د. غيـلان / سيدني
طريفة هذه الفتوى التي أطلقها مرشد الجمهورية الإسلامية السيد علي خامنئي ويدعو فيها الإيرانيين للحج إلى كربلاء بدلاً من مكة، والطرافة هنا فيما يذهب إليه تأويل الفتوى تاريخياً وفقهياً، فإذا كان المرشد يقصد الحج إلى "كربائيلو" فسيكون الأول في تاريخ الفرس يعترف بأن هذه المدينة هي" بيت الرب أو مشغله" وهو معنى كلمة كربائلو على وزن كلمة آربيئلو الآلهة الأربع في اللغة العراقية المُغيبة عربياً وفارسياً، وماذا تكون وجهة التأويل إذا كان المرشد يريد من الفتوى "كر وبلاء وهو المعنى الذي وصل إليه روزخونية أيام عاشوراء أي الأرض التي حدثت عليها واقعة الطف التي أُستشهد فيها الحسين كأبرز رسول للحرية ومقاومة الظلم، وفي هذا إن كان يقصده المرشد استبدال لمكانة الخالق بمكانة المخلوق وهذا لا يجيزه الفقه الإسلامي بتعدد مذاهبه.
طرافة أخرى في هذه الفتوى تعيدنا إلى قادسية عمر بن الخطاب الذي أمر سعد بن أبي وقاص بتوطين الجند في العراق بعدما انتهت القادسية إلى انتصار المسلمين على الفرس، توطين الجند ذاك جاء على حساب الهوية العراقية وفيها استبدال ديمغرافي لأجزاء واسعة من العراق مازال العراقيون يعانون من إشكالاته في البحث عن هويتهم المطمورة تحت التقاطعات، فهل يريد السيد الخامنئي فعل ما حققه الخليفة الثاني بحرب القادسية من توطين بحرب الحج هذه فيتوطن من يتوطن من الأيرانيين في العراق ويكون العراقيون حتى في حروب الله أول الخاسرين.
وطريفة أخرى مصدرها هذه الفتوى تتعلق بالتعدد المذهبي الذي كان يعيش بسلام فغالبية سنة العراق من الحنفية والشافعية وهم أقرب إلى الشيعة من المالكية والحنبلية، وحدث الشرخ بحرف المذاهب عن سياقاتها الاجتهادية نحو المقاصد السياسية فكان للسعودية ووهابييها تأثيرهم كما كان للإيرانيين ومذهبيتهم تأثيرهم ايضاً وكلا التأثيرين شكلا مصدر الشرخ بين سنة العراق وشيعته.
وجاءت فتوى الحج لتفتح بوابة القلق عند السنة من الضياع في الجوف الإيراني المفتوح بأعمق مدياته، وهذا سيدفع أجراسهم للقرع بحل الأقاليم، وهذا يلتقي مع تصريح رئيس المخابرات الأمريكية حول التقسيم والذي يستند إلى توسع الشرخ بين المكونات المذهبية، فتكون بذلك فتوى مرشد الدولة الإسلامية داينمو هذا التقسيم..