أ.د. داخل حسن جريو/ سيدني
يلاحظ من يراقب المشهد السياسي العراقي الراهن، ثمة تناقض في توجهات ورؤى الكتل السياسية المتصدية لإدارة البلاد وتصريف شؤون العباد حاليا، أولا بكيفية تحرير مدينة الموصل من براثن عصابات داعش الإرهابية، وتحديد الجهات التي ستشارك بتحريرها، وثانيا وهو الأهم ما ستؤول إليه محافظة نينوى بعد تحريرها، وما هو دور القوى الدولية والإقليمية بعملية التحرير ومرحلة ما بعد ذلك؟.
ففي موضوع عملية التحرير، يرى البعض ضرورة إبعاد قوات الحشد الشعبي من منطلق أنها ميليشيات طائفية قد تضمر شرا لسكان الموصل من المكون الطائفي الآخر بعد تحريرها، وهو امر لم تؤكده تماما عمليات تحرير الرمادي والفلوجة ومدن الأنبار الأخر بشكل واسع، إلاّ أنه لا ينكر حصول تجاوزات هنا أو هناك لبعض أفراد الحشد، ولكن هذه التجاوزات لا تقتصر على أفراد الحشد الشعبي، بل تشمل قوات البيشمركة الكردية التي يقال أنها قد مارست عمليات تطهير واسعة في الكثير من المدن والقرى العربية في كركوك وديالى ونينوى، وربما بعض أفراد الجيش والشرطة في جميع مناطق العمليات العسكرية، كما تناقلت ذلك وسائل الإعلام المختلفة، حيث تم تجاوزها والسيطرة عليها من قبل الحكومة المركزية.
ولاشك أن هكذا تجاوزات أمر مؤسف ومستهجنا في جميع الظروف والأحوال، إلاّ أنه لم يكن ذلك مستغربا إذ غالبا ما تعقب العمليات العسكرية في أي مكان وزمان في العالم بعض اعمال السلب والنهب وتصفية حسابات بقدر أو بإخر، وهو ما شهدناه في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 حيث نهبت متاحفه وجامعاته ومصارفه ومؤسسات أخرى كثيرة.
لذا لا نرى مبررا لإبعاد أية جهة عراقية او عربية أو إقليمية مستعدة للمشاركة بعملية تحرير الموصل تحت أمرة وقيادة القوات المسلحة العراقية بصنوفها المختلفة طبقا للسياقات العسكرية المعتادة، ذلك أن معركة الموصل معركة وطنية وإنسانية كبيرة يتوقع أن تفضي إلى نزوح أكثر من مليون نسمة، ولا يتوقف على نتائجها مصير مدينة الموصل فحسب، بل ومصير كل العراقيين في جميع مدنهم وقراهم في حاضرهم ومستقبلهم، وقد تنعكس نتائجها سلبا أو إيجابا على أمن المنطقة والعالم أجمع، عليه نرى ضورة حشد كل الطاقات المتاحة لتأمين دحر عدو متوحش بإقل الخسائر والأضرار، مما يستلزم شحذ الهمم وتشجيع المقاتلين والأخذ بأيديهم والإشادة بشجاعتهم وتضحياتهم، ورعاية عوائلهم وبخاصة عوائل الشهداء منهم. ونأمل أن يكون الحشد حشدا وطنيا يضم جميع العراقيين بقومياتهم واديانهم وطوائفهم، ولا يقتصر على ابناء الفقراء والكادحين من أبناء طائفة معينة الذين غالبا ما يكونوا وقود الحروب وضحاياه، بينما يقبع اساطين المال والسلطة في قصورهم الفارهة في منطقتهم الغبراء، يتنقلون في سيارات مصفحة، وتتنعم عوائلهم بالأمن والآمان بالعيش خارج العراق، إذ لم نسمع أن أيا من السياسيين أو من أفراد عوائلهم قد تعرض لأذى أو قد شارك فعلا بأية عملية عسكرية لتحرير أية مدينة عراقية، فهم لا يجيدون سوى نهب المال العام وعمليات النصب والإحتيال وممارسة كل اعمال الفساد والثرثرة عبر وسائل الإعلام، وزج أبناء الآخرين في آتون حروبهم.
