في التقاضي ولا قيمة للقانون إذا لم يحقق العدل والعدالة في المجتمع. أن القضاء العراقي ومن خلال متابعتنا لمجريات الأمور يمر بمحنة كبيرة، ومحنته تتجسد في كثرة التدخلات من هذا وذاك وفي ممارسة سياسة الطعن والتشكيك والتشهير ضده من خلال وسائل الاعلام من كل من هب ودب وهي سياسة مرفوضة يجب وقفها وضرورة تعزيز هيبة القضاء العراقي وإحترامه وبخاصة مجلس القضاء الاعلى ومحكمة التمييز والمحكمة الاتحادية العليا فضلا عن القضاة في المحاكم الاخرى. فالقضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون والقانون فقط. غير ان ما نقرأه ونشاهده ونسمعه من اساءات تمس هيبة القضاء العراقي ونزاهته تثير الشجون والأحزان والقلق رغم زوال الدكتاتورية منذ عام 2003، لهذا يجب ان تتوقف العديد من مواقع الأنترنيت والصحف وغيرها من وسائل الاعلام عن مثل هذه السياسة التي تضر بالقضاء وبسمعته وشفافيته، ونأمل من السلطة القضائية ان تلاحق كل من يسئ لها وفقا للقانون كما نتمنى من الحكومة القادمة ان تعالج هذه القضية الحساسة. ومن جهة إخرى نوضح بأن مبدأ الفصل بين السلطات هو مبدأ دستوري يجب إحترامه، ولهذا لا يجوز لأي مسؤول او سياسي او طرف حكومي او كتلة سياسية القيام بتفسير الدستور او القانون حسب الاهواء والمصالح فاذا جاء تفسير السلطة القضائية خلافا لمصالحه صار يشكك ويطعن بموقف القضاء وبتفسير المحكمة الاتحادية العليا للنصوص او عند بيان رأيها القانوني.
- وعن دور الادعاء العام في السلطة القضائية يقول المحامي احمد فاضل المعموري:
نعلم جميعاً اهمية ودور جهاز الادعاء العام في الدولة فهو ممثل المجتمع في العدالة القضائية ،والذي يمثل سلطة القانون، في حماية الدولة وامنها ومؤسساتها والحرص على النظام الديمقراطي ومراقبة المشروعية، واحترام تطبيق القانون والحفاظ على أموالها والاسهام مع القضاء والجهات المختصة في الكشف السريع عن الافعال الجرمية ومراقبة تنفيذ القرارات والاحكام والعقوبات وفق القانون، والاسهام في تقييم التشريعات النافذة لمعرفة مدى مطابقتها للواقع المتطور. أن بقاء جهاز الادعاء العام ضعيف وبعيد في حماية المجتمع، وتعويضه بتعدد الجهات والهيئات الرقابية والتنفيذية، وهي تمثل واجهات سياسية لمؤسسات تنفيذية، فاقدة لحماية المجتمع والمؤسسات، المحتكر من قبل شخصيات سياسية وحزبية، وهذا يمثل تحايل لمشروعية الحماية الذي اوجدته المبادئ الدستورية في كل دول العالم، ومهمة جهاز الادعاء العام حماية المجتمع، عندما منح جهاز الادعاء العام في الدستور، صفة الشريك وليس التابع لرئيس مجلس القضاء الاعلى في سلطة واسعة ومطلقة بموجب القانون، وليس كما اقرها آمر سلطة الائتلاف المؤقتة (CPA)المرقم 35لسنة 2003 (أعادة تشكيل مجلس القضاء) في 18/9/2003، في مجالها الرقابي والقضائي وفصلها عن وزارة العدل.
