د. هاشم حسن التميمي/ بغداد
ادهشني وامتعني العرض الجميل لسيرة حياة الشاعر الكبير بدر شاكر السياب الذي قدمته مؤخرا اذاعة المحبة بجاذبية الاخراج وعذوبة الصوت ودقة المعلومة وامتزاج الموسيقى مع المعني وكنت اتقمص روح السياب واشاطره سكرات الموت ووجدت نفسي اصرخ نحن ايضا يا ابا غيلان غرباء يمزقنا الالم وتسحقنا احذية الحثالات من جهلة العالم ومجرميه...!
لا ادري لماذا انسجمت واندمجت مع صرخات الالم والحزن التي كان يطلقها الشاعر وهو يتأمل مشهد العراق من بعيد وهو على فراش الموت غريبا في المستشفى الاميري في الكويت يستعرض معاناة الجياع ويتامل محار الخليج وامواجه ونخيل شط العرب واعراش الكروم وكركرات الاطفال ويردد من اعماقه عراق عراق عراق وكانه ونحن مثله مثل الام التي فقدت وليدها الوحيد وسط الزحام وتبحث عنه بالعويل والنداء المرير:
عـراق، عـراق، عـراق
وتشعر بان العراق غريق يبحث عن من ينتشله من الغرباء الذين استوطنوا في مهد الحضارات وجردوها من جمالها وعراقة تراثها وقيمها ودمروا كل اشيائنا الجميلات كما كان يصرخ كاظم الساهر وكانه تنبا بغزوة الاغراب واخطرهم من يحمل جنسيتنا ويسرق ثرواتنا ويزج فلذات اكبادنا في محارق الموت وحول كل من تبقى على قيد الحياة لموتى بل شهداء بدون قبور يمشون على الارض مثل السكارى وماهم بسكارى يبحثون عن الخلاص ويرددون مع السياب عراق عراق عراق
اين انت يا عراق..!
اعتذر كتبت المقال على عجل قبل ان ادون اسم المخرج والمقدم وعرفت اسم المعد صباح جمعة فهم جميعا يستحقون التحية لإجادتهم للفن الاذاعي ولجهودهم في نشر المعرفة والثقافة بعد ان تخلت المدارس والجامعات والفضائيات عن ذلك وانشغلت بالصراعات وتحويل المناسبات الدينية ذات المواقف الانسانية العظيمة لطقوس من جلد الذات واللطم على الخدود.
وحث الناس لترك اعمالها والتفرغ للعويل والبحث عن عدو قديم للانتقام منه باسم العقيدة والدين اكرر تحياتي لإذاعة المحبة لأنها تنشر المحبة في عصر الكراهية لأنها السلاح الاهم في محاربة الارهاب والطائفية.