وحيث أن قوات الحشد الشعبي بتشكيلاتها الحالية لا تختلف شكلا عن قوات البيشمركة الكردية، مع إن الأخيرة مليشيات مشكلة حصرا للكرد وتحديدا للحزبين الديمقراطي الكردستاني والإتحاد الوطني الكردستاني، ولا تخضع لسيطرة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، بل لسيطرة رئيس الإقليم وتوجهاته بما يتماشى ومصالح الإقليم المتطلع نحو الإنفصال والسعي لتشكيل الدولة الكردية دون أي إكتراث لمصلحة العراق وشعبه وما قد يتسبب ذلك في صراعات وكوارث لا يعلم إلاّ الله عقباها.
وكذا الحال بالنسبة للحشد العشائري وما يعرف بالحشد الوطني الذي يسعى بعض داعميه لتقويته بدعم تركي لإنشاء إقليم الموصل الذي يؤمل أن يلحق فيما بعد بالدولة التركية بدعوى ان الحكومة التركية قد إضطرت مرغمة لقبول نتائج إستفتاء أهالي الموصل عام 1925، بضمها إلى الدولة العراقية الفتية المشكلة عام 1921، وحيث تزعم الحكومة التركية أنه لم يعد هناك اليوم عراقا موحدا، فعليه ترى ضرورة إستيلائها على محافظة الموصل وربما الذهاب أبعد من ذلك بالإستيلاء على محافظة كركوك من منطلق أنها كانت يوما جزءا من ولاية الموصل إحدى ولايات الدولة العثمانية.
أما في المضمون فأن الحشد الشعبي يقاتل من منظور وطني عراقي لضمان وحدة العراق ارضا وسماءا ومياه، برغم إنفلات بعض عناصره بسبب قلة وعيهم وطبيعة تصرف الشخصية العراقية المنفلتة وسط الأزمات التي لا تنحصر بقومية او دين أو طائفة معينة، وهو ما شهدناه في كل حروب العراق ضد إيران عام 1980وفي غزو الكويت عام 1990 والغزو الأمريكي عام 2003 وما رافقها وأعقبها من أعمال سلب ونهب وتدمير فاق كل ما تناقلته بعض وسائل الإعلام المعادية للحشد الشعبي عن تصرفات بعض مقاتلي هذا الحشد. وبذلك لا نرى سببا لإبعاد الحشد الشعبي دون سواه عن عمليات تحرير الموصل، بل نراه حقا طبيعيا ان يشارك الحشد الشعبي في جميع عمليات التحرير في الموصل أو غيرها بوصفه فصيلا عسكريا عراقيا تحت أمرة وقيادة القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وبخاصة أن القوات العراقية قد أنهكتها الحروب المستمرة من زمن بعيد، وأن تشكيلاتها برغم عراقة المؤسسة العسكرية العراقية فقدت بعضا من مهنيتها وعقيدتها بسبب ما حل بها من خراب بعد غزو العراق وإحتلاله عام 2003، فهي والحالة هذه بأمس الحاجة إلى الدعم والإسناد الشعبي والعربي والإقليمي والدولي.
كنا نتمنى وما زلنا أن لا تكون هناك حاجة لتشكيلات عسكرية موازية لتشكيلات القوات العسكرية العراقية المسلحة النظامية تحت أية واجهة أو مسمى لما تحمل من مخاطر مستقبلية على أمن العراق وإستقراره بعد إنتفاء الحاجة إليها، والأدلة والشواخص على صحة ذلك كثيرة في العراق وسواه، ولعل ما يحصل في لبنان خير شاهد ودليل، إلاّ أن للضرورة أحكام كما يقال.
