نورالدين مدني/سيدني
يشهد القراء الأعزاء أنني تحفظت علي دخول السودان في تحالفات ومعارك لا ناقة له فيها ولا جمل، وقلت أكثر من مرة إن الأهم إعمار علاقات الحكومة مع أهل السودان. ليس معني هذا أنني من أنصار الإنكفاء علي الذات في عالم لم يعد فيه من الممكن الانعزال عن المستجدات الإقليمية والدولية .. إنما لابد من حسن التعامل مع هذه المستجدات والمتغيرات المحيطة. هذه الأيام أتحسرعلى مجموعة دول عدم الغنحياز التي كان السودان التليد أحد مؤسسيها في عهد الزعيم اسماعيل الازهري رحمة الله عليه، خاصة بعد سقوط الأيديولوجيات وصعود التيارات الشعوبية العنصرية من جديد.
أقول هذا بمناسبة إستمرار الاختناقات السياسية والإقتصادية والخدمية المتفاقمة في السودان رغم دخوله في التحالفات الفوقية التي فجرت الأماني السندسية والأحلام الإقتصادية التي لم تخرج السودان من عنق الزجاجة. المتابع للأوضاع الداخلية في السودان يقتله الأسي علي الأحوال المعيشية والخدمية في شتي مجالات الحياة اليومية، وتشهد علي ذلك التقارير الصحفية التي تفجعنا كل يوم جديد بأزمة متفاقمة. قد لا يصدق القارئ البعيد عن السودان وجود أزمة مياه تتجدد بصورة مستمرة في بعض مناطق الخرطوم - آرض النيلين - كما حدث مؤخراً في حي الجامعة بالفتيحاب حيث تفاقمت إزمة المياه منذ أعوام كما جسدتها اليسع احمد في التقرير الصحفي الذي نشرته "السوداني" في عدد الثامن من ابريل الحالي والمفجع آكثر أن مسؤول المياه بمحطة أبوسعد عزا ذلك إلي أن الجموعية بمنطقة صالحة رفضوا إعطاء سكان حي الجامعة الماء لأنهم يعتبرون محطة المياه ملكية خاصة لهم.
في تقرير صحفي اخر أعدته رحاب فريني عن حالات إعسار وسط مزارعي القضارف وإهمال محصول الذرة - الغذاء الرئيسي لغالب أهل السودان بعد تراجع اسعاره مع زيادة أسعار المدخلات الزراعية الأمر الـذي يفاقم من حالات الإعسار وسط المزاعين ويهدد الموسم الزراعي المقبل.
تفاؤل العامري رصدت في تقرير صحفي اخر بعض مظاهر أزمة البنزين التي طالت الخرطوم الكبري لايام متتالية رغم التصريحات التطمينية التي أدلي بها وزيرالنفط محمد زايد عوض أمام البرلمان بعدم وجود أزمة في البنزين وأنه يوجد مخزون كاف من جميع المشتقات البترولية.. وآضاف قائلا ان السودان يصدر البنزين لإثيوبيا!!. ليس هذا فحسب فقد عادت قطوعات الكهرباء - رغم إنجازات وحدة السدود - وهي تمد لسانها للمسؤولين مع إشتداد درجات الحرارة هذه الأيام الأمر الذي دفع الناس للتندر علي حالهم مثل قولهم في الرسالة التي إنتشرت في وسائط التواصل الإجتماعي" انتو السودان معروش بزنكي ولا شنو؟!!". هذه عينة - غير مختارة - من بعض صنوف معاناة أهل السودان رغم كل الأماني السندسية والأحلام الإقتصادية، بسبب الفشل الظاهر في إدارة شؤون أهل السودان واللهث المحموم لكسب ود العالم الخارجي بلا طائل.