ولا يمكن لرئيس جهاز الادعاء العام أن يتنصل عن مسؤولياته الدستورية أو القانونية بحجة أن قراره خاضع لرئيس مجلس القضاء الاعلى وهو من يتحكم بالقرار القضائي والسياسة القضائية العليا بتحريك الشكوى لصالح المجتمع ومتابعة الاموال المهربة أو حمايتها وهو مخالف لتفسير نص المادة (89) من الدستور العراقي لسنة 2005 . واكد "أن التمادي في تجاهل دور الادعاء العام في النظام الدستوري والقفز على القانون بحجة وحدة المنظومة القضائية من قبل السلطة القضائية الذي هو جزء منها ،هو خرق واضح لحقوق وحرية المجتمع وتجريده من الحماية القانونية في مسائل ذات أهمية كبرى في استقرار النظام الاجتماعي، وابعاده عن الارهاصات السياسية والحزبية، أن حماية النظام الاجتماعي وفق مدلول المسؤولية وفكرة الحرص على تطبيق القوانين. وأن أهمية ومكانة هذا الجهاز في التساوي والحماية المجتمعية والحفاظ على القانون يتطلب أضفاء عنصر القوة والتنظيم والاستقلالية عن مجلس القضاء الاعلى من خلال ايجاد صيغة عملية بين جهاز الادعاء العام ورئيس الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، بوضع لائحة تنظيمية وميثاق رئاسي برلماني للحفاظ على روح القانون وتطبيق مواده الدستورية في حماية الاموال العامة والاموال التي اضفى عليها القانون حماية من خلال المساس بمالية الجمعيات والنقابات والاتحادات والمنظمات وكذلك مشروعية قضايا العفو الخاص وقضايا الارهاب وتحريره من قبضة السلطة التنفيذية المنفردة بمساعدة القضاء أو تبعية السلطة القضائية وعدم الانفراد بالقرار من قبل رئيس مجلس القضاء الاعلى لتعارض ذلك مع حماية أموال المجتمع العراقي وابعاد السياسة الجنائية العليا عن الاتفاقات السياسية والمحاسبة القضائية وفق القانون في الدولة العراقية". وأضاف "أن بقاء سلب الصلاحيات من جهاز الادعاء العام وعدم وجود آلية تنظيمية لفك الارتباط بين جهاز الادعاء العام ومجلس القضاء الأعلى، وعدم جعلهُ جهازاً مستقلاً وشريكاً مع مجلس القضاء الاعلى وليس تابع او خاضعاً له هو خرق دستوري وقانوني وأضح وسوف يؤدي الى عدم فاعلية هذا الجهاز ودوره الاجتماعي في اصلاح الخلل في المنظومة السياسية والاقتصادية والتي هي انعكاسه واضحة للمنظومة الاجتماعية العامة، وان التلاعب بنصوص ومواد الدستور وعدم مراعاتها وخرقها في قضايا أصدار العفو الخاص وعدم وجود صيغة للعمل المشترك لجهاز الادعاء العام في متابعة وارجاع الاموال المهربة من الخارج أو المسروقة في الداخل أو أطلاق سراح بعض الارهابين أو المحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والاداري .دون وجود ممثل حقيقي مستقل لمراقبة مشروعية هذه القوانين القرارات الخاصة، يعتبر مخالف ومعيب في الانظمة الديمقراطية ،باعتبار رئيس الجمهورية حامي الدستور ومن الصفات التي يتحلى بها رئيس الجمهورية العدالة. وان عدم ممارسة هذه الوظيفة بالشكل القانوني والدستوري هو تنصل من المسؤولية الملقاة على عاتق حماة الدستور والقانون.
أن اساس حدود السلطات الاتحادية هو الفصل بين السلطات بحكم الدستور، وتكمن أهمية ودور الشراكة بين جهاز الادعاء العام الذي هو جزء من السلطة القضائية مع السلطة التنفيذية في مسائل حماية مالية الدولة والمؤسسات الحكومية والشركات العامة والاسرة من (العوز والفاقة) والطفولة من (التشرد والتسول) هي خروقات قانونية وأوضاع اجتماعية تحتاج الى جهاز فعال ومستقل ولا نتكلم عن الحقوق الخاصة التي يقررها القضاء العادي، عسى أن تلقي دعواتنا اذان صاغية من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات القانونية والحقوقية والمؤسسات الإعلامية للترويج لهذه الأفكار، ضمن مذاهب واتجاهات العدالة الاجتماعية في العراق، بعيداً عن ثقافة دكتاتورية السلطة القضائية المرهوبة من السلطة التنفيذية والموروثة من الانظمة السابقة.