وفي جميع الأحوال يبقى هناك ثمة قلق مشروع يساور أذهان البعض من تشكيلات الحشد الشعبي لإحتمالات تحولها لاحقا إلى ما يشبه حرس الثورة الإيراني ذراع السلطة الإيرانية الحاكمة القوي، أو ما يشبه تشكيلات حزب الله في لبنان أداة الحزب الفاعلة في لبنان، لاسيما أنها تشكيلات حزبية في معظمها، ولاؤها الأول لأحزابها التي قد تتقاطع مصالحها مع مصلحة الحكومة لاحقا ، مما قد يؤدي إلى تمردها، كما حصل سابقا بين ما كان يعرف بجيش المهدي وحكومة نوري المالكي التي راح ضحيتها عشرات الضحايا، وما زال العداء مستحكما بين الجانبين على الرغم من انضواءهما تحت عباءة التحالف الوطني.
وهذه مسألة جديرة بالإهتمام والملاحظة من قبل من يعنيهم الأمر كي لا تخرج هذه التشكيلات عن إطار الأهداف المشكلة من أجلها، وأن لا تتعاظم قدراتها لدرجة يمكن أن تكون فيها ندا للقوات المسلحة الوطنية وان تكون تشكيلات مؤقتة إستدعت تشكيلها ظروف طارئة تزول بزوالها. وبرغم أهمية إسناد التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، ترى بعض الكتل السياسية العراقية ضرورة إبعادها عن معركة تحرير الموصل ربما إرضاءا للمصالح الإيرانية، إلى الحد بالتهديد بإستهداف جنودها، على الرغم أن مشاركتها بعلم ودعوة الحكومية العراقية وبالتنسيق معها، وهذا موقف مربك للعمليات العسكرية التي هي بأمس الحاجة لغطاء طيران التحالف الجوي ومساندته في العدة والعتاد، ينبغي تجاوزه بتغليب مصلحة العراق على جميع المصالح الفئوية الضيقة. كما ترى كتل سياسية أخرى ضرورة إبعاد إيران ايضا عن أية جهود لتحرير مدينة الموصل، توجسا من مساندتها لأطراف سياسية من طائفة معينة على حساب أطراف سياسية من طائفة أخرى.
ويبقى وجود القوات التركية في مدينة بعشيقة التي دخلت الأراضي العراقية دون علم الحكومة العراقية وبدون دعوة منها، هو ألأخطر في هذا السيناريو، في ضوء تجدد نزعات أطماع عثمانية متجذرة في وجدان بعض الساسة الأتراك المتطلعين لإحياء أمجاد دولتهم العثمانية البغيضة، أو في الأقل إستعادة ولاية الموصل التي تخلصت من حكمهم الجائر عام 1925 في إستفتاء شعبي حر لأهالي الموصل وبإشراف دولي أكدوا فيه عراقيتهم ورغبتهم بأن تكون الموصل جزءا من المملكة العراقية الفتية حينذاك.
ويبدو أن حكام تركيا من قادة حزب العدالة والتنمية الجدد لم يرق لهم ذلك، وإعتقدوا أنهم قد وجدوا ضالتهم الآن لتحقيق حلمهم بالإستيلاء على الموصل بعد أن مهدوا لذلك بدعم الجماعات الإرهابية المسلحة وتسهيل عبورها إلى الأراضي العراقية، وتوفير الدعم اللوجستي والملاذات الآمنة لهم ولعوائلهم، بالتعاون والتنسيق مع بعض حكام دول ومشايخ الخليج العربي، وبخاصة السعودية وقطر ممن أعماهم الحقد الطائفي لتدمير العراق وتشريد أهله ،وكأنهم قد نسوا أو على الأرجح تناسوا أن مأساة العراق قد كانوا السبب الرئيس فيها، حيث إنطلقت القوات الأمريكية الغازية من بلدانهم فإحتلال العراق وتدميره عام 2003، دون أي إكتراث لإنعكاسات ذلك على ألأمن القومي العربي بعامة وأمن دولهم بخاصة ،حيث جندوا آلاف الإرهابين من دولهم ومدوهم بالمال والسلاح، فضلا عن عمليات غسل أدمغتهم بدعاوى الجهاد في سبيل الله.
يصر رجب طيب أوردغان الرئيس التركي على وجود قواته المحتلة للمشاركة في عملية تحرير الموصل، بدعوى محاربة الإرهاب في العراق، تارة بدعوة تلقاها من محافظ الموصل السابق، وتارة بدعوة من رئيس إقليم كردستان، وكأن العراق دولة بدون حكومة مركزية تتبادل معها تركيا السفراء وتبرم معها الإتفاقات النفطية والتجارية.
