وخير جليس في الزمان كتاب
نداء ومناشدة لدعم مكتبة جامعة الموصل
أ.د. داخل حسن جريو/ عضو المجمع العلمي العراقي/سيدني
يعود تاريخ جامعة الموصل إلى العام 1959 م، بتأسيس كلية الطب، وبعدها كليات الهندسة والعلوم والآداب في العام 1963، وربطها بجامعة بغداد حتى العام 1967.
إكتملت هويتها العلمية والأكاديمية بإعلان تأسيس جامعة الموصل بموجب قانون جامعة الموصل ذي الرقم (14) لسنة 1967. وقد توسعت الجامعة على مدى سنوات عملها؛ فأصبحت تضم عشرين كلية، وسبعة مراكز بحثية، وستة مكاتب استشارية، وخمس عيادات ومستشفيات، وستة متاحف، وعدداً من المديريات والوحدات الفنية والإدارية.
وتعد جامعة الموصل أبرز الصروح العلمية والثقافية والفكرية في محافظة نينوى وثاني أكبر جامعة عراقية بعد جامعة بغداد.تحتفل جامعة الموصل بعيد تأسيسها في الأول من نيسان من كل عام، وقد إحتفلت هذا العام بيوبيلها الذهبي بعد مرور خمسين عاما على تأسيسها.
رفدت جامعة الموصل العراق والكثير من البلدان العربية بآلاف الخريجين المشهود لهم بالجودة والتميز في شتى التخصصات العلمية.
تعرضت جامعة الموصل بوصفها منارة العلم والفكر الحضاري المستنير الذي يقف عائقا بوجه الفكر الظلامي المتخلف، في أعقاب سقوط مدينة الموصل وإغتصابها من قبل الجماعات الإرهابية التكفيرية في العاشر من حزيران عام 2014 إلى أوسع حملة تخريب وتدمير منظم لم تشهد له مثيل أية مؤسسة تعليمية، ليس في العراق فحسب بل وفي جميع أرجاء العالم.
خسرت الجامعة الكثير من تاريخها وحاضرها بسبب ما إرتكبته عصابات داعش الإرهابية، فمشهد الدمار والأضرار واضح جداً للعيان في جميع كلياتها ومراكزها العلمية.
ولعل أهم ضرر لحق بها هو دمار المكتبة المركزية كما يؤكد ذلك رئيس جامعة الموصل في إحدى مقابلاته مع بعض وسائل الإعلام بقوله: "خسارة الجامعة كبيرة في المباني، لكن الخسارة الكبرى لها في المكتبة المركزية؛ فهي لا تعوض؛ لكونها تعد أفضل مكتبة جامعية على مستوى الجامعات العراقية، وكانت تضم أكثر من ( 70 ) ألف كتاب، وكماً هائلاً من أرشيف المجلات العلمية والبحثية والوثائق والمستندات الورقية والإلكترونية، فضلاً عن آلاف النسخ من المخطوطات النادرة والأثرية".
قامت عصابات داعش بإحراق المكتبة على شكل دفعات، فبين الحين والأخر كان يلقي بآلاف الكتب خارج الجامعة بداعي أنها منافية للشرع وتجلب الإلحاد، ليقوم بعد أشهر بإحراقها بشكل كامل، الامر الذي يدل على أن التبريرات التي إتخذتها كانت واهية، خاصة أن آلاف الكتب الإسلامية التي تحتويها مكتبة جامعة الموصل من بين الكتب المحروقة.
يُجمع أهالي الموصل على أن أكبر خسائر المدينة كانت بإحراق هذه المكتبة التي كانت تضم أكثر من نصف مليون مادة ثقافية من منشورات دورية وكتب وبحوث إحتوتها بنايتها الضخمة التي تتوسط مباني جامعة الموصل.
وتُعد المكتبة المركزية التي تأسست عام 1967 "مرجعا علمياً وبحثياً ثرياً"، وتحتوي على (88) مليون مطبوعة، بما في ذلك كتباً ورسائل جامعية ودوريات، وتضم جناحاً خاصاً للكتب والمخطوطات النادرة المتوفرة فقط لكبار الباحثين، هذا بالإضافة إلى جناح آخر للأرشفة الرقمية للكتب والإصدارات الدورية والوثائق والمخطوطات التي توثق تاريخ الموصل الحديث ربما لن تتم استعادتها ابدا؛ وانه ستكون دائما هنالك ثغرة سوداء في تاريخ الموصل والعراق نتيجة لذلك.
وتضم المكتبة أقساما ومكتبات فرعية كمكتبة آشور بانيبال ومكتبة ابن خلدون وغيرها من المراكز الثقافية والتاريخية، في مختلف المجالات العلمية والثقافية.
تشير بعض التقارير إلى ان اكثر من (100.000 ) مخطوطة ووثيقة نادرة تعود لقرون من التعليم تم تدميرها، من ضمنها مخطوطات ووثائق مسجلة لدى اليونسكو في قائمة النوادر.
تطوع الكثير من المثقفين والناشطين بإطلاق حملات عبر مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة للتبرع بالكتب والدوريات والمجلات العلمية وجمعها وإيصالها إلى جامعة الموصل كي تستعيد حيويتها ونشاطها العلمي.
وفي هذا السياق تشارك " اللجنة التحضيرية للجمعية الاكاديمية العراقية الاسترالية " في منتدى الجامعيين العراقي الاسترالي بالتنسيق مع " رابطة الاكاديميين العراقيين في المملكة المتحدة " في حملة لأعادة تأهيل المكتبة الوطنية في الموصل ومكتبة جامعة الموصل اللتين احالتهما همجية داعش وحلفائها الى انقاض وخرائب.
تتوجه الحملة الى الجامعات والمؤسسات الاكاديمية ومراكز البحث العلمي الاسترالية والمنظمات والشخصيات الاكاديمية العراقية والعربية في استراليا.
لذا نهيب بجميع الأكاديميين والمفكرين والمثقفين العراقيين في أستراليا بعامة، والعاملين منهم في المعاهد والكليات والجامعات الأسترالية بخاصة، بدعم هذه الحملة المباركة كل من موقعه وكل حسب مقدرته. ومن الله السداد والتوفيق.