رعد زامل/ ميسان
1
أحدقُ في المرايا
وأضحك
على انعكاس
الدموع .
2 في مثل هذه العتمة
من كل مرآة
يحدث
أن يهبط الشاعر
من بطن أمه
وخلفه على الأثر
أو معه – لا فرق –
يهبط ذلك الشرطي
الذي كان
يعد الأنفاس عليه
في المشيمة.
3
ما عاد في الإطلال
ما يثير رغبة الوقوف
كما ليس في المرايا
ما يوقظ شهوة التحديق
فها انذا..
كلما حدقت
وأوشكت أن أضع
حول عنقي
رباطه الجميل
باغتني من قعر المرايا
ذلك
الشرطي
وهو يلوح لي
بحبل المشنقة
من جديد.
4
ينبعث من عمق المرايا
دخان كثيف
بينما الرماد على السطح
والرأس في الرماد
يشتعل شيبا
هكذا تبدأ
بزحفها الحرائق
ثم لا احد
يضع حدا ً لهذا اللهيب
وهئنذا كلما حدقت
وهشمت المرايا بالعويل
عكست شظاياها المتناثرة
صورة ذلك الشبح
الذي يسمونه الحرب
وهو يضرم النيران
في ما تبقى من
أكواخ أهلي
الممتدة على ضفاف الذاكرة.
5
أحدق في المرايا
ولا أقوى
على مسح غبار الحروب
أحدق فيها
فأرى العقل
يمتطي صهوة الخيال
ويبدأ الزحف مدججا بالشكوك
في الطرف الآخر
من النزاع
أرى القلب
وهو يشحذ شرايينه
في خندق العاطفة
فثمة معارك ضارية
تدور رحاها
في هذا الوادي السحيق
الممتد من أقصى القلب
إلى عقلي
وأنا بين هذا وذاك
وكعادتي
أقف على الحياد
حاملاً غربتي والجرح
كراية استسلام!
6
أرى الليل يا صاحبي
تحت راسي ينام
فأصحو مع الحزن طفلا
وقد جف دمعي
وسالت بقايا الكلام
لماذا مع الصمت
تمضي قبيل الأوان
لماذا نخون الحقيقة
ونعوي بجوف الظلام
لماذا تخون المرايا
فلا تعكس الآن
هذا الحطام
لماذا يخون البراعم
هذا الربيع
لماذا تجف المراعي
وتخبو المزامير
لماذا إلى الموت
نمضي
قطيعا وراء القطيع
أيا صاحبي
فرقتنا الأعاصير
فيا صاحبي
لا تسل عن مصير الحمام
وعن انقطاع الرسائل
إنما الأرض
إنما الأرض زنزانة
والمواطن فيها أسير.