- الباحث والكاتب الصحفي عبد الرضا الحميد تحدث عن استقلالية القضاء العراقي قائلا:
القضاء العراقي ليس مستقلا بالمرة، فالاستقلالية ناتج لخيار دستوري وطني وليس ناتج خيارات قوات محتلة، ومن المعروف ان مدحة المحمود قد عين بصك احتلالي وقعه بريمر رئيسا للقضاء العراقي مدى الحياة، وهذا امر يشبه تعيين عيدي امين لنفسه رئيسا لاوغندا مدى الحياة ولايفترق كثيرا. ومن جهة اخرى فالبنية التكوينية للقضاء العراقي قامت على نسق محاصصاتي بغيض، ونتيجة الكذبة الخطيرة المسماة بالتوافق بين الكتل القابضة على عنق العراق ولم تقم على اساس المكنة والدربة والخبرة القضائية، وحال كهذه جعلت القضاء العراقي رهينا بأهواء الكتل السياسية التي دفعت بمن يمثلها الى داخل الكابينة القضائية.
وعن دور الادعاء العام أضاف "وهل ثمة ادعاء عام في العراق؟
ثمة دكان بهذا التوصيف ينتفع عطاروه بالامتيازات فقط ولا دور لهم في النيابة عن الشعب العراقي في تحصيل حقوقه. هل لي ان اتساءل اين الادعاء العام من ملفات الفساد الخطيرة ومن الفاسدين بدءا من ايهم السامرائي وزير الكهرباء الاسبق الذي هرب بمليار وست مئة مليون دولار بواسطة السفارة الاميركية وتبجح في واشنطن علنا بانه تبرع بمليون دولار لحملة بوش الابن الانتخابية، ومرورا بفلاح السوداني وزير التجارة وانتهاء بهيثم شغاتي الجندي في الحرس الوطني قبل بضع سنين الذي استحال ثالث اغنى اغنياء العراق" . واكد على " ان تكون التشريعات في النسق الديمقراطي ناتج حاجة اجتماعية او اقتصادية او سياسية تحت مظلة الدستور، لكن اذا كان الدستور نفسه يعاني من اختلالات خطيرة فكيف يمكن ان تخرج تشريعات رصينة؟
لقد حرم المشرع اصدار اي تشريع يخالف الاسلام اولا والديمقراطية ثانيا وحقوق الانسان ثالثا مع علمنا ان الاسلام والديمقراطية خطان مستقيمان لا يلتقيان ابدا. ما من ضوابط دستورية رصينة في الدستور انما اهواء كتل سياسية فصلت هذه الوثيقة على مقاساتها واستفتى الشعب عليها من دون ان يقرأها وهذه من فضائح العملية السياسية الكبرى". وعن دور الرقابة الدستورية قال " اظن ان المحكمة الاتحادية او المحكمة الدستورية مكلفة بهذا دستوريا، لكنها لا تمارس واجباتها الا كمخفر للشرطة متى جاءه مشتك حرر له محضرا، فلم ار ولم اسمع بتدخل ايجابي او سلبي لهذه المحكمة جراء الخروقات الدستورية الشنيعة في عهد نوري المالكي مثلا".