أما كان الأجدر بأوردغان إستحصال موافقة الحكومة العراقية ذات السيادة على أراضيها، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني الدور التركي المساند للإرهاب في العراق وسورية، حيث فتحت تركيا حدودها لدخول الإرهابيين من شتى دول العالم إلى كل من العراق وسورية، قبل أن ينقلب السحر على الساحر ويضرب الأرهاب تركيا نفسها كما هو متوقع.
ولو كانت تركيا حقا جادة في محاربة الأرهاب ومنزه من نوايا السوء والأطماع، لأستحصلت موافقة العراق بتواجدها وإنضمامها إلى قوات التحالف الدولي الذي تقوده حليفتها الستراتيجية الولايات المتحدة الأمريكية.
وثمة مسؤولية قانونية تتحملها الإدارة الأمريكية التي ترتبط بإتفاقية أمنية مع العراق لحفظ أمنه وصيانة حدوده من أي إختراق خارجي، بإخراج القوات التركية المحتلة من العراق،كما يتحمل مجلس الأمن الدولي مسؤولية قانونية بإخراج هذه القوات كونها تمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين، وتتحمل جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي مسؤولية أخلاقية كون ذلك يمثل عدوانا على بلد عربي وإسلامي وعضو فاعل في هاتين المنظمتين.
والمؤسف حقا أن نرى أن بعض القوى السياسية برغم خطورة ما يواجه العراق حاليا من كوارث وأزمات ما زالت تتأرجح بين هذا وذاك ، وهذه القوى غير صادقة النوايا ومتخاصمة مع ذاتها ومع الآخرين ،تسيرها غرائزها وأطماعها، وتتلاقفها الدول لتجعل منها مطايا لخدمة مصالحها،. وجدت الدول الإقليمية والدولية في العراق مرتعا خصبا لتصفية حساباتها مع بعضها البعض دون أي إكتراث لمصالح العراق وشعبه وما لحق ويلحق به من دمار هائل.
وما زالت هذه الدول تؤجج الصراعات فيما بين ابناء العراق في السر والعلن برغم دعاوى الكثير منها الحرص على العراق ووحدة أراضيه ومساعدته بمحاربة الإرهاب كجزء من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية التي هي الأخرى لم تحرك ساكنا عند إحتلال داعش لمحافظة الموصل وثلث الأراضي العراقية في بادئ الأمر للحد من تدفق الإرهابيين على العراق جهارا نهارا، مما مكنهم من إحتلال مدينة الموصل وثلث الأراضي العراقية بكل يسر وسهولة.
ولا يتردد كثيرون بإتهام الإدارة الأمريكية بأنها وراء هذه الهجمة الإرهابية لإعادة ترتيب أوضاع العراق بعد إنهاكه أكثر ليتقبل ما ستفرضه عليه هذه الإدارة من حلول وبما يتوافق والمصالح الأمريكية في العراق ومنطقة الشرق الأوسط.
ولعل مشروع إقليم نينوى الذي يروج له البعض لتفتيت المحافظة إلى عدة محافظات عرقية وطائفية أحد هذه الحلول بدعوى توفير الملاذات الآمنة لأقليات الموصل، وتوسيع سلطة إقليم كردستان الحليف المضمون للولايات المتحدة الأمريكية وموطئ قدم ثابت لها في المنطقة حاضرا ومستقبلا لضمان أمن الكيان الصهيوني والمصالح الأمريكية.
