عدنان الفضلي/ بغداد
بعد ان كانت حصراً على المؤسسات الداعمة للحزب الشمولي الواحد، ونظام حكمه البائد الذي أسسه وفق أساليب قمعية لا ترى ان يكون هناك "آخر"، ظهرت في المشهد الثقافي العراقي بوادر كيانات تحاول ان تؤسس لحراك وحوار متعدد، حيث اعلنت اكثر من مؤسسة او جهة ثقافية عن تبنيها لمحور ثقافي او فكري من خلال تأسيس منتدى او ملتقى او نادٍ، يعمل على اعادة الروح الى الثقافة العراقية من خلال نشاطات وفعاليات متعددة ومتنوعة. ومثال على ذلك ظهرت في إتحاد الأدباء ملتقيات كثيرة ساهمت في أعادة تدوير عجلة الثقافة العراقية بعد ركود كبير أبان الحكم العفلقي البغيض، ومن أبرزها نادي الشعر وملتقى الخميس الإبداعي وملتقى الإذاعيين والتلفزيونيين ومنتدى نازك الملائكة وملتقى السرد، وغيرها من الملتقيات الأخرى كما كان هناك حضور لملتقيات أخرى خارج خيمة اتحاد الأدباء، مثل جمعية الثقافة للجميع وملتقى بيتنا الثقافي.
برأيي المتواضع ان استنشاق هواء الحرية أمر صحي، كما ان تعدد الآراء واختلافها بروح شفافية أمر صحي ايضاً، فكيف اذا ما كان الامر يتعلق بالثقافة والادب والفن؟.. انا شخصيا مع تعدد هذه الملتقيات تحت مسمياتها شتى، والثقافة العراقية، ثقافة عريقة عرفت بهذا التعدد فيما يخص الملتقيات والمنتديات، والندوات.. الخ من المسميات.. لكن هناك سؤالا يطرح نفسه، من الذي يقف وراءها؟، ومن هو المؤسس الحقيقي لها في ظرفنا الحالي بالذات؟. ماهو توجهها، من يمولها، وماهي طروحاتها وما الذي تبتغيه؟.. فقط هذه النقاط يجب ترك أسئلة قبالتها لتمييز الهادف لثقافة عراقية خالصة، ومعرفة الذي يريد بث ثقافة لا تنتمي للثقافة العراقية؟.
اعتقد ان ألق الثقافة لايقف على عدد المسميات من المنتديات والملتقيات بقدر مايتعلق بالبرنامج الذي يخدم العملية الثقافية ويسهم في خلق الابداع الثقافي وتسمية الرموز الثقافية التي من شأنها ان تبث اسسا راسخة لثقافة عراقية راسخة، وفسح المجال لكل من باستطاعته ان يضيف الانجاز ويثابر ويجتهد في ارساء التقاليد في المجالات الثقافية والفنية ويحقق تهذيباً للذائقة. فالعراق غني بالنفط لكنه أغنى بالثقافة، وبما ان للنفط مصدّرين لانه ثروة مادية.. لمَ لم يكن للثقافة مصدّرون ايضاً.
علينا و - هكذا اعتقد- ان نلتفت لمثقفينا ونهيئ لهم اجواء صحية، ونمنحهم كل مايستطيعون من خلاله ان يرسخوا لثقافة عراقية اصيلة حافلة بالابداع.. ولتكن هناك منتديات وملتقيات عدة، لكن ان تصب في مصلحة العراق وتاريخه وحضارته.
وليكن هناك جدل، واسهامات وتنظيرات واختلافات، لكن يجب ان تكون هذه المسميات مؤطرة باسم الثقافة العراقية الخالصة مثلما تفعل كل دول العالم. كما ان من بديهيات الثقافة شمولها على الشعر والرواية والقصة وفنون الغناء والموسيقى والرسم، لذا فان انبثاق اكثر من ملتقى وندوات وحوارات ستسهم اسهاما كبيرا في إنماء بذرة الثقافة بكافة اشكالها وتسمو بالمتلقين الى بهاء الثقافة التي تحتضن الانسان وتودعه في خانة الفكر السامي الرفيع.
ان الفن في معناه الشمولي شعرا وادبا وموسيقى وغناء وتمثيلا، يسمو بالنفس البشرية لكي تكون في اسمى حالاتها اللائقة بتسمية الانسان والانسانية، وعليه من وجهة نظري ان نسهم عبر التواجد في هكذا ملتقيات، حتى نجني فائدة حقيقية تؤسس لتعدد الآراء الثقافية العراقية المخلصة لهذا الوطن وشعبه وثقافته.