- الخبير القضائي المحامي هادي الجساس تحدث قائلا:
ان الاحتلال الامريكي وضع خطة ممنهجة تمكنه من سهولة السيطرة على بلد كالعراق المعروف ببعض الخصال الثورية التي تربى شعبه عليها طوال الخمسين او الستين عقدا المنصرمة ان لم اقل قبلها بكثير ولذلك عمد ومن خلال اذناب له جندهم لخدمة وتنفيذ مخططاته الخبيثة وبالنتيجة فهم رسموا خطة متكاملة عبر مؤتمري لندن وصلاح الدين الذان عقدا قبل الاحتلال بحيث وزعوا الادوار فيما بين الاحزاب والكتل السياسية ورسموا المحاصصة الحزبية بدقة متناهية مع احتفاظ الاحتلال ببعض الحقوق التي اعطوها لأنفسهم. فكانت السلطة القضائية متمثلة برئيسها الحالي من حصة الاحتلال الامريكي وهذا ما يفسر استمرار رئيس السلطة القضائية بمنصبه رغم تجاوزه السن القانونية التي حددها الدستور للقضاة. وعن دور الادعاء العام اضاف " ان الادعاء العام الذي يعتبر حلقة مفصلية من حلقات السلطة القضائية اصبح دوره معطلا بالكامل ذلك لكونه تغاضى ويتغاضى عن عمد وباستمرار عن القيام بدوره المطالب به دستوريا ولذلك نراه قد غض الطرف عن بعض النواب الذين ظهروا في قنوات تلفزيونية يعلمون كيفية صنع المفخخات وبالتالي ونتيجة صفقات مشبوهة بين هذا النائب والسلطة التنفيذية فقد اعفي عنه واحتل مقعدا في مجلس النواب دون ان يحرك الادعاء العام ساكنا اضافة الى بعض الوزراء الذين اختلسوا اموال الشعب وهربوا بها ولم ينبس الادعاء العام ببنت شفه ناهيك عن ان رئيس جهاز الادعاء العام معين بوظيفته من قبل السلطة التنفيذية وهذا ما يجعله يأ تمر با وامرها ويمثل مصالحها دون الالتفات الى مصلحة البلد والشعب. وخير مثال على ذلك فان اعترافات توني بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق من ان قرار اشتراك بريطانيا في غزو العراق كان خطأ فادحا وبني على معلومات خاطئة وكذلك ما جاء بتقرير لجنة تشيلكوت المقدم الى مجلس العموم البريطاني بتاريخ ٦ / ٧ / ٢٠١٦ لم يستغلها جهاز الادعاء العام العراقي ويقيم الدعاوي للمطالبة بالتعويض عن الاضرار التي نجمت عن هذا الغزو والتي لحقت بالشعب العراقي والبنى التحتية للبلاد ومارافقه من تخريب وقتل وتهجير وخطف". وعن موضوعة التشريعات والقوانين وخضوعها الى الدستور اكد على " ان يكون كل تشريع وكل قانون متلائما مع ما جاء بمواد الدستور ، ولكن نجد ان هناك العديد من المبادئ الدستورية معطلة على وفق هوى الحكومة مثلما هناك الكثير من الممارسات والاجراءات الني تتخذها الحكومة والتي لا تتلائم مع مواد الدستور فخذ مثلا هناك المئات وربما الالاف من القابعين في السجون العراقية دون ان يصار الى محاكمتهم ومنذ فترات طويلة ناهيك عن وجود ابرياء داخل المعتقلات العراقية ويقضون فترات طويلة جدا دون محاكمة. وهناك الكثير والكثير من الاغتيالات السياسية والتصفيات الجسدية التي تحدث دون ان يأخذ الادعاء العام دوره المرسوم له قانونا تجاهها، كقضية بعض الناشطين من امثال هادي المهدي وجلال الشحماني وغيرهم. وبالنتيجة نخلص الى ان القضاء في العراق لايتمتع بأية استقلالية وانه قضاء تابع تسيره اهواء المحتل الامريكي والحكومة العراقية.