كلف إحتلال الموصل العراق كثيرا في المال والأرواح دون أن يحاسب المسؤولين عن هذه الكارثة، على الرغم من تشكيل لجنة تحقيقية برلمانية لتحديد أوجه التقصير التي أفضت لإحتلال محافظة نينوى والجهات المسؤولة عن ذلك لإتخاذ الإجراءات اللازمة بحقها، إلاّ ان أحدا لم يحرك ساكنا حيث سجلت الدعوى ضد مجهول، لا بل أن الكثير منهم مازال في مواقع المسؤولية الأمامية دون خجل أو وجل، غير مكترثين لما نجم عن هذا الإحتلال البغيض من دمار شامل في البنى التحتية لعدد كبير من قرى ومدن العراق وإستنزاف موارده، وتشريد وإزهاق أرواح الآلاف من أبنائه، وهدم النسيج الإجتماعي والحضاري لمحافظة نينوى التي تضم قوميات وأديان وطوائف مختلفة كانت تعيش مع بعضها آلاف السنيين في أمن وسلام، وذلك بإثارة كل أشكال الحقد والكراهية والضغينة فيما بينها لدرجة هتك الأعراض وسبي النساء وبيعهن في سوق النخاسة، ونهب الممتلكات وتهجير الناس من ارض الأباء والأجداد قسرا من قبل نفر ضال جاء الكثير منهم من وراء الحدود من شتى الأجناس ممن لا يمتون للعراق بصلة.
حفرت أعمال الإرهابيين الوحشية هذه ندبا سوداء في ضمير ووجدان الكثير من أبناء مكونات سكان محافظة نينوى ليس من السهل أن تندمل جروحها لاسيما أن أعمال الجماعات الإرهابية لم تتوقف بعد، وأن الخطاب السياسي العراقي لم يرتق هو الآخر بعد إلى المستوى الوطني المطلوب العابر للخلافات الأثنية والدينية والطائفية، الجامع للهوية المدنية الوطنية، حيث وجد البعض فيها فرصة ذهبية لتحقيق أغراضه الضيقة والتمدد في بعض قرى ومدن محافظة نينوى على حساب الآخرين الذين وجد فيهم ضعفا في الوقت الحاضر بسبب إنقسامهم وتشرذمهم.
أحدث إحتلال محافظة نينوى شرخا واسعا في العلاقات المجتمعية بين أبناء محافظة نينوى من المكونات المختلفة، حيث هتكت أعراض وسلبت ممتلكات، وهدمت مراقد دينية مقدسة وأزيلت معالم حضارية وتاريخية مهمة، وزرعت أحقاد وكراهية في النفوس ومورست عمليات تطهير عرقي وديني وطائفي في بعض قرى ومدن المحافظة، وهذه جميعها تتطلب قدرا عاليا من الحكمة لمعالجتها بعد تحرير محافظة نينوى، منعا لتصفيات حسابات وثأر بين هذه المكونات،حيث لم يسمح لسكانها العرب الذين نزحوا منها هربا من بطش عصابات داعش، بالعودة إلى ديارهم بعد تحرير مدنهم، كما تشير لذلك حاليا بعض وكالات الأنباء في بعض القرى والمدن التي تم تحريرها من عصابات داعش.
ويأتي ذلك تنفيذا لبرامج جهات سياسية كردية تدفع بهذا الإتجاه تمهيدا لضمها إلى إقليم كردستان بدعاوى عائديتها للإقليم، مما يستلزم إفراغها من بعض سكانها العرب بدعوى محاربة الإرهاب، وتوفير الملاذات الآمنة لبعض مكوناتها من الكرد والمسيحيين والأزيديين والشبك؟.
ويحدونا الأمل أن تخلص النويا وتتطهر النفوس من كل أشكال الحقد والضغينة وترسبات الماضي لبلورة موقف وطني عراقي واضح لا تخطلط فيه الأورق وتتداخل الخنادق وتضيع فيه بوصلة الطريق القويم، وأن يكون تحرير مدينة الموصل مدخلا لمصالحة وطنية حقيقية شاملة لجميع العراقيين بمختلف قومياتهم وأديانهم وطوائفهم، وإسدال الستار على كل جروح الماضي ومآسيه، ونشر الحب والمودة والتسامح بين كل أبنائه، والقصاص العادل من الفاسدين والمفسدين وكل من أرتكب جرما بحق العراقيين، على وفق مبادئ الأرض وعدالة السماء. ليبقى حب العراق في شغاف القلب وحدقات العيون، حفظ الله العراق وشعبه من كل شر، انه على كل شئ قدير.