د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
اثارت انتباهي ظاهرة ما نسميه (اللوكية) وهي ظاهرة نفسية واجتماعية خطيرة امتدت للسياسة والثقافة والتربية والتعليم محليا ودوليا وانتشرت بين الذين نسميهم للأسف مثقفين واكاديميين اكثر من انتشارها بين صغار الموظفين وبسطاء الناس وهي ظاهرة انسانية عالمية لكننا تطرفنا في حجم تأثيرها على مسار الدولة ويبدو اننا ورثناها من مجالس الخلفاء والامراء والملوك والرؤساء المنحرفين وما كانت تفعله حاشيتهم وتعبث في مقدرات الناس والدول لأنها تتدخل باتخاذ قرارات غبية مصدرها اللوكية...!
وعند البحث في معنى (اللوكية) واسبابها وجدت مقالا جميلا للزميل داود الكعبي يتحدث عن هذه الظاهرة التي اصبحت وللأسف سمة للإدارة العليا ولإدارات الادنى بما فيها التخصصية في العراق حتى اصبح الشعار السائد وراء كل قرار لوكي يخدع المسؤول ويحوله سلم لرغبات اللوكي ومن معه ولذلك نخسر طاقات ونفرط بمخلصين لان اللوكي يرى ان علاج نقصه وفشله يتم بسحق الاخرين بكل الطرق واخطرها اساليب النفاق والتملق والافتراء والكذب وبهذا يخسر الكل المسؤول ضميره والوطن لطاقاته وثرواته والرابح الوحيد هو اللوكي وهو ربح سخيف لان صاحبه مهما بلغ من المراتب والمناصب سيبقى يلعب هذا الدور مثل كلب الحراسة ينبح وينتظر العضم من اسياده..!
يقول زميلنا الكعبي (ان كلمة (لوكي) هي اكثر استخداماً في العراق، وهناك من يجيدها ويعرف كيف يستخدمها ليصل من خلالها الى مبتغاه وهدفه المنشود. وهذه الصفة، صفة (اللوكي) تعتبر ذميمة وتلتصق باخس الناس، والمجتمع من ناحيته لا يحترم من كانت هذه صفته وديدنه، اما علماء النفس فيعدون الشخصية (اللوكية) هي شخصية مركبة وتعاني من نقص وحرمان اضافة الى انها شخصية مهزوزة لا تمتلك القدرة على مواجهة الصعاب والاحتمالات وكذلك الصدمات، فتذهب الى الشخصية التي تفوقها او التي تترأس عليها تروم التملق والتقرب اليها في سبيل رضاها وكسب ودها، وبالتالي حصولها - أي شخصية اللوكي – مبتغاها. وبتعبير آخر ان (اللوكي) دائماً ما يكون قليل الحياء غير عابه بما يجري من حوله من امور بقدر ما تعنيه مصلحته الذاتية.). ويرى الكعبي (ان (للواكه) عدة مستويات، فضلاً عن المستويات او الصفات آنفة الذكر، فليس من الثابت دائماً ما يكون اللوكي هو من الرعية وعامة الناس، بل قد يكون بمنصب وزير لكنه (يتلوك) الى رئيس كتلته، او برلماني و(يتلوك) الى رئيس البرلمان او حزبي كبير و(يتلوك) الى رئيس حزبه، وهذا (اللوكي) قد يكون اكثر وعياً وثقافة ومعرفة وحامل شهادة اكاديمية، ومع ذلك (يتلوك) الى رئيس حزبه المنتمي اليه، ورئيس هذا الحزب ليس بالضرورة ان يكون منتخباً بقدر ما يكون معيناً، وانه اخذ منصب رئاسة الحزب بالوراثة، كما حدث في بعض احزابنا العراقية تماماً.).
ونختم مقالنا بذات التساؤل الذي ختم فيه الكعبي مقاله (وبعد هذا على من يقع اللوم، على السياسي، على (اللوكي)، على الظرف الحالي، لكنني متشاءم جداً لان اللواكة قد تصبح ظاهرة عامة، وبعضهم قد يستغل الامر فيؤسس حزباً باسم حزب اللواكة فيفوز في الانتخابات النيابية.) ونضيف ربما تؤسس مؤسسة مستقلة لرعاية اللوكية تحتسب لهم خدمات جهادية وتمنحهم اوسمة رفعية لمنجزاتهم العبقرية في مجالات (التلوك الوطني) وتقديم الخدمات في كل مجالات وتمنح لأولادهم واقاربهم تسهيلات في الدراسات العليا بدون مؤهلات وجوازات دبلوماسية لنشر فن (اللواكة ) دوليا لمحاربة الارهاب..
نعم زميلي الكعبي نحن نعيش في زمن اللوكية انه زمن الكوليرا بل الطوفان نواجهه بلا سفينة وبدون نوح وليس امامنا الا اللوكية فاما ان نصاحبهم فنربح الدنيا ونخسر انفسنا او نقاومهم ونرميهم بالأحذية فنخسر الدنيا ونربح انفسنا..
وللقراء حرية الاختيار في هذا الزمن المكلوبي..!؟