- اما الخبير القانوني فالح مكطوف فقد تحدث عن الاستقلال الشكلي للقضاء قائلا:
باعتقادي ان الموضوع بحاجة الى العودة الى الجذور، لان القضاء العراقي اليوم هو الابن الشرعي للقضاء في زمن النظام السابق، ذلك القضاء الذي راحت ضحية احكامه آلاف الأبرياء ولاسيما من السياسيين المعارضين، ولو اطلعت على احصائيات مؤسسة الشهداء السياسيين التي توثق السياسيين الذين تم تنفيذ حكم الإعدام بحقهم، وكذلك احصائيات مؤسسة السجناء السياسيين التي توثق عدد السجناء والمعتقلين لأسباب سياسية، لادركت ان القضاء كان الأداة اللينة بيد النظام السابق وان ذلك القضاء لم يتمتع باي استقلال بتاتا، وبالتالي فانه لم يترك أي ارث من الاستقلال لما بعده من حقب مستقبلية كحقبة بعد السقوط التي جاءت ولم تستلم ارث الاستقلال المزعوم. الا ان الملاحظ ان هنالك إشكالية بنيوية تكمن في تشتت الولاء بالنسبة لقضاء اليوم، فهو إضافة الى انه حافظ على تقليد التبعية للسلطة التنفيذية وورث هذه التبعية من النظام السابق فانه أيضا تميز عن ذلك القضاء بما اسميه (تشتت الولاء) بين الطوائف والقوميات وهو سلوك خفي ليس بيّن ولا يمكن اثباته ولكن يمكن استنتاجه من نتائج القرارات التي يتخذها. ومؤكد ان القضاء في العراق يختلف عن الدول التي اشرت اليها في سؤالك كونه في العراق شريك بالفساد على الاقل الفساد السلبي اي عدم اتخاذ الاحكام المناسبة وما يمسى بالامتناع عن اصدار الحكم، اما بالنسبة لموضوع التشتت فهو يقترن أيضا بالمحاباة للكتل والشخصيات السياسية ولو لا هذه المحاباة المفترضة لما ضاعت مليارات الدولات بين الفاسدين الذي اثروا بشكل غير معقول من سرقة المال العام غير المحروس من القضاء. فالقضاء لم يكن حارس بسبب افتقاره الى الأمانة والموضوعية والاستقلال، فهل تعتقد ان القضاء العراقي يستطيع ان يحاسب عضو من التيار الصدري او الدعوة اوالفضيلة او الكتلة الكردستانية او عضو من اتحاد القوى او العراقية؟
طبعا هذا القضاء الذي يحاسب الفاسدين هو قضاء الحلم الذي لن نراه في القريب العاجل. الحقيقة ان الدستور اقر الاستقلال الشكلي للقضاء ولكن ليس كل الذي في الدستور مطبق والدليل هي الحريات العامة التي يتم انتهاكها يوميا، اعتقد ان الرسالة التي تريد الدولة العراقية توجيهها للعالم هي: ان هنالك قضاء في العراق وكفى، اما عن شكل هذا القضاء وماهيته فهذا موضوع اخر إضافة الى انه شأن داخلي من وجهة نظر الدولة العراقية وكل ما هو داخلي يمكن حله بالتوافق او المحاصصة اما بخصوص الادعاء العام فان دوره الذي كان يقتصر على الحق العام في القضايا الشخصية لا يمكن تفعيله في القضايا الاجتماعية الكبرى كالفساد المالي والإداري فهذا الادعاء لن يجرء على ممارسة أي دور كونه تابع لذات المنظومة فلا تنتظر عدالة قريبة من هكذا قضاء. اما عن موضوع الديمقراطية فهي ديمقراطية لتبادل الفاسدين.
- الناشطة في مجال حقوق الانسان كفاح بدران الفتلاوي تحدثت عن تسييس القضاء بالقول:
القضاء العراقي مسيس وتتحكم به الأحزاب المتنفذة. وذلك بسبب خضوعه لأوامر الكتل الكبيرة. ما أدى إلى استشراء الفساد في كافة مفاصل الدولة، لان اذا فسد القضاء فسد كل شيء . وتصبح المافيات هي التي تتحكم بمصير الشعب. وفساد القضاء يؤدي الى فساد المؤسسات الأخرى، مثل مفوضية الانتخابات وهيئة النزاهة والوزارات الأمنية.
ان الباب الثاني من الدستور وردت فيه نصوص تؤكد على الحقوق المدنية والسياسية.
ونصت المادة (15) منه على أن لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية.
ولا يجوز لأ ية سلطة حرمان أي فرد من هذه الحقوق أو تقييدها الا وفق القانون وبقرار من جهة قضائية مختصة. ولضمان استقلال القضاء لابد من وجود قاض نزيه لا يسمح بالتدخل في شؤون القضاء وتعطيل العدالة. ويمكن ان تكون المرأة هي من يلعب هذا الدور في ظل الديمقراطية وبناء المجتمع المدني.
ومن المؤسف ان لا تحتل المرأة دورها في المجتمع حتى بعد سقوط الدكتاتورية، ولم نشاهد امرأة تحتل موقعا رياديا او رئاسيا لأي مؤسسة قضائية، ويعتبر ذلك خطأ فاضحا في تطبيق احكام الدستور. مع أن كل الدساتير العراقية نصت على مبدأ المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وهذه مفارقة كبرى. ولنتأمل ما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (ولما كان من الضروري أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكي لا يضطر المرء أخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم). فأين القضاء العراقي والقانون مما نحن فيه، انه الصمت المطبق حيال حقوقنا المهدورة، ذلك الذي دعانا للخروج الى ساحات التظاهر مطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد.
- الأستاذ صالح المحنه / رئيس المنتدى العراقي الأمريكي تحدث عن فساد المؤسسة القضائية قائلا :
ليس خافيا على أحد أن الفساد في العراق وبكل أشكاله أصبح تهمة ملازمة للسياسيين العراقيين في مختلف المواقع الحكومية والمناصب السياسية والمسؤوليات المتعددة وحتى الدينية منها وقلَّ مَنْ لاتنطبق عليه وتلاحقه تهمة الفساد..
والقضاء العراقي ليس في منأى من تلك الحالة المرضية.. مرّة بخضوعهم للإبتزاز السياسي من قبل المتنفذين في السلطة ومرّة رغبتهم بالبقاء في المناصب وإقتفاء سلّم الثراء ولو على حساب شرف المهنة.. وهذا ليس إتهاماً عشوائيا بل بشهادات قضاة سابقين وسياسيين مطّلعين على المشهد السياسي العراقي وعن قرب وبعضهم من كان يعمل ضمن المؤسسة القضائية.
والشواهد كثيرة على ذلك فكم من قضية فساد مالي وسياسي وأمني ضد سياسيين معروفين مقرونة بالأدلّة الدامغة قد أُسدل الستار عليها وأهملت أو قُيدت ضد مجهول مع مثول الجاني أمامهم!؟
الفساد هو القاسم المشترك بين الجميع ولابديل لهم إلا طمطمة الملفات وإهمالها وتغطية سوءات بعضهم البعض.
وقد أجادوا اللعب على الشعب والتلاعب بعواطفه ومشاعره بل وأتقنوا التفنن باختلاق الأزمات كلما تصاعدت عليهم الصيحات والانتقادات والمطالبات الجماهيرية.
وأخيرا عندما كشف وزير الدفاع أسماء بعض المفسدين وليس جميعهم وعلى رأسهم سليم الجبوري رئيس البرلمان إرتجت أركان البرلمان وتقطّعت أنفاس أعضاءه وزلزلوا زلزالا شديدا فكل واحد منهم شعر بأنه معني بالتهمة وحتى الذين خارج البرلمان من السياسيين انتابهم القلق والأرق الى أن زفَّ لهم البشرى عبد الستار البيرقدار المتحدّث باسم السلطة القضائية وأعلن براءة سليم الجبوري وإسقاط التهم عنه لعدم كفاية الأدلة!
ويعتبر هذا الحكم المتميز بالسرعة والدقّة هو رسالة إطمئنان لجميع السياسيين الفاسدين والسراق والذين فرّطوا بأرض العراق وثروات العراق ونساء العراق ...
شكراً للقضاء العراقي النزيه والعادل الذي يطبق عدالته بحذافيرها على من لا يخشون سطوته وبطشه.